أحلام ملوّنة
بقلم: سارةّ الغرايري
إشراف: فاطمة حامدي
لكلّ طفل هواية يمارسها عندما تتوق نفسه المرهقة إلى اللّهو والاستمتاع والتّرفيه عن النّفس عندما ترهقها الواجبات ، هواية بها يتجدّد النّشاط وبها تقوى العزيمة لتحقيق النّجاحات وبلوغ أعلى مراتب العلم والمعرفة .فكم أهوى التنّقّل في الأمكنة : في البرّ والبحر لأكتشف أسرار الكون الواسع الّذي لاتحدّ له رحاب .،فلكم كنت أغبط تلك الطّيور المحلّقة بأجنحتها وهي تجوب اتّساع الكون وتنعم بجماله وتلك الأسماك السّابحة في أعماق البحار والمحيطات وهي سابحة مستمتعة في علم الماء المديد .
وفي صباح ذات أحد من أيّام الصّيف كان أبي معنا ننعم بحضوره ونسعد، فساعات العمل الكثيرة غالبا ما تأخذه منّا كامل أيّام الأسبوع ،هاتفه أحد أصدقائه يدعوه إلى الخروج في رحلة بحريّة وكم كانت سعادتي كبيرة حين اقترح عليّ أبي مرافقته .
لبّينا النّداء ويمّمت خطواتنا المرفأ القريبة من منزلنا صعدنا المركب التّي انطلقت تشقّ عباب البحر بغية الوصول إلى ذلك الأفق البعيد حيث تعانق السّماء سطح الماء الّذي كان هادئا ساكنا يهدينا أعذب نسائمه وألطفها.نسائم عليلة منعشة أفعمت أرواحنا بروائح بعبير السّمك والطّحالب .
رمى أبي وصديقه الشّباك وبقيا ينتظران نصيبهما من خيرات البحر وكرمه وهما يعزفان على آلة العود التّي ترافق والدي كلّما خرج في فسحة بين أحظان الطّبيعة والّتي ينطلق من أوتارها لحن ينفذ إلى الوجدان ويرقص له مةج البحر طربا ، أمّا أنا فأخذت منظارا لأرى أسرار الأعماق فبدت لي سمكات أختلفت ألوانها وأحجامها تتراقص و تتوارى أحينا وراء صخور غطّتها طحالب ونباتات مائيّة اكتست من الألوان الأخضر والأزرق والأحمر وتزاحمت بذهني الأفكار والصّور الملوّنة بالأمنيات : ماذا لو ألقيت بنفسي في خضمّ البحر لأرى عن قرب ذلك البيت الفسيح الملوّن الّذي تسكنه تلك السّمكات وأطلب صداقتها وأترجّاها أن تقترب من الشّاطئ كي أراها كلّ يوم وأتسلّى معها فأنا أحسن فنّ الغوص والسّباحة ، أو لعلّه بتطوّر العلوم يصبح من الممكن ان يكون لي منزل شفّاف في أعماق البحار وتكون تلك السمكات وغيرها جارات لي منزل يتنقّل مع الموج بين البحار والمحيطات ومتى تشتاق نفسي إلى اليابسة أراني أرسي على شواطئ بلدان مختلفة فأرى صفحات العالم الجميلة .
صيحات فرح أطلقها والدي وصديقه قطعت عنّي شريطا ملوّنا بألوان أحلامي وأمنياتي لقد طفرا بخيرات جمّة وصيد وفير و سمك كثير علق بشباكهم . سحبا الشباك وبدأ السّمك يتطاير على سطح المركب يستجدي النّجاة . وبعد تلك السّاعات الممتعة التّي قضيناها في أعراض البحر عدنا إلى الشّاطئ بعد أن ودّعت تلك السمكات السّابحة التّي نجت من شبكة الصّيّادين يحدوني الأمل بأن أعود لأجدها في قادمات الأيّام .
سارةّ الغرايري في 14 ديسمبر 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق