اللؤلؤة سلحوفة
قصة للأطفال
بقلم : طلال
حسن
خرج أرنوب من البيت مبكراً ، ووقف برهة قرب
الباب ، لا يدري أين يذهب ، ولحقت به أمه هاتفة : ارنوب ، لا تبتعد كثيراً ،
فالثعلب يحوم في الجوار .
ولم يلتفت
ارنوب إلى أمه ، ومضى يسير على غير هدى ، ووقفت أمه تغمغم مذهولة : عجباً ، كأنه
لا يسمعني ، لابد أن في الأم شيئاً .
ورآه صديقه
سنجوب ، دون أن يلتفت إليه ، فهمّ أن يلحق به ، وهو يصيح : ارنوب ، تعال نلعب .
لكن ارنوب ،
وعلى غير عادته ، أشاح بوجهه عنه ، ومضى لا يلوي على شيء ، وتوقف سنجوب يغمغم : ما
الأمر ؟ آه لعلها صديقته الجديدة .. سلحوفة .
ومن بين
الأعشاب ، ندّ صوت خافت ، أهو الثعلب ؟ وتمنى أرنوب ، أن ينقض عليه الثعلب ، ويخلصه
مما هو فيه ، ومرقت قطاة بين الأعشاب ، ثم حلقت ترفرف بعيداً ، وواصل ارنوب سيره ،
على غير هدى ، حتى انتهى ، دون أن يدري ، إلى البحر .
مسكينة
سلحوفة ، فكر ارنوب ، ما ذنبها لتموت غرقاً ؟ وتراءت سلحوفة له ، تجلس إلى جانبه ،
تحت الشجرة ، والشمس تسطع لاهبة فوق البحر ، وهبت نسمة عذبة ، فقال ارنوب متثائباً
: سلحوفة .. غداً عيد ميلادي .. وأريد أن .. تهديني .. آآ ..
وابتسمت
سلحوفة ، وقالت مازحة : سأهديك القمر إذا أردت .
وأغمض سنجوب
عينيه ، اللتين أثقلهما النعاس ، وقال : لا .. أريد .. لؤلؤة .
والتمعت عينا
سلحوفة ، وقالت : لؤلؤة !
وتابع أرنوب
مازحاً ، وهو يغطس في النوم : اذهبي إلى ..أعماق البحر .. يا سلحوفة .. وجيئيني ..
بلؤلؤة .
واستغرق
ارنوب في النوم ، ولما أفاق لم يجد سلحوفة إلى جانبه ، وجحظت عيناه هلعاً ، حين
رأى آثار أقدامها فوق رمال الشاطىء ، متجهة في خط مستقيم ، نحو البحر .
وها هو الآن
على الشاطىء ، الشجرة وراءه ، وأمامه البحر ، وانتفض قلبه ، فقد ناداه صوت لن
ينساه : ارنوب .. أرنوب .
والتفت ارنوب
، واذا سلحوفة ، سلحوفة نفسها ، تقبل عليه من وراء الشجرة ، وصاح لاهثاً مذهولاً :
سلحوفة ! آه .
والتقط
أنفاسه ، وتابع قائلاً : حسبت أنك غرقت في أعماق البحر .
فقالت سلحوفة
: إنني سلحفاة بحرية .
ولاذت بالصمت
لحظة ، ثم قالت : سامحني ، يا ارنوب ، لقد بحثت لك طويلاً عن لؤلؤة ، في أعماق
البحر ، لكن دون جدوى .
لم يتمالك
ارنوب نفسه ، فضم سلحوفة بذراعيه المحبين ، وقال بصوت فرح ، مندى بالدموع : أنتِ
لؤلؤتي ، يا سلحوفة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق