لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الخميس، 6 سبتمبر 2018

"الحبّ الجميل " قصة للأطفال بقلم: فاطمة حامدي

الحبّ الجميل
فاطمة حامدي

تقودني الكلمات إلى الغرفة رقم سبعة –.وتستقر بي  عند ّ فراش طفلة صغيرة.  وتقدمت بي الخطوات القصيرة  نحوها واستقرّت أناملي  لتضمّ يدا صغيرة ملقاة حذو جسد  نحيف تضاءلت حركة الأنفاس فيه.  ...تبادلنا النّظراتِ ... همّت بالمصافحة غير أنّ يدها اليمنى  يشدّها أنبوب الدّواء.  انحنيت لها ومرّرت بيدي على شعرها النّاعم الطّويل الّذي تجمّع في ضفيرتين  أنيقتين   ، ثمّ جلست حذوها  وقدّمت لها نفسي وقلت : جئتك بقصص فهل ترغبين في التعرّف على أصدقاء جدد وتسمعين أخبارهم وتتلهَيْن بمتابعة مغامراتهم وتشاركينهم مرحهم وفرحهم وأحلامهم ..."

فأجابتني بابتسامة سبقت كلماتها القليلة الخافتة .:-" نعم ،أرغب في ذلك "

عمدت إلى  محفظتى وأخرجت منها قصصا كنت قد اخترتها بألوانها الزاهية وعناوين لها تبعث في نفس من يقرأها  الفرحة والبهجة أو تنشر الحبّ  والتّضامن .

 فـــتحرّكت الطّفلة في فراشها كأنّها تفتكّ من السُّقم لحظة فرح ..وساعدتها على أن تستوِيَ جالسة في فراشها ، ووضعت القصص  في حجرها فأظهرت رغبتها في تصفحها...ساعدتها على ذلك ...كنت أراقب تقاسيم وجهها فكم كانت  مستمتعة بين الصّفحات..وبعد وقت من الاختيار   مدّت لي قصّة عنوانها " الفراشة الشّاعرة "....سألتها فقلت وأنا أقترب منها وأمسح على تلك الضّفير المنسدلة على صدرها –":لماذا بنيّتي اختارت هذه القصّة " فأجابتني بصوتها الخافت الذّي يُقطّعُه السّعالُ المتواصلُ : - لقد أعجبتني الفراشة ... "

فهمت القصد والمقصود من الإجابة ... نعم فهي من كانت كالفراشة تلهو وتلعب لامبالية، تجري ،تركض ،تقفز  لولا المرض الّذي ألزمها الفراش و أقعدها وحدّ من حركتها و مرحها ولهوها .قالت لي :"-" لن أحضر الحفل المدرسي  فاليوم هو موعد تسلّم الجوائز  والدّفاتر في مدرستي . لقد اشتريت لهذا اليوم الموعود  فستانا ورديّا وحذاء  وأشرطة جميلة لشدّ ضفائري  ... ولكنّي لن أحضر..ولقد وعدتني سيّدتي بالجائزة وأنا بدوري بذلت أقصى الجهد في الامتحان لأنال الجائزة الأولى في المدرسة كما تعوّدت كلّ عام ....."بذلك حدّثني الطّفلة ذات التّسع سنوات. وكنت أنصت إلى كلماتها وأنا أغالب دموعا  في مقلتيّ غزيرة،وقلت لها –" لن تتأخّر معلّمتك عن زيارتك  وستأتيك بالجائزة فهي بدورها اليوم كم تمنّت أن تراك في الحفل المدرسي ولكنّ  الجسم أحيانا يتعطّل نشاط بعض الأغضاء منه،  فيحتاج إلى العلاج وعلينا أن نصبر ونتعاطى الدّواء  الذي يشير إليه الأطبّاء ....فلنا في المستشفى طبيبات أكفّاء وممرّضات لطيفات يعاملن الأطفال بلطف وحبّ كبير "

مدّت لي القصّة و بها رغبة في التّعرّف على ما تضمّه الصّفحات من حكايات . فقرأت لها قصّة الفراشة الشّاعرة و النّجمة السّاطعة:خرجت الفراشة و أخذها اللّهو حتّى ساعة متأخّرة من اليوم فأظلم الكون و كادت تتيه في سواد الليّل لولا نجمة متلألئة أنارت لها درب الوصول إلى بيتها ، فشكرتها  الفراشة بأجمل عبارات  الشّكر، غير أنّ النّجمة البعيدة العالية لم تسمعها ،  فحزّ في نفس الفراشة أن تودّع صديقتها النّجمة دون  أن تسمع منها كلمات  الشّكر، عندها فكّرت الفراشة  بأن تكتب لها قصيدة  فوق  بتلات وردة  مفتّحة ،فتتلألأ كلمات القصيدة تحت أنوار تلك النّجمة  فتسعد بكلمات الشّكر والثّناء متى تقرأها  :
 يا نجمتي يا ساطعة             وسط السّماء الشّاسعة     

أنت أضأ ت مسلكي           وكنت وحدي ضائعة

شكرا لك يا نجمتي يا رائعة

وقبل أن أودّع الطّفلة اطمة  أنشدت  لها :

"يا طفلتي يا باهيه                  أسأل لك العافية"

 لأجلك العيون  ساهرة               كي تعودي للدّار سالمة  "

المستشفى الجهوي حومة السّوق جربة- 17جوان2017 الموافق لـ22رمضان 1438

ليست هناك تعليقات: