أنتِ سلحفاة
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
" 1 "
ـــــــــــــــــــ
أفاقت السلحفاة البستانية ، عند الفجر ، كأن أحداً أيقظها في الموعد المحدد
، لتبدأ رحلتها الطويلة إلى البحر ، فسارت بهمة مبتعدة عن البستان ، وعيناها
تتطلعان إلى البعيد .
ومرت بأرنوب ، وكان يقضم جزرة ، فحياها :
صباح الخير .
ثم تساءل : إلى أين ؟
وردت السلحفاة البستانية ، دون أن تتوقف :
إلى البحر .
وتوقف أرنوب عن قضم جزرته ، ثم هزّ كتفيه ،
وقضم قضمة كبيرة ، وغمغم : يا للجنون .
" 2 "
ــــــــــــــــــ
واصلت السلحفاة البستانية طريقها ، لقد قالت
لها العمة دبة ، إن السلاحف البحرية ، وبعضها ضخم ، ضخم جداً ، تخرج من البحر ، في
مثل هذا الوقت ، وتضع بيضها في حفر ، تحفرها في رمال الشاطىء .
ولمحت السلحفاة البستانية دبدوب ، يدب مقبلاً
، وهو يترنم ، ويبدو أنه لم يرها ، وأوشك أن يسحقها ، فتوقفت مذعورة ، وصاحت :
دبدوب ، انتبه .
وانتبه دبدوب ، وتوقف في اللحظة الأخيرة ، ثم
انحنى يحدق فيها ، وقال : لو لم تصيحي لرحلتِ على الفور ، إلى العالم الآخر .
ثم اعتدل قليلاً ، وأضاف قائلاً : ما أصغركم
، أنتم السلاحف .
وردت السلحفاة البستانية معترضة : لسنا
جميعاً صغيرات الحجم ، إن بيننا سلاحف كبيرة ، كبيرة جداً ، ففي جزيرة ..
وقاطعها دبدوب ، وهو يمضي مبتعداً : هذا ما
تشيعه العمة دبة ، أنتم صغار ، وستبقون صغاراً ، رغم عمركم الطويل .
" 3 "
ــــــــــــــــــ
واصلت السلحفاة البستانية طريقها ، سائرة
بهمة يوماً بعد يوم ، حتى وصلت البحر ، وانهارت متعبة على الشاطىء .
وذات يوم ، عند الفجر ، انشق ماء البحر ،
وظهرت من بين الأمواج ، سلحفاة ضخمة ، ضخمة جداً ، وخرجت إلى الشاطىء ، سائرة
بخطواتها البطيئة العملاقة ، وحفرت في الرمال حفرة كبيرة ، ووضعت فيها بيضها ، ثم
قفلت عائدة إلى البحر .
وأسرعت السلحفاة البستانية إليها ، وخاطبتها
قائلة : مهلاً ، مهلاً ، أنا أعرفك ، أنت سلحفاة من جزيرة غالاباغوس .
وتوقفت السلحفاة الضخمة مبتسمة ، وقالت : لا
يا عزيزتي ، إنني أضخم من سلحفاة جزيرة غالاباغوس بكثير ، أنا من سلاحف البحار
الدافئة .
وتطلعت السلحفاة البستانية إليها ، وقالت
بنبرة حزن : أنتِ ترين ـ إنني سلحفاة صغيرة .
وربتت السلحفاة الضخمة عليها برفق ، وقالت :
دعكِ من هذا ، أنتِ سلحفاة ، يا عزيزتي ، نعم ، أنتِ سلحفاة بستانية .
السلاحف
: السلاحف نوعان برية وبحرية ، البرية تأكل
النباتات الخضراء والبزاق العريان والحشرات ، أما البحرية فتأكل اللحوم ، والسلاحف بعضها صغير ، والبعض الآخر كبير كسلاحف جزيرة غالاباغوس
، التي تزن " 275 " كيلوغراماً ، ولا تفوقها في الحجم سوى سلاحف البحار
الدافئة ، التي تزن الواحدة منها أكثر من طن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق