أنا أرنوب
طلال حسن
خرجت سلحوفة من البحر ، وسارت تتلفت بحذر على
الشاطىء ، وسرعان ما توقفت متحجرة ، فقد سمعت أحدهم يهتف بها : سلحوفة .
واستدارت سلحوفة لتهرب ، وتلوذ
بالبحر ، عندما برز أرنوب من وراء إحدى الأشجار ، وقال ، تمهلي ، أنا أرنوب .
وتوقفت سلحوفة ، وقالت : لقد
أخفتني .
واقترب أرنوب منها ، وهو يتلفت
بحذر ، وقال : عفواً ، يا صديقتي ، فلا أحد يعرف مثلي معنى الخوف ، فأنا أعيش في
خوف دائم .
وتنهدت سلحوفة متمتمة : آه .
وبصوت شاكٍ تابع أرنوب قائلاً :
إنني مطارد دائماً من الصقر والقاقم والثعلب والذئب والدب و ..
وسكت لحظة ، وقد دمعت عيناه ،
ثم قال : ليتك تأخذينني معك لنعيش معاً في أمان ، في أعماق البحر .
فردت سلحوفة قائلة : هذا محال ،
يا أرنوب ، فأنت لا يمكن أن تعيش إلا على اليابسة .
وأطرق أرنوب رأسه حزيناً ،
فأردفت سلحوفة قائلة : ثم إن البحر لا يقل خطورة عن الغابة ، فهو مليء أيضاً
بالوحوش القتلة ، مثل الأفاعي والقروش والحيتان القاتلة و ..
وهنا مرت مجموعة من الأرانب
الفتية ، تتراكض لاهية ، متضاحكة ، بين الأعشاب ، وأشرق وجه سلحوفة ، وقالت : أنظر
، يا أرنوب ، ها هم رفاقك ، رغم كلّ شيء ، يلهون ويضحكون ويعيشون .
وابتسمت سلحوفة ، عندما لمحت
أرنوب يتابع أرنوبة بلهفة ، وكانت تحجل وراء الأرانب ، فمدت يدها ، ولكزته مداعبة
، وقالت : ما أجمل أرنوبة ،هيا ، الحق بها ، وعش حياتك ، فاليوم الذي يمضي لا يعود
.
وسكتت سلحوفة ضاحكة ، فقبل أن
تنتهي من كلامها ، انطلق أرنوب بأقصى سرعته في أثر أرنوبة ، وهو يهتف : أرنوبة ،
انتظريني ، .. أنا أرنوب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق