النملة علمتني
بقلم: فاطمة هانم يعقوب
في صباح أحد أيام الربيع الساحرة جلس عمر فوق الحشائش الخضراء، وأسند ظهره الي جزع شجرة وارفة محملة بازهار
ارجوانيه مفرحة ، والنسمات الحانية تحمل اليه عبير أزهار الحديقة ، فتنعش روحه
وتجدد الهواء في رئتيه.
أخذ عمر نفس عميق فشعر بانتعاش ، كأن الهواء يتخلل كل جزيأت جسده ، فسرى في أعضائه نشاط غير عادي ...
نظر عمر الى كراسة الحساب التي جاء بها
معه ،والتي كان يحاول فيها حل مسالة الحساب الصعبة التي تحدى بها زملاءه
في الفصل .
كانت مسائل الحساب
صعبة والطويلة ذات خطوات كثيرة ، حاول عمر العودة اليها ، ليصل الى حلها ،ولكنه بعد
فترة قصيرة من الوقت تملكه اليأس و شعر بالملل ، ونفذ صبره فالقى با لكراسة على
الارض ووقف حائرا لا يدري ماذا يفعل .
تلفت عمر
حوله ناظرا الي جزع الشجرة.. فرأى صف طويل من النمل يسير في انتظام، وهمه ، ونشاط ، وبين مخلب كل واحدة منهن قطعة من
الخبز، يختلف حجمها بين صغير وكبير.
تتبع عمر الصف
باهتمام حتى مسافة طويلة فرأها تدخل الي جحر صغير في أعلي الشجرة ، عند فتحة صغيرة
يدخل اليها النمل بقطع الخبز ، ويخرج بسرعة ليعود الي اسفل الشجرة ويصعد بقطعة خبز
جديدة .
وقف عمر
يتأمل إحدي النملات ، وهي تحاول الدخول
بحملها ، ولكنها لم تستطع ، فقد كانت قطعة الخبز التي تحملها كبيرة الحجم لدرجة، انها لم تتمكن من إدخالها من فتحة الجحر، كان حجمها أكبر
من حجم النملة بحوالي خمس مرات ، فوقعت منها قطعة الخبز الى
أسفل الشجرة ، فهبطت النملة الى حيث سقطت قطعة الخبز،لتحملها مرة أخرى وتصعد بها
الى فتحة الجحر في أعلى الشجرة متحملة مشقة كبيرة.
ولكن
للمرة الثانية تسقط منها قطعة الخبز إلى أسفل،ولكن
النملة لم تيأس، بل هبطت للمرة الثالثة والرابعة والخامسة ، ليتكرر هذا المشهد عدة مرات ، في كل مرة تهبط النملة
الى أسفل الشجرة لتحمل قطعة الخبز وتصعد
بها .
وهكذا ظلت النملة
لأكثر من عشر مرات ، دون كلل ، ولا ملل ، تقع منها قطعة الخبز فتعاود النزول والصعود
بها مرة أخرى ، وبعد محاولات كثيرة كانت قطعة الخبز قد تفتتت وأصبحت قطعا صغيرة ، فإستطاعت
النملة ان تدخل بها من فتحة الجحر وكانت
بقية النمل يصعدون بباقي قطع الخبر المفتته ، حتى أدخلوها كلها الى الجحر بالصبر والنشاط والتعاون بينهم.
ضحك عمر وهو يصفق للنمل على صبره وقوة إرادته،وشعر
بالسعادة لأنه تعلم منها ، أن يكون صبورا على حل ما يقابله من مشاكل ،وانه يمكنه
حل أصعب المشاكل بتفتيتها الى خطوات صغيرة متتابعة ، فيسهل حلها ، وكما تعلم عمر
أيضا من النمل الصبر وقوة الارادة.
جلس عمر تحت
الشجرة وراح يحاول حل مسألة الحساب خطوة بعد خطوة في صبر،وآناة ، حتى إستطاع حلها،
وحينئذ شعر بفخر وسعادة ونهض هاتفا : هكذا
تكون الأرادة ويكون الصبر للوصول الى الهدف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق