الدودة والشرنقة
شهاب
سلطان
راحت دودة القز، تنثنى وتنفرد.. وهى تصعد
على جذع شجرة التوت ، حتى وصلت إلى الأفرع ، وقفت تلهث ، تمددت على الفرع حتى
إستراحت . قامت متجهة إلى الأوراق وراحت تلتهمها حتى شبعت. وعادت إلى الفرع وتمددت
لتنام .
وكل
يوم. تأكل الدودة حتى تشبع. وتنام . ويوما بعد يوم ، يكبر جسدها وتأكل أكثر،وفى
يوم كانت الدودة فى فترة راحتها. إقتربت منها دودة خضراء. تنثنى وتنفرد مثلها.
وتتقدم إلى الأمام. مرت من فوقها. ولم تؤذها .. راحت هى الأخرى تأكل من ورق التوت.
فرحت دودة القز بالدودة الخضراء , إقتربت منها
.. وقفت تأكل بجانبها، نظرا إلى بعضهما . شعرت كل منهما أنها تحب الثانية . صارتا
صديقتين ، لا تفترقان . يأكلان معا .. يستريحان معا .. وينامان معا .
ومرت الأيام عليهما فى سعادة، وجاء صباح.
طلبت الدودة الخضراء من صاحبتها دودة القز أن يذهبا لتناول طعام الإفطار فقالت لها
:
ـ إذهبى أنت فأنا صائمة .
تعجبت الدودة الخضراء وذهبت،وهى تقول لنفسها :
ـ لم أعرف أبدا عن دودة تصوم.
كان الوقت قد حان لتصنع دودة القز شرنقتها، إستعدادا لدورة حياتها الثانية
. وبدأت تغزل شرنقتها حول نفسها بخيوط من حرير .
فى آخر النهار جاءت الدودة الخضراء تبحث عن
صاحبتها.. وقفت تتعجب مما تفعله ، حاولت أن تكلمها.. تسألها عما تفعله بنفسها، لم
ترد دودة القز، واصلت عملها كأنها لم تسمع شيئا , العمل عندها أهم من أى شيئ.
غضبت الدودة الخضراء من صاحبتها ، تركتها وراحت بعيدا، وقفت بجوار ورقة ..
همت أن تتمدد عليها لتنام . تراجعت .. قالت لنفسها :
ـ ماكان يجب على أن أغضب من صديقتى.
عادت إليها. وجدتها قدإختفت تماما داخل شرنقتها، حزنت عليها وراحت تبكى. وقعت
دموعها على الشرنقة بللتها، أتاها صوت ضعيف واهن من الشرنقة يقول:
ـ لا تحزنى صديقتى، سأتحول إلى فراشة وآتى لأرفرف بجوارك قريبا.
لم تصدق الدودة الخضراء ما سمعت، ظنت
أن صاحبتها مريضة.. تساقطت دموعها حزنا عليها. قالت لها نفسها :
ـ بدلا من البكاء هكذا .. إفعلى
شيئا ينقذها.
حملت الشرنقة على ظهرها وهبطت بها إلى الأرض. وفى ظل عشبة صغيرة وضعتها ،
وجلست بجوارها . ولا تعرف ماذا تفعل لها .
مر عدد من الأيام . والدودة الخضراء بجانب شرنقة صاحبتها، تحرسها.. وفجأة إهتزت الشرنقة أمامها، خافت.. بسرعة ثنت نفسها
وتراجعت إلى الوراء مرتين.ووقفت بعيدا تراقب ما يحدث.
هدأت حركة الشرنقة، عادت الدودة
الخضراء بهدوء . نظرت إليها جيدا، كان
هناك شيئ بالداخل يريد الخروج ، تأكدت أن صاحبتها قد أفاقت وتحاول الخروج . قررت
مساعدتها ، لكنها لا تعرف كيف. قالت لها نفسها:
ـ طالما لا تعرفين كيف تساعدينها ، فلا تفعلى شيئا ربما يضرها.
صار بالشرنقة ثقبا ، بدأت تخرج منه فراشة بيضاء، تعجبت الدودة الخضراء وخافت
وإرتجفت وإبتعدت وهى تقول:
ـ يا ويلى هذه ليست صاحبتى .
أكملت الفراشة خروجها من الشرنقة . رفرفت فى الهواء متجهة ناحية الدودة
الخضراء ، تراجعت الدودة خائفة، ضحكت الفراشة . خرج صوتها ناعما كالموسيقى .. قالت
لصاحبتها:
ـ أنا التى كانت دودة القز، صاحبتك. كنا نأكل معا أوراق التوت الخضراء.
شعرت الدودة الخضراء أن الفراشة صادقة ، رفرفت الفراشة صاعدة إلى شجرة
التوت . وقفت على إحدى ورقاتها ، وراحت الدودة تنثنى وتنفرد صاعدة إليها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق