تقرأ للتفكه وتدبر حكمتها
محسن يونس
نزل رجل اشتهر بالحمق إلى سوق إحدى البلاد ، وكان يبحث عن حمار ينفذ الأوامر فور التلفظ بها ، بدون استخدام العصا !!
دهش التجار لهذا الطلب .. أما الرجل فقد صمم على موقفه ، وكان جادا فى طلبه ..
قال لو وجد هذا الحمار ، سأدفع ثمنه من حر مالي ألفا من القطع المعدنية .
أحدث هذا الأمر بين التجار فعله ، فتعالت الضحكات ، والسخرية .. أين يوجد حمار يفهم الأوامر وينفذها ؟!
بعد مدة ترك التجار الرجل ، ومضوا إلى أعمالهم إلا تاجرا بعينه ، تمعن فى الأمر ، ووجده فرصة للربح ، وبعد أن فكر وتدبر ، اقترب من الرجل صاحب الطلب الغريب ، وتم التعارف بين الاثنين ، وتبادلا الحديث .
اتفق الاثنان على تسلم الحمار ، الذى ينفذ الأوامر بدون عصا بعد شهر من الزمن .
قال الرجل للتاجر :
- أريد من هذا الحمار إذا قلت له قف .. وقف ..
ابتسم التاجر ، وقال له :
- سوف يكون الحمار جاهزا لتلقى أوامرك بعد شهر ..
وعلى هذا افترق الرجلان ..
أما التاجر فقد انتقى حمارا من حميره ، وأخذ يدربه تدريبا متواصلا على تلقى الأوامر البسيطة ، جاعلا من الأصوات مؤثرات ، يستجيب لها الحمار ..
بعد شهر من الزمن جاء الرجل يسأل عن طلبه ، فوجد التاجر ، ووجد الحمار ، وكاد يطير من الفرح ، إذ جرب التاجر الحمار أمامه ، فحين أراد له التاجر أن يمشى ، صاح : " حا " فمشى الحمار الهوينى ..
وحينما أراد له أن يجرى صاح : " شى " .. فجرى الحمار جريا سريعا منتظما، كل ذلك لم يرض الرجل فقد صاح غاضبا : ولكنى أريد ثلاث سرعات لا اثنتين فقط ..
كان التاجر جاهزا ، إذ عرك أذنه ، وهو يقول :
- أهى لو تصبر ؟! .. أنا لا أبيع بضاعة فاسدة ، أو مغشوشة يا صاحبى .. لقد احتفظت بالكلمة الثالثة ، التى هى مفتاح السرعة الثالثة ، خوفا على الناس فى الطرقات ، لأنك سوف ترى سرعة لا تحلم بها ..
ثم همس التاجر فى أذن الرجل قائلا :
- إذا أردته أن يسابق الريح فما عليك إلا أن تقول : " ياه "
وهكذا تمت الصفقة بين الاثنين ..
ركب الأحمق الحمار ، وبدا متشامخا فوقه ، وعندما قال : " حا " كما حفظ عن التاجر ، سار الحمار سيرا عاديا بدون عصا ، فرغب أن يجرب الكلمة الثانية فقال : " شى " زادت سرعة الحمار على الفور حتى رأى الرجل الشجر ، والبيوت تتراجع إلى الوراء بسرعة ، قبل أن يستطيع التأمل فى أشكالها ، أو ألوانها ..
امتلأ قلب الرجل بالسرور ، وقال فى نفسه : هذه بضاعة طيبة ، وإنى أفاخر بها أقرانى وجيرانى ..
فعلت هذه الكلمات فعلها ، فظل الأحمق ينادى على الحمار بكلمة " شى " دون غيرها ، واحتفظ بالكلمة الثالثة ليجربها فى يوم آخر ، ولكن الحمار كان قد غادر البلدة ، وانفسحت أمامه الأرض ، فقاد راكبه إلى الصحراء ، ومن الصحراء إلى الجبال ، ووجد الرجل دابته مدربة تدريبا ماهرا فى مواجهة الصعاب ، فلو وجد صخرة فى طريقه ، قفز قفزة رائعة ، واجتازها بسهولة ، بدون أن يسبب للرجل أي مضايقة .
كان الرجل سعيدا ، ووسط سعادته هذه لم ينتبه إلى أن الحمار يجرى الآن فوق جبل عال ، وهو الآن يقترب من حافته ، فزع الرجل عندئذ إذ أن نهاية الجبل تنتهي بهاوية ، يقبع فى عمقها واد واسع ، بدت أشجاره قزمة من فوق ارتفاع الجبل ، ومن هول المفاجأة أطلق الرجل صيحة دهشة قائلا : " ياااه " فاندفع الحمار يسابق الريح نحو الهاوية .
شعر الرجل لحظة أنه يطير فى الهواء ، و الأرض من تحته بعيدة بعيدة ، عض على أصابعه ندما ، وهو يقول لنفسه :
- لقد نسيت أن " ياه " تعنى للحمار أن يجرى ، وتعنى لي أن أندهش ، قال الأحمق هذا بعد فوات الآوان .
نزل رجل اشتهر بالحمق إلى سوق إحدى البلاد ، وكان يبحث عن حمار ينفذ الأوامر فور التلفظ بها ، بدون استخدام العصا !!
دهش التجار لهذا الطلب .. أما الرجل فقد صمم على موقفه ، وكان جادا فى طلبه ..
قال لو وجد هذا الحمار ، سأدفع ثمنه من حر مالي ألفا من القطع المعدنية .
أحدث هذا الأمر بين التجار فعله ، فتعالت الضحكات ، والسخرية .. أين يوجد حمار يفهم الأوامر وينفذها ؟!
بعد مدة ترك التجار الرجل ، ومضوا إلى أعمالهم إلا تاجرا بعينه ، تمعن فى الأمر ، ووجده فرصة للربح ، وبعد أن فكر وتدبر ، اقترب من الرجل صاحب الطلب الغريب ، وتم التعارف بين الاثنين ، وتبادلا الحديث .
اتفق الاثنان على تسلم الحمار ، الذى ينفذ الأوامر بدون عصا بعد شهر من الزمن .
قال الرجل للتاجر :
- أريد من هذا الحمار إذا قلت له قف .. وقف ..
ابتسم التاجر ، وقال له :
- سوف يكون الحمار جاهزا لتلقى أوامرك بعد شهر ..
وعلى هذا افترق الرجلان ..
أما التاجر فقد انتقى حمارا من حميره ، وأخذ يدربه تدريبا متواصلا على تلقى الأوامر البسيطة ، جاعلا من الأصوات مؤثرات ، يستجيب لها الحمار ..
بعد شهر من الزمن جاء الرجل يسأل عن طلبه ، فوجد التاجر ، ووجد الحمار ، وكاد يطير من الفرح ، إذ جرب التاجر الحمار أمامه ، فحين أراد له التاجر أن يمشى ، صاح : " حا " فمشى الحمار الهوينى ..
وحينما أراد له أن يجرى صاح : " شى " .. فجرى الحمار جريا سريعا منتظما، كل ذلك لم يرض الرجل فقد صاح غاضبا : ولكنى أريد ثلاث سرعات لا اثنتين فقط ..
كان التاجر جاهزا ، إذ عرك أذنه ، وهو يقول :
- أهى لو تصبر ؟! .. أنا لا أبيع بضاعة فاسدة ، أو مغشوشة يا صاحبى .. لقد احتفظت بالكلمة الثالثة ، التى هى مفتاح السرعة الثالثة ، خوفا على الناس فى الطرقات ، لأنك سوف ترى سرعة لا تحلم بها ..
ثم همس التاجر فى أذن الرجل قائلا :
- إذا أردته أن يسابق الريح فما عليك إلا أن تقول : " ياه "
وهكذا تمت الصفقة بين الاثنين ..
ركب الأحمق الحمار ، وبدا متشامخا فوقه ، وعندما قال : " حا " كما حفظ عن التاجر ، سار الحمار سيرا عاديا بدون عصا ، فرغب أن يجرب الكلمة الثانية فقال : " شى " زادت سرعة الحمار على الفور حتى رأى الرجل الشجر ، والبيوت تتراجع إلى الوراء بسرعة ، قبل أن يستطيع التأمل فى أشكالها ، أو ألوانها ..
امتلأ قلب الرجل بالسرور ، وقال فى نفسه : هذه بضاعة طيبة ، وإنى أفاخر بها أقرانى وجيرانى ..
فعلت هذه الكلمات فعلها ، فظل الأحمق ينادى على الحمار بكلمة " شى " دون غيرها ، واحتفظ بالكلمة الثالثة ليجربها فى يوم آخر ، ولكن الحمار كان قد غادر البلدة ، وانفسحت أمامه الأرض ، فقاد راكبه إلى الصحراء ، ومن الصحراء إلى الجبال ، ووجد الرجل دابته مدربة تدريبا ماهرا فى مواجهة الصعاب ، فلو وجد صخرة فى طريقه ، قفز قفزة رائعة ، واجتازها بسهولة ، بدون أن يسبب للرجل أي مضايقة .
كان الرجل سعيدا ، ووسط سعادته هذه لم ينتبه إلى أن الحمار يجرى الآن فوق جبل عال ، وهو الآن يقترب من حافته ، فزع الرجل عندئذ إذ أن نهاية الجبل تنتهي بهاوية ، يقبع فى عمقها واد واسع ، بدت أشجاره قزمة من فوق ارتفاع الجبل ، ومن هول المفاجأة أطلق الرجل صيحة دهشة قائلا : " ياااه " فاندفع الحمار يسابق الريح نحو الهاوية .
شعر الرجل لحظة أنه يطير فى الهواء ، و الأرض من تحته بعيدة بعيدة ، عض على أصابعه ندما ، وهو يقول لنفسه :
- لقد نسيت أن " ياه " تعنى للحمار أن يجرى ، وتعنى لي أن أندهش ، قال الأحمق هذا بعد فوات الآوان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق