أعواد القصب
مصطفى البلكي
حينما يعود حسن
من مدرسته, يستبدل ملابس المدرسة بملابس أخري قديمة, تكون أمه قد أعدت له غداءه,
يجلس إليه, يأكل ثم يسحب حمارتهم ويقصد حقول القصب البعيدة عن البلدة, يشتري بعض
الربط ويعود بها, وفي سوق البلد يجلس
بجوار وابور الطحين, يزيل الورق الأخضر عن الأعواد, ويلقي بها إلي الحمارة فتقبل
عليها وتأكلها, أثناء ذلك يكون قد سند الأعواد إلي جدار الوابور, وينطلق صوته
الجميل ينادي علي بضاعته :
ـ لذيذ يا قصب .
يقبل عليه الناس,
يبيع ويأخذ منهم ثمن ما يأخذونه, يظل هكذا حتي إذا ما باع آخر عود, عاد إلي البيت,
يعطي أمه المال فتقتطع منه جزءاً, تعطيه
لحسن وهي تقول :
ـ من أجل مصاريف
الغد .
في المدرسة أصبح
حسن يضرب به المثل كطفل نشيط ومجتهد, هذه
المكانة جعلت بعض التلاميذ يحقدون علي حسن,كان منهم بدر وكاظم ..
عمل بدر وكاظم
علي إبعاد التلاميذ عن حسن, حتي جاء اليوم
الذي جلس فيه حسن وحيداً في الفسحة, شاهده
مدرس اللغة العربية,فاقترب منه وعرف بخطة بدر وكاظم, فأنتظر حتي اليوم
التالي, وقبل أن يدخل بدر الفصل أمره بإخراج كل ما في جيبه من مال, وبنفس الطريقة
فعل مع كاظم,ثم كتب المدرس كلمة تعبير تحتها كلمة العمل, وطلب من كل واحد كتابة
الموضوع ..
وقبل انتهاء
الحصة جمع الكراسات, وفي استراحة المدرسين راح يصحح الموضوع,وجد أن حسن حصل علي
أعلي الدرجات ..
ولما أعلن
النتيجة, وطلب من التلاميذ أن يصفقوا لحسن, قال لهم إن خير الناس من يأكل من تعب
يده وأن اليد التي تعمل هي أفضل عند الله, ثم وجه حديثه إلي بدر وكاظم قائلاً إن
من يضيع منه أي شئ لم يتعب في الحصول عليه فلن يحزن إذا ضاع منه, وهذا الوضع يختلف
عند الآخر الذي كد من أجل الحصول عليه ..
أحس بدر وكاظم
بالمعني الذي أراد المدرس أن يوصله لهما, فقاما واتجها إلي حسن وقال له كل واحد
منهما " سامحني"..
بعد هذا الموقف كان بدر وكاظم يساعدان حسن في
عمله بدون أن يأخذا منه أي مقابل .. وعرفا قيمة العمل ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق