الثعلبُ الفرّاءُ و العوض
على الله
حكايتان شعيبتان للأطفال
بقلم: طلال حسن
" 1
"
الثعلبُ الفرّاءُ
يُحكى أن
ثعلباً ، ادعى في الغابةِ ، التي هاجرَ إليها ، بأنه فرّاءُ أباً عن جدٍ ، وأنَّ
الفِراءَ التي يصنعُها ، لا مثيلَ لها في أيّ مكانٍ .
وعلمَ الأسدُ بالأمرِ ، وهذا ما أرادهُ الثعلبُ ، فأمرَ
بإحضارهِ ، وسألهُ : ممَ تصنعُ الفِراءُ ؟
فردّ الثعلبُ : من جلودِ الحملانِ ، يا مولايَ .
فأمرَهُ الأسدُ قائلاً : اصنعْ لي فروةْ .
وانحنى الثعلبُ للأسدِ ، وقالَ : أمرُ مولايَ .
وصمتَ لحظةْ ، ثمّ قالَ : سأنجزُها خلالَ أسبوعٍ ، إذا
أرسلتَ لي حملاً ، صباحَ كلّ يومٍ .
وصباحَ كلّ يومٍ ، خلالَ سبعةِ أيامٍ ، راحَ الأسد
يُرسلُ حملاً إلى الثعلبِ ، وفي نهايةِ الأسبوع ، عرفَ الأسدُ بأنّ الفروةَ لمْ
ولنْ تنجزَ ، بلْ إنّ الثعلبَ نفسهُ ، تركَ الغابةَ ، ولاذَ بالفرارِ .
وعلى الفور ، أرسلَ الأسدُ من جاءَهُ بالثعلبِ ، وألقاهُ
ذليلاً بينَ أقدامهِ ، فصاحَ الأسدُ : أيها اللقلقُ .
وحضرَ اللقلقُ ، وقالَ : مولايَ .
فأمرَهُ الأسدُ قائلاً : خذْ هذا الثعلبَ الكذابَ ، وطرْ
به إلى أعلى ما تستطيعُ ، والقهِ من هناكَ .
وقالَ اللقلقُ ، وهو يطبقُ على الثعلبَ بمنقارهِ : أمرَ
مولايَ .
وتوسلَ الثعلبُ بالأسدِ أن يسامحهُ ، ويعفو عنه ، لكنْ
دون جدوى ، وحلقَ اللقلقُ بالثعلبِ ، وطارَ به عالياً .. عالياً ، ثمّ سألهُ :
كيفَ ترى الأرضَ ؟
ونظرَ الثعلبُ إلى الأرضِ خائفاً ، وقالَ : أراها مثلَ
صينيةِ الطعامِ .
فطارَ اللقلقُ عالياً .. عالياً .. عالياً ، ثمّ سألهُ :
الآنَ ، كيفَ تراها .
فردّ الثعلبُ مرعوباً : أراها مثلَ طبقِ الطعامِ الصغيرِ
.
عندئذٍ ألقاهُ اللقلقُ ، وهو يقولُ : اذهبْ ، وكلْ من
هذا الطبقِ .
وهوى الثعلبُ من ذلكَ الارتفاعِ الشاهقِ ، وهو يدعو
قائلاً : يا ربي وقعني على فروة راعي
لا ينكس كراعي
ووقعَ الثعلبُ بالفعلِ على فروةِ راعي ، كانَ يرعى قطيعَ
غنمهِ في ذلكَ المكانِ من الحقلِ ، ولم ينكسرْ " إكراعه " فالتفّ
بالفروةِ ، المصنوعةِ من فراءِ الحملانِ ، ومضى بها إلى بيتهِ .
ـ روتها لي ، وأنا صغير ، زوجة عمي ، وكانت من ريف نينوى
ـ العراق
" 2 "
العوض على الله
ذهبت سلمى
الصغيرة إلى السوق ، واشترت شيئاً من العسل ، وضعته في قارورة صغيرة ، وعند الباب
رأتها جارتهم العجوز ، ونظرت إلى قارورة العسل ، وقالت : أريد أن أتذوق هذا العسل
.
لم تلتفت سلمى إلى المرأة العجوز ، لكنها لم ترتح
للهجتها ، وقبيل منتصف النهار اختفت القارورة ، فذهبت إلى القاضي ، ووجدته يلعب مع
قط صغير جميل .
قالت سلمى : أيها القاضي ..
وقاطعها القاضي قائلاً ، وهو يداعب قطه : أوجزي ، فأنا
كما ترين مشغول .
قالت سلمى : اشتريت قارورة عسل .
قال القاضي : تحليت .
وقالت سلمى : اشتهتها جارتنا العجوز .
وقال القاضي : ومن لا يشتهي العسل ؟
وقالت سلمى : وقبل منتصف النهار إختفت قارورة العسل .
فقال القاضي : سبحان الله .
فقالت سلمى : أريد حقي .
وداعب القاضي قطه الصغير المدلل ، وقال : العوض على الله
.
وخرجت سلمى من عند القاضي غاضبة ، ما العمل ؟ لقد لجأت
إلى القاضي لينصفها ، فلم يقدم لها غير " العوض على الله " .
قبيل العصر ، اختفى القط الصغير المدلل ، وجنّ القاضي ،
ما العمل ؟ ورغم كل شيء ، ذهب إلى سلمى ، وقال لها : سلمى ، لقد اختفى قطي المدلل
، سأجن يا سلمى .
فقالت سلمى ببرود : عوضك على الله .
ونظر القاضي إلى سلمى ، وقال : ألقينا القبض على جارتكم
العجوز ، واعترفت بأنها هي التي سرقت قارورة العسل .
ونظرت سلمى إليه ملياً ، ثم قالت : عد إلى بيتك ، أيها
القاضي ، وسيأتيك قطك مساء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق