حيرة
زينب
قصة للأطفال
بقلم: طلال حسن
عادت زينب من المدرسة ، وعلى
غير عادتها ، كانت صامتة ، يلوح على قسماتها شيء من البرود والحزن ، حتى إنها لم
تنبس بكلمة واحدة ، لا مع قيس ولا مع أمها .
وجلست إلى المائدة ، تتناول طعام الغداء ، وعيناها في طبقها ، ولم تأكل إلا
لقيمات قليلة ، رغم أن طعام الغداء ، كان مما يعجبها من المآكل .
ونهضت زينب عن المائدة ، فنظرت إليها أمها ، وقالت : زينب هذه ليست عادتك .
وقالت زينب : شبعت ، يا ماما .
وألحت أمها قائلة : تعالي كلي ، يا حبيبتي .
واتجهت زينب إلى غرفتها ، وهي تقول : إنني متعبة ، أريد أن أرتاح قليلاً .
وتطلعت الأم إلى قيس ، لكنها سرعان ما عادت إلى طعامها ، تتناوله بدون شهية
، بينما انهمك قيس في خوض معركته الحماسية مع طعامه .
وتمددت زينب في فراشها ، وأغمضت عينيها المتعبتين وتنهدت بشيء من الارتياح
، آه ما أروع أن تكون مسترخية ، ووحيدة ، حقاً ما تقوله معلمة الصحة والعلوم ، فالوحدة والاسترخاء ضروريان للإنسان ، نعم ،
فلا ضجيج قيس ، ولا مواء القطة ، ولا ..
وفتحت عينيها منصتة ، أهذا مواء قطقوطة ما سمعته ؟ نعم ، إنها تموء ، وبدا
لها مواؤها متوجعاً ، آه لابد أن قيس
كالعادة يداعبها بخشونة ، كأنه يداعب دمية مطاطية ، وليس قطة من لحم ودم .
وهمت أن تنهض ، وتذهب إلى قيس ، وتنقذ القطيطة من براثنه ، لكنها ترددت ،
ثم عادت وأغمضت عينيها ، فهذا ليس شأنها ، ثم إن قطقوطة هي قطة قيس وليست قطتها .
ومن الردهة ، تناهى إليها صوت قيس ، يصيح بصوت متألم : ماما .
وهبت زينب من سريرها ، إنه قيس وليس قطقوطة ، آه لابد أن هذه القطيطة اللعينة قد خمشته
بمخالبها الصغيرة الحادة ، إنها تغدو متوحشة ، وخاصة عندما يداعبها قيس بشيء من
الخشونة .
وهمت أن تفتح الباب ، وتسرع إلى قيس ، لكنها ترددت مرة أخرى ، ثم توقفت ،
فهذا شأن قيس وقطقوطته ، ثم .. إن ماما قريبة منه ، وستسرع إليه إذا ما احتاج
إليها ، أو أصيب بمكروه .
واستدارت لتعود إلى سريرها ، لعلها تغفو وترتاح قليلاً ، لكنها سمعت أمها ،
تعمل في المطبخ ، فتوقفت تؤنب نفسها مفكرة ، لابد أن ماما تنظف المطبخ ، بعد أن
عملت طويلاً ، في إعداد طعام الغداء ، ثم إن قيس قد يكون بحاجة إليها ، فمن يدري ،
لعل قطقوطة قد خمشته ، وأسالت الدم من يده
.
وعلى الفور ، فتحت زينب الباب ، وأسرعت إلى المطبخ ، واستقبلتها أمها باشة
، وقالت : أردت أن أناديك ، يا حبيبتي ، فقد أعددتُ الشاي ، فأنت تحبين الشاي ،
إذا كنا مجتمعين معا .
والتمعت عينا زينب بفرحة غامرة ، وهتفت قائلة : ليت بابا معنا ، يا ماما ، فلا أطيب من أن نشرب الشاي ، ونحن
مجتمعين .
فأخذتها أمها بين ذراعيها ، وهي تقول : سيأتي بابا قريباً ، وستكتمل فرحتنا
، يا بنيتي .
27 /1 / 3013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق