قصة بقلم زينب
قصة للأطفال
بقلم: طلال حسن
أوه مرة أخرى تزعل زينب مني ،
أنا لا أريد أن أزعّلها ، لكن ماذا أفعل ؟ طلبت مني قطعة حلوى ، ولم يبقَ لي منها
غير قطعة واحدة ، وقد أبقيتها لأتناولها قبل النوم ، ولن أفرط بها ، مهما كان
الأمر .
وبعد العشاء ، صعدنا أنا وزينب إلى غرفتنا ، ودون أن نتبادل كلمة واحدة ،
دخلت أنا فراشي ، لعلي أنام ، وجلست زينب إلى المنضدة ، وراحت تكتب .
وأغمضت عينيّ ، لكني لم أنم ، ربما بسبب صرير قلمها الجاف ، أم لأني أردت أن
أعرف ماذا تكتب ؟ لا بأس فلأسألها مهما كان ردها .
وفتحت عينيّ ، وسألت زينب : ماذا تكتبين ؟
وردت زينب بصوت جاف : نم ، هذا لا يعنيك .
ومع هذا أضافت ، دون أن تلتفت إليّ : أكتب قصة ، والآن تغطّ ، ونم .
قصة ! ترى عمن تكتب هذه المرة ؟ فهي إذا فرحت ، أو انزعجت ، من شخص ما ،
تكتب عنه قصة ، وطار النوم من عينيّ ، لابد أن أعرف بطل القصة هذه المرة ، مهما
كلفني الأمر .
توقفت زينب عن الكتابة ، ثم نهضت ، وغادرت الغرفة ، وسمعتها تنزل السلم إلى
الطابق الأرضي ، هذه فرصتي ، فلأقرأ ما كتبته زينب .
ونهضت من فراشي مسرعاً ، وجلست إلى المنضدة ، ورحت أقرأ ما كتبته زينب ،
إنها كما توقعت قصة ، فلأقرها بهدوء :
منهل ونهلة أخوان ، وهما متقاربان في العمر ، فنهلة أكبر من منهل بحوالي
السنتين ، واليوم زعلت نهلة من منهل زعلاً شديداً ، لأنها أرادت منه قلم الألوان ،
ورفض أن يعطيها إياه ، فقالت له : أنت لم تعطني قلم الألوان ، يا منهل لأنك لا
تحبني .. "
آه إن زينب لم تكمل القصة ، فلأكملها أنا وإن كان اسلوبي لا يضاهي أسلوبها
، مهما يكن فلأحاول ، فأمسكت القلم الجاف ، وبخطي الشبيه بالخط المسماري ، رحتُ
أكتب :
وهزّ منهل رأسه ، وقال : أنت مخطئة ، يا نهلة ، فأنتي أختي ،
وأنا أحبك ، ولكي تعرفي كم أحبك ، أقدم لك قطعة الحلوى هذه .
وأخرجتُ قطعة الحلوى من جيبي ، ووضعتها فوق القصة ، ثم نهضت وأسرعت عائداً
إلى فراشي ، وأغمضت عينيّ ، وسرعان ما غفوت .
لا أدري كم مرّ من الوقت ، حين أفقت على زينب تهزني برفق ، وهي تهمس لي :
قيس .
وفتحتُ عينيّ ، وإذا زينب تجلس على حافة فراشي مبتسمة ، وقالت : قرأت ما
كتبته ، يا قيس ، إنها النهاية التي كنت أتمناها ، نهاية جميلة ..
وأرتني قطعة الحلوى ، وأضافت : وحلوة .
ابتسمتُ فرحاً ، فتساءلت : أعجبتك !
ردت زينب بصوت رقيق مهادن : جداً ، ولو أنك أخطأت كالعادة في الإملاء ،
فكلمة أنتِ تكتب بالكسرة تحت التاء ، وليس بالياء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق