زهرة بابنج
لسمير
قصة للأطفال
من نينوى
بقلم : طلال
حسن
فتحتُ عينيّ المتعبتين ، عند شروق الشمس
وفوجئتُ بعدم وجود صغيري " سنونو " إلى جانبي في العش .
وتلفتُ حولي
، وقلبي يخفق قلقاً ، ترى أين هو ؟ لم أعلمه الطيران إلا منذ أيام قليلة ، وأوصيته
أن لا يطير إلا بحضوري ، آه .. هاهو قادم ، يطير سريعاً ، وفي منقاره حشرة صغيرة .
ونهضت واقفة
، وهتفت بنبرة عتاب : بنيّ ..
وأسكتني بدس
الحشرة في منقاري ، وهو يقول : رأيتكِ مستغرقة في النوم ، فجئتكِ بحشرة تفطرين بها
، كما تفعلين أنتِ دائماً .
وبلعتُ
الحشرة مرغمة ، وهممتُ أن أعاتبه ، لكنه ابتسم لي ، وقال : أنتِ اليوم أفضل ، يا
ماما .
ففتحت
جناحيّ ، وضممته إلى صدري ، ربما لأخفي دموع فرحي به ، وقلتُ : ماما حدثتني في
صغري ، عن حنان جدي ، الذي جاء من مصر ، أنتَ صورة منه ، يا عزيزي .
وهنا تناهتْ
إليّ أصوات من أول الحديقة ، فتركتُ صغيري " سنونو " ، ورأيتُ ياسمين
الحلوة ، بعينيها الخضراوين ، وشعرها الأصفر ، الذي تطايره أنسام الربيع الدافئة ،
تتنطط إلى جانب أمها ، وقلتُ : ها هي الطفلة ياسمين وأمها .
ونظر صغيري
" سنونو " إليهما ، وقال وكأنه يغرد : إنهما تخرجان إلى الحديقة ، كلّ
يوم .
فأشرتُ له
أن لا يرفع صوته ، ثم قلت : صه ، يا بنيّ ، إنهما تتحدثان ، دعنا نسمع حديثهما .
وتوقفت
الطفلة ياسمين ، عند أحد أحواض الأزهار ، وأشارت إلى زهرة صغيرة ، نمت بين عدد من
الأزهار المختلفة ، وسطها أصفر ، تحيط به
بتلات بيضاء ، مشكلة ما يشبه الساعة اليدوية ، وقالت وكأنها تغرد : ماما ، انظري .
ونظرت الأم
حيث أشارت ياسمين ، ثم ابتسمت ، وقالت : هذه الزهرة ، يا بنيتي ، تُعرف بها نينوى ، واسمها بابنج ، أو بيبونة .
ومدت ياسمين
يدها الصغيرة ، وقطفت زهرة البابنج ، ثم نظرت إلى أمها ، وقالت : ماما ، لمن
تتمنين أن تهدي زهرة البابنج هذه ؟
ورفعت الأم
رأسها ، ونظرت إلى البعيد ، ثم أشرق وجهها بابتسامة حلوة ، وقالت : أتمنى أن
أهديها لطفل رائع من مصر ، اسمه سمير .
وتساءلت
ياسمين : كم هو عمر سمير ، يا ماما ؟
وردت الأم
قائلة : عمره ستون عاماً .
وفتحت
ياسمين عينيها الخضراوين دهشة ، وقالت : ستون عاماً !
وبنفس
الابتسامة الحلوة ، أجابت الأم : سمير يكبر ، لكنه لا يشيخ ، إنه طفل وسيبقى طفلاً
، يحبه الأطفال في كلَ مكان .
ولاذت
ياسمين بالصمت مفكرة ، فأخذتها أمها بين ذراعيها ، ضاحكة ، وقالت : سمير ، يا
بنيتي ، مجلة قرأتها وأنا طفلة ، وأنا أقرأها لكِ كلّ يوم .
عند المساء
، غربت الشمس ، واندس صغيري " سنونو " بين جناحيّ ، وقبل أن يغفو همس لي
: ماما ، لو أستطيع ، لأخذت زهرة بابنج ، وطرت بها إلى مصر ، وقدمتها إلى سمير ،
وقلتُ له ، هذه الزهرة هدية من نينوى في العراق ، بمناسبة .. عيد ميلادك الستين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
البابنج أو
البيبون : زهرة برية تكثر في فصل الربيع في محافظة نينوى في العراق .
طلال حسن :
رئيس تحرير مجلة الأطفال " بيبونة "
، التي تصدر في مدينة الموصل ـ العراق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق