سيد الشاطىء
قصة للأطفال بقلم : طلال حسن
" 1 "
ــــــــــــــــ
أقبل الربيع إلى جزر بريبيلوف
، الأرض الطيبة القديمة ، ومعه بدأت تقبل الآلاف من سباع البحر ، بعد أن قضت أشهر
الخريف والشتاء في عرض المحيط .
ومن بين سباع البحر تلك ، واحد من أسياد الشاطىء ، الذي كان بحق أبرز سيد
من أسياد شواطىء جزر بريبيلوف ، في ربيع وصيف العام الماضي ، فقد كان فتياً ،
ضخماً ، مرهوب الجانب ، كما كان رئيس قطيع من الإناث ، يزيد عددهن عن أربعين أنثى
، أما ربيع هذا العام وصيفه .. آه ، وتنهد سيد الشاطىء بمرارة ، ولعن في سره القرش
الضخم ، الذي هاجمه في عرض المحيط ، وكاد يقضي عليه .
وبعد الغروب ، وصل شاطىء الأرض الطيبة القديمة ، وما كاد يخرج من الماء ،
حتى تهاوى على الرمال ، خائر القوى ، وسرعان ما أستغرق في سبات عميق .
" 2 "
ــــــــــــــ
خلال الأيام التالية ، التفت
حوله مجموعة من الإناث، يربو عددهن على الثلاثين ، وخمن أن معظم الأخريات ، وقعن فريسة
للقروش أو للحيتان القاتلة ، وأستبعد بينه وبين نفسه ، أن تكون بعضهن قد التحقت ،
بإرادتهن أو قسراً ، بسبع بحر آخر ، أكثر قوة منه ، بعد الجرح العميق ، الذي أصابه
به القرش ، في عرض المحيط .
وبرغم ضخامته ، وسنامه المليء بالدهون ، والذي سيغنيه عن طلب الطعام ، طوال
أشهر الصيف الثلاثة ، إلا أنه ، أدرك قبل غيره ، بأنه ليس على ما يرام ، وأن قواه
قد تخذله ، عند أي ّ نزال مع سيد طامع ،
من سادة الشاطىء ، وما أكثرهم في مثل هذه الظروف .
وعليه فقد تمنى ، بينه وبين نفسه ، أن لا يتعرض إلى تحد ، من أي سيد من
أسياد الشاطىء ، قد لا تكون له طاقة على مواجهته .
" 3 "
ــــــــــــــ
ثوى ذات ليلة ، إلى جانب إناثه
، وأغمض عينيه ، لعله ينام ، لكنه لم ينم ، وتملكه الضيق والقلق ، حين تراءت له
الصراعات الدامية ، التي تدور بين أسياد
الشاطىء ، على امتداد الأرض الطيبة القديمة ، وتذكر بشيء من الحسرة ، سبع البحر ،
الذي تصدى هو له ، صيف العام الماضي ، وطعنه بأنيابه السفلى ، الشبيهة بالخناجر ،
وأحدث في جسمه جروحاً مريعة ، وأجبره على الهرب ، وأخذ مجموعة من إناثه .
وأغفى عند الفجر ، لكنه سرعان ما أفاق على سبع بحر فتيّ ، يزأر بأعلى صوته
، زئيراً خشناً ، يبعث على الخوف .
ونهض خائفاً متوجساً ، فتوقف سبع البحر الفتيّ في مواجهته ، وزأر ثانية بنبرة
تحد ووعيد ، فتراجعت الإناث ، ووقفن جانباً ، ينظرن بخوف واستسلام نتيجة المواجهة
، بين سيدهن وسبع البحر الفتيّ .
وحدق سبع البحر الفتيّ في جرح سيد الشاطىء ، وقال : يا لها من عضة .
ورمق سيد الشاطىء جرحه بنظرة خاطفة
، وقال : هذه عضة قرش ، لم أرَ في ضخامته وشراسته قرشاً من قبل ، وكاد يفتك
بي ، لو لم ألذ بالفرار .
وابتسم سبع البحر الفتيّ ساخراً ، وقال : عين العقل .
وفتح فمه على سعته ، وتلامعت أنيابه السفلى كأنها خناجر ، ثم قال : ليس من
الخطأ أن يلوذ سبع بحر جريح مثلك من .. موت محقق .
ولاذ سيد الشاطىء بالصمت ، وقد أدرك ما يعنيه سبع البحر الفتيّ ، وتراجع
إلى الوراء ، دون أن يلتفت إلى إناثه ، وسرعان ما مضى مبتعداً ، حتى توارى خلف
صخور الشاطىء البعيدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق