ملكة الزنابير
بقلم: طلال حسن
" 1 "
ــــــــــــــــــــــــ
أوشكت دورة الحياة أن تتم ، ولم
يبقَ من الزنابير إلا الملكة ، فقد انتهى الذكور ، وكذلك جميع العاملات .
وهاهو الخريف يرحل ، ويحلّ الشتاء ، ومعه يحلّ البرد والأمطار والثلوج ،
وزحفت الملك إلى مخبأ دافىء ، تنتظر فيه رحيل الشتاء ، ومجيء الربيع .
وأغمضت عينيها ، علها ترتاح ، والريح في الخارج تعول كقطيع من الذئاب
الجائعة ، وتراءت لها احتفالية تزاوج الملكات الشابات ، وكانت هي واحدة منهن ، آه
انتهت الأيام البهيجة تلك ، وزحف الصمت على العش ، بعد أن هجره الجميع ، بمن فيهم
الملكة الأم نفسها ، وغدا مع الأيام ، خراباً موحشاً تصفر فيه الريح .
" 2 "
ــــــــــــــــــــ
رحل الشتاء ، وحلّ الربيع ، ومن
جديد ، راحت الغابة تضج بالحياة ، وخرجت الملكة من مخبئها ، وبدأت على الفور ، في
بناء العش ، وبفكوكها القوية ، راحت تقرض قطعاً من الخشب ، لتصنع منها عجينة الورق
، وتبني منه عشها ذا الحجرات السداسية .
ووضعت بيضها في الحجرات الأولى ، وخرجت منه زنابير عاملات ، تساعد الملكة ،
وتضيف للعش حجرات جديدة ، وتعنى باليرقات الصغيرة ، وتغذيها حتى تكبر .
وبعد أن استنفدت العاملات لعابها ، في صنع الورق ، بدأت تبحث عن الطعام ،
وهي تحب الرحيق وعصارة الثمار والتوت ، وكذلك الذباب ويرقات الفراشات ، التي
تقطعها إلى قطع صغيرة ، وتقدمها لليرقات آكلة اللحوم " 3 "
ـــــــــــــــــــ
فرحت الملكة ، رغم شعورها بالتعب
، بنمو اليرقات الجديدة ، فستخرج منها هذه المرة ذكور وملكات فتية ، وعند نهاية
الموسم ، أقام الذكور والملكات الجديدة ، حفل زفاف بهيج ، لكنه كان بداية النهاية
للحياة في هذا العش .
وتنهدت الملكة ، آه لقد شاخت ، ولن تضع بيضاً مرة أخرى ، وقد خلا العش ،
بعد خروج الذكور والملكات الجديدة ، ولم يبقَ فيه سوى الملكة واليرقات وبعض
العاملات .
وخلال فترة قصيرة ، ستغادر الملكة نفسها العش ، وعندئذ ستنقض العاملات على
اليرقات ، فتلسعا وترميها إلى الخارج ، ثم تهجر العش ، ولا تعود إليه أبداً .
ومن جديد ، يرحل الخريف ، ويحل الشتاء ، ومعه يحلّ البرد والمطر والثلج ،
وتزحف الملكات الجديدة إلى أماكن دافئة ، تنتظر فيها الربيع ، لتبدأ دورة الحياة
من جديد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق