أبو شبت وأنثى الزنبور
بقلم: طلال حسن
" 1 "
ـــــــــــــــــــــ
حلقت الفراشة ، منذ الصباح
الباكر ، متنقلة بين الأزهار ، ترشف منها الرحيق ، ولمحت شبكة عنكبوت ، بين أغصان
شجرة الصنوبر ، فتباطأت خائفة ، حتى كادت تتوقف ، وازداد خوفها ، حين رأت العنكبوت
العملاق " أبو شبت " ، يقف متحفزاً في إحدى زوايا الشبكة ، منتظراً ما سيقع
فيها من الحشرات ، لينقض عليها ، ويفترسها
.
واستدارت مبتعدة عن الشبكة ، وواصلت تنقلها بين الأزهار ، مرتشفة الرحيق ،
وتناهت إليها رفرفة أجنحة أرعبتها ، ورفعت رأسها متوجسة ، وإذا الزنبور الملقب
بالصقر ، يقبل نحوها كالسهم ، وقد برز من مؤخرته زبانه القاتل ، فصرخت قائلة : يا
ويلي ، الزنبور .
ومرة أخرى استدارت ، وأسرعت عائدة من حيث أتت ، وكادت ترتطم بشبكة العنكبوت
" أبو شبت " ، لكنها عادت مبتعدة عنها في اللحظة الأخيرة ، وأطلقت
أجنحتها للريح .
وفوجئت بالزنبور يصيح مستغيثاً : النجدة .. النجدة .
وتباطأت قليلاً ، والتفتت بحذر ، وقلبها مازال يخفق بشدة ، وإذا الزنبور
يتخبط مرعوباً في شبكة العنكبوت " أبوشبت " .
ورغم خلاصها من الزنبور ، إلا أنها
لم ترتح ، حين رأت العنكبوت " أبو شبت " ، ينقض على الزنبور ،
بفكوكه القاتلة ، التي تحمل أنياباً سامة ، فيقتله ثم يبدأ بافتراسه .
" 2 "
ـــــــــــــــــــــــ
مضت الفراشة مبتعدة ، لعلها
تمحو من ذهنها ، صورة الزنبور الذي كاد يمسك بها ، ويفترسها ، ولم تبتعد كثيراً ،
حتى أمسكت بها أنثى الزنبور الملقب بالصقر ، وهمت بافتراسها .
وتوسلت الفراشة إليها قائلة : أرجوك ، أتركيني ، إنني فراشة ..
وقاطعتها أنثى الزنبور : أنت حشرة ، وسآكلك .
ومن بين دموعها ، قالت الفراشة : ستأكليني لأني حشرة ضعيفة .
وهزت أنثى الزنبور رأسها ، وقالت : لا ، بل لأنك لذيذة ، فأنا من أقوى
الحشرات في الغابة .
وردت الفراشة قائلة : لو كنت قوية ، لذهبت إلى عنكبوت " أبو شبت
" ، الذي أكل ذكراً من نوعك ، قبل قليل .
واحتدت أنثى الزنبور ، وقالت : هذا كذب ، العنكبوت " أبو شبت "
لا يجرؤ على أكل أي زنبور من نوعي ، حتى لو كان ذلك الزنبور ذكراً .
وقالت الفراشة ، وهي تشير إلى شجرة الصنوبر : انظري ، شبكته هناك ، بين
أغصان شجرة الصنوبر تلك ، اذهبي إليه .
ورفرفت أنثى الزنبور ، متأهبة للذهاب ، وقالت : لو كنت تكذبين ، فلن أبقي
فراشة في الغابة .
" 3 "
ـــــــــــــــــــــــ
أسرعت أنثى الزنبور إلى شجرة
الصنوبر ، وما إن رأت بقايا الزنبور ، بين خيوط شبكة العنكبوت ، حتى تفجر غضبها
كالبركان ، وصاحت بأعلى صوتها : أيها العنكبوت .
ونهض العنكبوت " أبو شبت " ، من إحدى زوايا الشبكة، وردّ
متسائلاً : ماذا تريدين ؟
وتطلعت أنثى الزنبور إليه ، وقالت : أيها اللعين ، لقد قتلت زنبوراً من
نوعي .
وقال العنكبوت " أبو شبت " متحدياً : وأكلته أيضاً ، فأنا آكل
كلّ ما يقع في شبكتي من الحشرات .
وتقدمت أنثى الزنبور منه ، وهي تقول : أيها اللعين إنه زنبور .
ورد العنكبوت " أبو شبت " قائلاً : وماذا يعني زنبور ، إنه حشرة
مثل بقية الحشرات .
وتوقفت أنثى الزنبور ، متأهبة للانقضاض على العنكبوت " أبو شبت "
، وقد شهرت زبانها القاتل كالحربة ، وقالت : سأقتلك ، وآكلك ، لتعرف جيداً معنى ..
الزنبور .
وعلى الفور ، انقضت عليه ، واشتبكت معه في معركة ضارية ، رغم كبر حجمه ،
وفكوكه القاتلة ، التي تحمل أنياباً سامة ، ولأنها أسرع حركة منه ، فقد طعنته
بزبانها السام ، وقتلته ، ثم افترسته .
ومنذ ذلك الوقت ، وهذا النوع من الزنابير الجريئة ، لا تهاجم إلا العناكب ،
وخاصة عنكبوت " أبو شبت " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق