لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 27 فبراير 2018

"شيرين" قصة للأطفال بقلم : طلال حسن


شيرين

بقلم : طلال حسن

    منذ الفجر ، أفاق الحطاب ، ومعه أفاقت ابنته الصغيرة .. شيرين ، وأخذ فأسه ، وتهيأ للذهاب إلى الغابة ، ليحتطب .
واعترضته شيرين قائلة : بابا ، الجو بارد جداً ، وقد يسقط الثلج بعد قليل .
ونظر الحطاب إليها ، وقال : بنيتي ، لابد أن أحتطب ، وأبيع ما أحتطبه في السوق ، لأشتري ما نحتاج إليه .
ولاذت شيرين بالصمت ، فقال الحطاب : شيرين ، أنت الآن ربة البيت .
وهزت شيرين رأسها ، والدموع تكاد تطفر من عينيها ، واتجه الحطاب نحو الباب ، وهو يقول : إذا شعرت بالبرد ، أشعلي النار ، لكن كوني حذرة .
ولحقت شيرين به ، وقالت : بابا ، لا تتأخر .
وفتح الحطاب الباب ، وقال : اطمئني ، سأكون عندك ، قبيل المساء .
ثم مضى مسرعاً ، وهو يقول : أغلقي الباب جيداً ، حتى أعود .
وأغلقت شيرين الباب ، وحاولت أن تتشاغل ، رغم شعورها بالبرد ، فأخذت تنظف الكوخ ، وترتب الفرش ، كما كانت تفعل أمها ، وتوقفت لحظة ، آه يا لأمها ، لقد رحلت قبل الأوان ، وتركتها وحيدة .
واشتد شعورها بالبرد ، بعد منتصف النهار ، فقد بدأ الثلج يتساقط ، ويغطي الغابة بغلالته الباردة الناصعة البياض ، ووقفت وسط الكوخ ، ترتجف حائرة ، ما العمل ؟
وارتدت معطفاً سميكاً ، فوق ملابسها ، لا فائدة ، وتكورت في فراشها ، ملتفة ببطانية صوفية ، لا فائدة أيضاً ، وأخيراً .. وكما كانت تفعل أمها .. وضعت بعض الخشب في المدفأة .. ثم أشعلت النار .
وارتفعت ألسنة اللهب ، وراح الخشب يطقطق وسط النار ، كأنه يستغيث ، ويحاول الهرب ، دون جدوى .
وجلست شيرين ، أمام المدفأة ، وقد التفت بالبطانية الصوفية ، وسرعان ما سرى الدفء في أوصالها ، ومعه سرى فيها النعاس ، ومن بعيد ، تناهى إليها صوت يصيح : شيرين .
وتململت شيرين ، من ! أهي أمها ؟ نعم ، إنها أمها ، وهاهي ، وسط النيران ، تصيح : شيرين ، شيرين .
وأفاقت شيرين ، وإذا النار ، تشتعل في أطراف البطانية، التي كانت تلتف بها ، فهبت من مكانها مذعورة ، ورمت عنها البطانية ، ثم أسرعت إلى الجردل ، وصبت ما فيه من ماء فوق النار ، وأطفأتها .
وتهاوت جاثية ، بعيداً عن المدفأة ، رغم زوال الخطر . وتلفتت حولها ، وقد تندت عيناها بالدموع ، لولا أمها لاحترق الكوخ ، واحترقت هي معه أيضاً .
وتنفست الصعداء ، حين سمعت وقع أقدام في الخارج ، إنه أبوها ، آه هاهو كالعادة ، عند وعده ، جاء قبيل المساء .

ليست هناك تعليقات: