معرض الشارقة الدولى للكتاب
ملتقى الأدب
قصص الأطفال .. مقاربة عالمية
دراسة من إعداد
يعقوب الشارونى
الاثنين 29 إبريل 2013
7 مساء
قصص الأطفال .. مقاربة عالمية
دراسة من إعداد : يعقوب الشارونى
المحتويات
- متغيرات وتحديات .
- نظرة عامة على قصص وأدب الأطفال فى
العالم .
- زيادة اهتمام الناشرين فى أوربا وأمريكا
بروايات وقصص الشباب الصغير (البالغين الصغار ) .
- الإقبال على الروايات التى تدور فى
أجواء واقعية معاصرة أوتتناول موضوعات اجتماعية .
- ثورة فى عالم كُتب ما قبل المدرسة :
القراءة بالحواس الخمس .
- فنون تقديم الكتاب المرئى المسموع .
- تزايد الاعتماد على الصورة فى كُتب
الأطفال والشباب الصغير - كُتب " الرسوم المسلسلة " أو كُتب "
النصوص التصويرية " .
- إعطاء الطفل دورًا أكثر إيجابية فى
التعامل مع الكتاب .
- تقريب الكتاب إلى المجلة .
- تأثير التفاعل الذى يقود إليه العالم
الرقمى على أدب الأطفال .
- تأثير اللغة المستخدمة فى شبكة
المعلومات العالمية ( الإنترنت ) على لغة الكتابة للأطفال .
- زيادات هائلة فى مُستخدمى الكُتب
الإلكترونية .
- أثر السينما وألعاب الفيديو على
القراء الصغار .
- تزايد الاهتمام بالخيال العلمى ،
باعتباره من أهم وسائل تنمية الاهتمام بالثقافة العلمية ودور العلم فى حياتنا .
- كتب للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة .
متغيرات
وتحديات
واجهت ثقافة الطفل والقصص الموجهة إليهم ، فى
العقود الأخيرة من القرن العشرين وبداية القرن 21 ، عددًا من أهم المتغيرات
والتحديات ، من أبرزها سيادة ثقافة الحوار والمشاركة والإبداع بدلاً من أساليب الحفظ والتسلط
والتلقين ، وإعادة صياغة الثقافات الموروثة بما
يتماشى مع منجزات العصر ، مع اتضاح الدور الرئيسى
للحواس فى تنمية قدرات الأطفال خاصة صغارهم بدلاً من الاعتماد
على الكلمة وحدها ، ومنافسة الكمبيوتر والإنترنت
للكتاب لما يتضمنه استخدامهما من تفاعل مستمر بين الشاشة والطفل
، ومنافسة المجلة للكتاب حتى
أصبح مَن اعتادوا مِن الأطفال على قراءة المجلات المخصصة لهم أضعاف من يقرءون
الكتب الموجهة إليهم .
كما تنبه المجتمع إلى قضايا
الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة ، جسميًّا
وعقليًّا ، والأطفال فى ظروف خاصة ، مثل الطفل العامل وأطفال الشوارع والمرضى بأمراض مزمنة .
بالإضافة إلى تعاظم
دور العلم فى حياتنا ، وهو ما
يحتم ابتكار الوسائل لتنمية التفكير العلمى والمعرفة والثقافة العلمية خاصة لصغار
الأطفال .
يضاف إلى هذا بروز
الحاجة إلى التأكيد على قيم مجتمعية هامة ، مثل حقوق الإنسان والطفل ، وعدم
التمييز بين أهمية أدوار الفتى والفتاة ، وقبول الآخر ، والحفاظ على البيئة ،
وتقوية الشعور بالانتماء إلى الوطن ، وتأكيد قيمة الوقت والعمل ، وتنمية روح
الإبداع والابتكار ، والاعتماد على النفس فى التعلم الذاتى المستمر فى عصر أصبحنا نسميه " عصر انفجار المعلومات "
.
* فى معرض نيويورك للكتاب 2012 :
وفى الفترة من 4
إلى 7 يونيو 2012 ، أُقيم فى نيويورك معرض أمريكا الدولى للكتاب ( Book
Expo America 2012
) ، الذى شارك فيه ( 1300 ) ناشر ، وخصص
قسمًا خاصًّا تحت مسمى " قسم الاكتشافات الرقمية " . كما
استضاف مئات المؤلفين والرسامين ليتحدثوا عن كتبهم و تجاربهم الفنية والأدبية -
وكانت روسيا هى ضيف شرف المعرض .
وفى قاعات ندوات
المعرض المتعددة المتسعة ، أُقيمت عشرات بل مئات من الندوات والأحاديث حول كل ما
يتعلق بالتأليف والنشر والتوزيع والعالم الرقمى ، مع التأكيد على أن النشر
للأطفال والبالغين الصغار ( الشباب الصغير ) قد أصبح أقوى تيارات النشر حاليًّا .
*
فما هى أهم ملامح مستقبل قصص وأدب
الأطفال والنشر للصغار ، سواء من خلال ما شاهدناه وسمعناه فى معرض نيويورك ،
أو ما نلاحظه فى مجال تطور كتب وأدب الأطفال فى مصر والعالم العربى ؟
هذا
ما نعرضه فى الصفحات التالية ...
** نظرة عامة
على قصص وأدب الأطفال فى العالم :
هناك حقيقة أساسية ، هى أنه عند الحديث عن أدب الأطفال والفتيان ، ينصب
الاهتمام أساسًا على الأدب الأوربى أو الصادر عن أمريكا الشمالية . أما الأدب الصادر عن آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وأستراليا فهو مجهول تقريبًا على مستوى العالم ، لذلك
لابد من الاهتمام بالترجمة والنشر المشترك للتعرف على أدب الأطفال الصادر عن مختلف
دول العالم .
ولا شك أن الحواجز اللغوية
هى سبب قوى لهذا الوضع ، فاللغات
الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية هى الأكثر
انتشارًا فى العالم ، وهو ما يُساعد على التعريف على نطاق واسع بأدب الأطفال
المكتوب بهذه اللغات .
على أن هناك سببًا آخر ، ذلك أن هناك نوعًا من التعالى
" الثقافى " بين دول أوربا وغالبية الدول الأخرى ، فأوربا تقوم بدور المُنتج ، ودول العالم النامى تقوم
بالترجمة والاقتباس والنشر المشترك .
كذلك هناك
نوع من الانقطاع الفكرى بين دول أوربا الرأسمالية والدول الاشتراكية مثل كوبا
، ومثلما كان حادثـًـا مع الصين ، أو مع روسيا فى سنوات الحرب الباردة .
- كما أن نشر
كتب الأطفال فى الدول المُتقدمة يخضع للأولويات التجارية ، وإن كان يأخذ أحيانــًـا بعين الاعتبار حاجات الطفل .
فإنتاج كتب الأطفال أصبح مصدر ربح جيد للناشرين , الذين جعلهم المجتمع الاستهلاكى
يكتشفون أن الأطفال والشباب الصغير يمكن أن يُصبحوا سوقًا رائجًا فى مجال النشر .
- ولكن بالنسبة
لكثير من البلاد الأخرى ، فإن الكتاب ليس وسيلة لتضخم أرباح الناشرين ، بل
هو فى المقام الأول أداة لبناء شخصية مواطن المستقبل ، مع مراعاة حاجات
الطفل التى يتطلبها تطور نموه .
لذلك هناك بعض البلاد مثل روسيا والصين ، تقوم
الدولة فيها بتخصيص ميزانيات كبيرة لتشجيع كتابة ونشر أدب الأطفال بل وترجمته إلى
مختلف لغات العالم ، لأن الأطفال هم الذين سيقومون ببناء البلاد فى الغد .
إن الطبعة الواحدة من كتاب الأطفال فى
فرنسا تبلغ فى المتوسط 16 ألف
نسخة . أما فى كوبا فالمطبوع من الكتاب الواحد يصل إلى 40 ألف نسخة لعدد من السكان يبلغ 10 ملايين نسمة . وفى الصين يطبعون من الكتاب الواحد من 250 إلى 400 ألف نسخة . وفى الاتحاد السوفيتى السابق كان يمكن أن تصل عدد نسخ الطبعة الواحدة من كتاب للأطفال إلى 500 ألف نسخة .
نسخة . أما فى كوبا فالمطبوع من الكتاب الواحد يصل إلى 40 ألف نسخة لعدد من السكان يبلغ 10 ملايين نسمة . وفى الصين يطبعون من الكتاب الواحد من 250 إلى 400 ألف نسخة . وفى الاتحاد السوفيتى السابق كان يمكن أن تصل عدد نسخ الطبعة الواحدة من كتاب للأطفال إلى 500 ألف نسخة .
وفى
الهند ، هذا البلد الذى يسود فيه الجوع للقراءة ، فإن إصدارات
كتب الأطفال ، وإن كانت لا تتناسب مع الكثافة السكانية ، لكنها بفضل التخطيط
الحكيم السليم بلغت درجة عالية من الأهمية .
* وهناك ظاهرة هامة , هى أنه فى البلاد المُتقدمة
مثل إنجلترا ، فإن كتب الأطفال تلقى الدعم القوى من وسائل الاتصال الجماهيرية ,
وعلى نحو خاص من الصحافة ، حيث تُخصص كبرى الصحف زاوية يومية أو صفحة أسبوعية لأدب
الشباب .
- كذلك عمدت دور
النشر الكبرى منذ سبعينيات القرن العشرين , إلى
إصدار كتب الجيب المعتدلة الأسعار جدًّا , لتواجه ثلاثة مستويات من أعمار الأطفال . ويُطبع من
الكتاب الواحد ما بين 40 إلى 50 ألف نسخة .
وهناك
أيضًا الشبكة الواسعة جدًّا لمكتبات القراءة التى تخصص كلٌّ منها قسمًا كبيرًا لأدب الأطفال ، كما
تُشكل مكتبات المدارس دعمًا قويًّا لهذا الأدب .
* وفى إفريقيا ، هناك ثلاث عقبات أمام تطور كتب
الأطفال ، من أهمها تعدد اللغات المحلية ،
وسيطرة دور النشر للبلاد الاستعمارية السابقة التى تفرض السيطرة لصالح لغات تلك البلاد وأهمها الإنجليزية
والفرنسية ، أما السبب الثالث فهو انتشار الأمية .
* أما فى البلاد العربية ، فهناك حركة تتقدم
عامًا بعد عام للاهتمام بإنتاج وتوزيع كتب الأطفال ، كما
أنشأت معظم بلاد العالم العربى جوائز سخية لأدب وكتب الأطفال ، كما فاز عدد من كتب
الأطفال العربية ببعض من أهم الجوائز العالمية لكتب الأطفال ، مثل جائزة معرض
بولونيا الدولى لكتب الأطفال بإيطاليا ، الذى فاز كتابى " أجمل الحكايات الشعبية " بجائزته الكبرى عام 2002 كأفضل
كتاب للأطفال على مستوى أربع قارات فى العالم ، هى آسيا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا
وأستراليا (جائزة الآفاق الجديدة) .
* وفى قارة آسيا أقامت مُنظمة اليونسكو برنامجًا لتطوير كتب الأطفال , عن طريق إنشاء
مركزين أحدهما فى كراتشى والآخر فى طوكيو ، يهتم أحدهما بمادة القراءة ، ويهتم
الثانى بمسائل الإنتاج من تصوير وطباعة .
* وفى
الصين ، نتيجة نجاح عملية محو الأمية ، فإن معظم أطفال الصين قد تعلموا القراءة
والكتابة ، لذلك يتم إنتاج كتيبات الأطفال بغزارة ، وهى بشكل عام من ورق الصحف
.
* وهناك تجربة
المكسيك فى أمريكا الجنوبية ، التى تقوم
فيها وزارة التعليم بتقديم مادة جيدة للقراءة بفضل كتب مدرسية ممتازة ومجانية ، بالإضافة
إلى حملة واسعة لتوعية المدرسين لربط المنهج المدرسى بكتب المكتبة
، مصحوبة ببرنامج لتأهيل المشرفين على
مكتبات الأطفال والمدارس . كما يعتمد هذا البرنامج على عدم
الدخول فى منافسة مع النشر الخاص ، بل على العكس من ذلك ، يُحاول اجتذاب القطاع الخاص للمساهمة فى
البرنامج .
* لقد أصبحت أغلب الدول تمتلك " إرادة
سياسية " للارتقاء بكتب الأطفال وتنمية عادة القراءة لديهم
، فقد جرى إدراك أن الطفل يجب أن يكون المحور المتميز للسياسات الثقافية ، لأنه مواطن وقارئ الغد .
( "
أدب الأطفال والفتيان فى العالم " - دراسات لمجموعة مؤلفين - مجلة أوربا ) .
** زيادة اهتمام الناشرين فى أوربا وأمريكا
بروايات وقصص الشباب الصغير (البالغين الصغار )- Young
Adult ، لمواجهة زيادة إقبال الشباب على قراءة الأعمال الأدبية الموجهة إليهم
:
ويرجع
السبــب فى ذلك إلى تعدد حملات ووسائل وآليَّات تنميـة عــادة القــراءة عند
الأطفال ، بالتعاون
مع النظم التعليمية وأجهزة الإعلام ، مع تنمية وعى الأسرة بدورها كقدوة
، وهى الحملات التى استفاد منها مجموع هؤلاء "
الشباب الصغير " ( 8 / 9 - 13 / 14 سنة ) عندما كانوا فى سن أصغر .
- وكذلك
بسبب التطور الهائل فى تكنولوجيا كتب الأطفال لتقديم
كتب لصغار الأطفال ، من عمر
يوم إلى 7 سنوات ، يقرءونها
بالحواس الخمس ، لأن الحواس هى الطريق الذى هيأته
الطبيعة للصغار للتعرف على العالم واكتساب الخبرة ، فنشأت
علاقة حب بين " كل " صغار الأطفال والكتب منذ أسابيع حياتهم الأولى . وهو
تطور سنخصص له جانبًا من هذه الدراسة .
- ومن ناحية أخرى ، التنبه
إلى ارتباط المراهقين والشباب الصغير ، من عُمر 8 إلى 18 سنة، " بالصورة " منذ طفولتهم
المبكرة ، فانتشرت كتب
" الرسوم المسلسلة " التى تصاحب فيها الصورة أو الرسم كل فقرة من الكتاب
، فعاد معظم المراهقين إلى قراءة الكتب ، وهو تطور آخر
سنخصص له أيضـًـا جانبًا من هذه الدراسة .
-
لكن هذا الإقبال على القراءة ، ارتبط
بارتفاع مستوى الكُتب التى يُقبــِلون عليها ، لأن الاهتمام بالقراءة عن
طريق الإنترنت والـ " فيس بوك " وغيرهما من الوسائل الرقمية ، جعل وقت
قراءة الكُتب الورقية أقل ، فأصبح اختيار القارئ أكثر دقة .
- كما أن هناك قراءات بوسائل جديدة ، جعلت
القراءة أسهل ، أهمها " القراءة الإلكترونية
" على ما يسمونه tablets، وعن طريق الكتب الإلكترونية .
*
أما فى مصر والعالم العربى ، فلا يزال
اهتمام الناشرين مركزًا على نشر القصص الموجهة إلى العمر من 9 إلى 12 عامًا ، مع تزايد
بطىء للكتب الموجهة لسن ما قبل المدرسة ، وتراخٍ فى نشر قصص وروايات الشباب الصغير
( 13 - 18 سنة ) .
** الإقبال على الروايات التى تدور فى أجواء
واقعية
معاصرة ، أوتتناول موضوعات اجتماعية :
لوحظ بالنسبة لإنتاج
دور النشر العالمية ، إقبال متزايد من الشباب الصغير على الروايات التى تدور فى
أجواء معاصرة أو تتناول موضوعات اجتماعية ، بعد موجة من الاهتمام بروايات
الفانتازيا أو الخيال المنطلق التى تمثلها سلسلة روايات " هارى بوتر ".
-
ولعل السبب فى ذلك ، طغيان أخبار الأحداث
اليومية شديدة الإثارة والمرتبطة بواقع الناس وحياتهم فى مختلف بقاع العالم على
موضوعات الصحف ونشرات الأخبار فى الإذاعة والتليفزيون
، وفى وسائل الاتصال الحديثة التى أصبحت فى " جيب " كل شاب صغير ( من
عمر 9 إلى 18 سنة ) .
-
كذلك فإن برامج تليفزيون الواقع -
ومن أهم برامجه ، مثلاً ، برامج " عالم
الحيوان " - قد طغت كثيرًا على برامج
الخيال أو الفانتازيا ، واجتذبت أعدادًا غفيرة من الأطفال الشباب . بل
أصبحت هناك قنوات متخصصة فى مثل هذه البرامج ، مثل " ناشيونال
جيوجرافيك " و " أنيمل بلانت " ( كوكب الحيوانات ) ، و "
ديسكفرى " (
الاكتشافات ) .
-
بالإضافة إلى تزايد اهتمام جماهير الناس
فى مختلف المجتمعات ، وبالتالى الإعلام ، بقضايا التنمية البشرية ، وحقوق الإنسان
، والعدالة الاجتماعية ، والصحة ، والتعليم ، والبطالة ، وأمثالها من قضايا معاصرة
مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحياة الناس اليومية ومطالبهم الاجتماعية .
- يقول " برو جودوين " فى كتابه "
كتب الأطفال " :
"
على الرغم من أن عنصر الخيال يعد أحد جوانب أدب الأطفال الذى ظل سائدًا خلال
السبعينيات والثمانينيات ( من القرن 20 ) ، فإن " الواقعية الاجتماعية "
أصبحت هى الموضوع المهيمن على الكتابة ، فقد
أصبح الكُتـَّـاب يتناولون فى قصصهم قضايا شخصية وأخرى عامة ، تتضمن الشئون العِرْقية
والحرب والموت والإعاقة الجسدية والثورات الداخلية والقلق النفسى المصاحب لمرحلة
المراهقة وكذلك الاضطرابات النفسية ... وذلك
بشكل أكثر انفتاحًا من كُتَّاب الخيال ".
* " لقد أصبح الكُتـَّاب يكشفون عن قضايا
هامة معاصرة ، قد يعتبرها البعض أكثر مناسبة لتكون موضوعات لقصص الكبار . إلا أن
قصص الأطفال دائمًا ما كانت تعكس سمة من سمات العصر الذى تُكتب فيه ،
والأطفال - شأنهم شأن الكبار - لا يقرءون لمجرد المتعة فقط ، بل أيضًا بغرض التعرف
على سمات مجتمعهم ، ولكى يفهموا أيضـًـا أسلوب حياة الآخرين بشكل أفضل" .
- الحدود بين الطفولة
والمراهقة والنضج تتغير على نحو مستمر :
"
ويُعَدُّ الخيال فى أدب الأطفال من بداية ظهوره ، وسيلة لرصد ما يطرأ من تغيرات
ثقافية واجتماعية من خلال عوالم الشخصيات الخيالية ، التى يتم تقديمها من مختلف
جوانبها الجسدية والنفسية والثقافية ، بالإضافة إلى
رصد الاهتمامات والمعتقدات والقيم الخاصة بعصر
معين " .
- " ومع قرب نهاية العقد الأول من الألفية
الجديدة ، يبدو أن كُـتَّاب الأطفال -وعلى وجه خاص أولئك الذين تحظى كتبهم بإعجاب
القراء خلال مراحل العمر المتوسطة وما بعدها - أصبح اهتمامهم ينصب على موضوعات
طموحة للغاية ، ومن ثــَـمَّ فهناك سؤال يطرح نفسه
" ما هو تعريف أدب الأطفال ؟ " .
"
علينا أن نـُسلِّم أن أدب الأطفال لم يعد مقتصرًا على المجالات التى كانت محددة فيما مضى لتكون خاصة بالصغار ، فقد أعيد تصنيف
هذا النوع من الأدب بعد أن تخطى حدوده القديمة التى كانت تحصره فى مجال محدد باعتباره
" مخصصًا للصغار " ، وبالتالى كان يوضع فى فئة منفصلة عن أنماط أدبية
أخرى مخصصة للأكبر سنـًّـا . أما الآن ، فهذه الحدود أصبحت مرنة متداخلة " .
* * *
* "
لهذا فإن الكتب التى تصلح " للصغار والكبار " فى نفس الوقت قد
أصبحت تمثل مكانـًـا هامًّا فى مجال تسويق الكتب
، وهى تشكل ما يُطلق عليه البعض "
روايات تجاوزت الحدود الفاصلة بين خيال الأطفال والكبار " ، نظرًا "
لمحتواها " المناسب لمرحلة النضج و " أساليب روايتها " المرتفعة
المستوى .
ويتركز
اهتمام هذه الكتب على " رحلة الفرد الداخلية " التى يخوضها نحو فهم ذاته
بشكل أفضل ، وعلاقته بما يسود العالم من تعقيدات " .
-
" وإذا نظرنا إلى قائمة المؤلفين
الذين فازوا حديثـًـا بجائزة كارنيجى لأدب الأطفال ( وهى أهم جائزة لأدب الأطفال
فى إنجلترا ) ، يتبين لنا أن الاهتمام بتلك الموضوعات الاجتماعية والمعاصرة يعد
سمة من سمات الأدب المعاصر بالنسبة لصغار البالغين والأطفال الأكبر سنًّا ، وهو
نفس الحال بالنسبة للروايات الفائزة فى أمريكا بجائزة نيوبرى لأدب الأطفال " .
- تقول " فالنتينا إيفاشيفا " فى
كتابها " الثورة التكنولوجية والأدب " :
"
الروايات الخيالية المعاصرة آخذة فى التناقص فى شعبيتها وتأليفها والاستمتاع بها . إن جمهور قراء الروايات ذات
الصبغة الخيالية قد أصبحوا ينظرون إلى هذه الروايات نظرة يشوبها عدم الثقة ، وقد
انتزعت مكانتها وحلَّت محلها المؤلفات البعيدة عن الخيال Non-fictional مثل التراجم والمذكرات
والكتب التاريخية " .
"
وللاستمتاع حاليًّا بالنجاح الأدبى على أعلى مستوى جاد ، ينبغى أن تكون
الرواية
" غير خيالية " ولو بقدر معين ،
فقد أصبح على الكاتب أن يؤلف كتابًا عن موضوع معين درسه دراسة مستوفاة ويضمنه
تفصيلات واقعية بما فيه الكفاية ، ومع ذلك يُنْسِى القارئ أن الكتاب ليس من نسج
خيال الكاتب " .
* وفى العالم العربى ، تغير أيضًا موضوع الأعمال
الروائية والقصصية الموجهة إلى الأطفال والشباب الصغير :
ذلك
أن كامل كيلانى ،
( 1897- 1959 ) الذى يمثل الجيل الأول من
رواد أدب الأطفال فى مصر والعالم العربى ، قد أصدر حوالى (150) كتابًا ، تستمد
موضوعات قصصها كلها مما كان الكيلانى يُطلق عليه " الأساطير " ، فقد
قال : " ليس أروع من الأسطورة يتمثل بها الإنسان ".
أما
الجيل التالـى للكيلانى ، فقـد اهتـم بـأن يُعبّـر عن البيئـة المصريـة والطفـل
المصـرى المعاصـر
وقضاياه ، وهى قضايا لها جانبها الإنسانى العام ،
مثل تنمية الإبداع ، والتفكير العلمى ، والاهتمام بالمستقبل ، وبحقوق الإنسان
والطفل ، وقبول الآخر ، وعدم التمييز بين الفتى والفتاة ، وتنمية الشعور بالانتماء
إلى الوطن ، ودور العلم فى حياتنا ، والمُحافظة على البيئة ، وقضايا ذوى
الاحتياجات الخاصة ، والطفل العامل ، وأطفال الشوارع ، ومحو الأمية ، ودور المرأة
فى التنمية ، وهى الموضوعات التى جَعَلْتُها خلفية عدد
كبير مما كتَبْتُه من روايات للأطفال والشباب الصغير .
- لكن هذا التحول إلى الاهتمام بالواقع
الاجتماعى ، يسير حاليًّا - فى العالم العربى - جنبًا إلى جنب مع تقديم الحكايات
الخيالية بحس معاصر .
** ثورة فى عالم كُتب ما قبل المدرسة - القراءة
بالحواس الخمس :
فيما
يتعلق بالكتب الموجهة إلى مرحلة ما قبل المدرسة ، من عمر يوم إلى أقل من ست أو سبع سنوات ، تطورت وسائل تكنولوجيا صناعة
كتب صغار الأطفال ، إلى ما يمكن أن نسميه " القراءة بالحواس الخمس " ،
وذلك لجذب المزيد من صغار الأطفال إلى حُب الكتب والاهتمام بالقراءة .
وكان السبب الرئيسى فى هذا التطور الحاسم
الشامل ، هو الفهم العميق لدور حواس الرضيع والحضين فى تلقى الخبرة والمعلومات
والمعارف والمشاعر .
لقد
كانت كتب الأطفال لأقل من 7 سنوات تعتمد فى معظمها على الرسوم ، وهى صور ثابتة
مسطحة ذات بعدين فقط ، أو
تعتمد على الرسوم التى تجاورها كلمات قليلة ،
وكنا نطلق على هذه الكتب اسم " كتب الصور " .
لكن
هذه الكتب لم تكن تتيح للطفل أن يتعامل معها إلا بحاسة البصر وحدها . وحتى فى هذا
المجال فإنها لم تكن تستخدم أهم العناصر التى تجذب حاسة البصر ،
مثل التجسيم والحركة ، بل
والأضواء أحيانـًـا ، وبغير أن تقدم للطفل أية
إمكانيات للتفاعل أو المشاركة فى تلقى الخبرة .
لهذا السبب ، فإنه قبل عشرين سنة فى دول
أوربا وأمريكا ، لم نكن نجد فى مكتبات بيع كُتب الأطفال إلا أقل من 10 % من مجموع
الكُتب المعروضة موجّهة لسن ما قبل
المدرسة ، على
الرغم من الاتفاق على أن السنوات الأولى من عُمر الطفل هى الحاسمـة فى إنشاء علاقة
حُب بين الطفل والكتاب ، وأنها أهم السنوات فى تنمية عادة القراءة عند الطفل .
وكانت
هذه الحقيقة تفصح عن أنَّ مَنْ يشتركون فى تقديم كتاب الطفل ، لم يكونوا قد توصلوا
إلى أفضل الأشكال والوسائل لتقديم هذه الكُتب ، بالأسلوب الذى يُعطِى لمُختلف حواس
الطفل المُشاركة فى القراءة والتفاعل مع الكتاب .
-
لكن المشاركين فى تقديم كتب صغار
الأطفال ، من مؤلفين ومصممين ورسامين وناشرين ، لم يلبث أن أدركوا الدور الأساسى
لمختلف حواس الطفل فى المشاركة والتفاعل مع الكتاب ، وعلى وجه خاص حاسة اللمس التى
يستخدمها صغار الأطفال على نطاق واسع ، وهو أمر لا تتيحه لمعظم الحواس شاشات
الكمبيوتر والوسائل الرقمية الأخرى .
وكان
المدخل الرئيسى لهذا الإدراك ، هو التساؤل حول سبب الإقبال الشديد لكل الأطفال ،
وفى كل الأعمار ، على اللعبة ، وعدم حماس معظمهم للإقبال ، بنفس المستوى ، على
الكتاب فى شكله التقليدى .
فبدأت
ثورة حقيقية فى صناعة كتب صغار الأطفال ، تهدف إلى إشراك أكبر عدد من حواس الطفل
فى التعامل مع الكتاب ، وذلك كما تتعامل كل حواس الطفل مع اللعبة منذ الأيام
الأولى لمجيئه إلى هذا العالم .
وبذلك أصبح الكتاب أكثر جذبًا للطفل وأكثر قدرة على حفز الطفل على المشاركة والتفاعل
، وتحول الكتاب إلى صديق نشأت بينه وبين الطفل علاقة حب جعلته منافسًا قويًّا للشاشة الإلكترونية، لأن
الطفل أصبح يتعامل معه بحواس يستحيل أن يستخدمها وهو يراقب بسلبية الشاشات الرقمية
مثل حاسة اللمس .
وهكذا تطورت صناعة كتب صغـار الأطفــال
، ليصبح التركيــز فيهــا على التجسيــم والتحريك والأضواء
والأصوات والملمس والرائحة ، وذلك لإعطاء حواس الطفل دورًا رئيسيًّا فى الحفز على حُب
الكتاب ، ثم قراءته وفهم مضمونه قصصيًّا كان أو مَعْرِفيًّا .
- وكنتيجة لهذه الثورة التكنولوجية ، لوحظ تزايد
الإقبال بشكل غير مسبوق على الكُتب الموجّهة لسن ما قبل المدرسة ، حتى
إننا نلاحظ حاليًّا ، فى المكتبات الكُبرى المُخصّصة لبيع كُتب الأطفال فى أوربا
وأمريكا ، أن نسبة الكُتب الموجّهة لسن ما قبل المدرسة بالنسبة إلى مجموع كُتب
الأطفال المعروضة ، قد وصلت إلى ما بين 40
% و 50 % ، وهو تطوّر سريع ومُذهل ، جاء نتيجة
الأساليب والأشكال الجديدة التى نجحت من خلالها هذه الكُتب فى التعامل مع مُختلف
حواس الطفل مُنذ أول سنة من عُمره ، بل منذ أول أسابيع حياته .
إنها كُتب تم إبداعها لتــُـناسِب
أطفالاً لم يتعلّموا القراءة بعد . كُتب يقرؤها الأطفال ، ليس بالكلمات ، بل برؤية
صفحاتها أو أجزاء منها تتجسّم وتتحرّك وتضىء ، تختفى وتظهر ، وباللمس بالأصابع ،
وبالاستماع إلى الموسيقى والأصوات والكلمات ، بل وبالشم أيضًا ، فبهذه الوسائل
يُدرِك صغار الأطفال العالم ، ويستطلعون ، ويتعلّمون ، ثم يُـبْـدِعون .
لهذا نشاهد كل عام ، فى معرض بولونيا الدولى لكُتــب
الأطفــال بإيطاليــا ، وفى معرض فرانكفورت الدولى للكتاب بألمانيا ، وأخيرًا فى
معرض نيويورك للكتاب ، عشرات الآلاف من هذه الكُتب .
كما وجدنا كُتبًا صفحاتها ليست من الأوراق ، بل من
القــُـماش أحيانــًـا ومن الجلد أو البلاستيك أو غيره من الخامات مثل "
الفوم " فى أحيانٍ أُخرى ، أو البلاستيك الشفاف فى أحيان ثالثة ليستطيع الطفل
تكوين صور جديدة أو ألوان جديدة عندما تنطبق صفحة على أخرى .
* لكن هذه الثورة فى القراءة بالحواس الخمس وفى
التكنولوجيا الحديثة لإنتاج كتب صغار الأطفال ، لم تصل منها إلا أصداء خافتة إلى
العالم العربى ، على الرغم من أنها أصبحت الوسيلة الأساسية لإنشاء علاقة حب بين
أصغر الأطفال والكتب ، وبالتالى أصبحت أهم مدخل لتنمية عادة القراءة لدى الأطفال
.
والقليل النادر الموجود من مثل هذه
الكُتب باللغة العربية ، صدرعن طريق الترجمة والنشر المشترك مع دور نشر عالمية .
** فنون تقديم الكتاب المرئى المسموع :
ثار
تساؤل يقول : هل يكفى للطفل أن يرى ويسمع الكتاب ، وقد تم نقله كما هو برسومه
وكلماته على شريط فيديو أو على شاشة كمبيوتر ؟
شركات
الإلكترونيات والكمبيوتر ، مع إمكانياتها التكنولوجية الهائلة ، تشكو من أنه لا
خبرة لها فى مجال النشر عمومًا ، والنشر للأطفال على نحو خاصٍّ .
لذلك
فإنها ، من خلال ندوة مُوسَّعةٍ أقيمت أثناء إحدى دورات معرض
بولونيا الدولى لكُتب الأطفال ، طلبت التعاون مع دور
نشر كُتب الطفل فى مُختلف بلاد العالم ، لوضع وسائل الاتصال الرقمية الجديدة فى
خدمة ثقافة الأطفال وكُتب الطفل .
-
فالمسألة ليست مُجرَّد تسجيل الكتاب على
شريط أو أسطوانة مدمجة ( C.D ) ، بل
وجدوا ضرورة استخدام " اللغة الخاصة " لهذه الوسائل وإمكانياتها ، من
حركة وموسيقى ومؤثرات صوتية وأساليب إخراج وتمثيل وعرائس ورسوم متحركة ، وتصوير
خارجى ومقابلات مع شخصيات مشهورة
أو مُحببة للأطفال وغير هذا من وسائل ، لتقريب
المواد التى تحتوى عليها الكُتب الرقمية إلى الأطفال ، وجعلها
أكثر تشويقًا وجاذبية ،
فتصبح أكثر تأثيرًا على مشاعرهم وعقولهم واتجاهاتهم وقيمهم ومعارفهم ، وذلك
مثلما ينقل كاتب السيناريو السينمائى ومخرج الفيلم عند تحويل عمل أدبى إلى فيلم .
ويتطلب
هذا ظهور جيل جديد من الكُتـَّاب والخبراء والفنانين ، يُتقنون فنون تقديم الكتاب
المرئى والمسموع ، الذين يستخدمون مهارات وخبرات مُختلفة فى كثير جدًّا من النواحى
عن خبرات مؤلفى ورسامى ومخرجى كُتب الأطفال الورقية الحاليين مهما بلغت مواهبهم
وقدراتهم .
** تزايَد الاعتماد على " الصورة " فى
كتب الأطفال والشباب الصغير ، فتزايد ما هو موجه إليهم من كتب " الرسوم
المسلسلة " أو كتب " النصوص التصويرية " :
نحن
اليوم أمام جيل أو أجيال تَرَبَّت على قصص الرسوم المسلسلة فى مجلات الصغار ( الاستربس / الكومكس ) .
كما
أننا نعيش " عصر الصورة " بسبب الانتشار الواسع للوسائل المرئية
من تليفزيون وسينما وفيديو ، وبرامج وألعاب الكمبيوتر ، وتزايُد
اعتماد الصحافة على الصورة ، فمع كل خبر أو مقال توجد صورة أو صور
.
يقول
الدكتور شاكر عبد الحميد فى كتابه " عصر الصورة " :
" الصورة لم تعد تساوى ألف كلمة - كما جاء فى القول الصينى المأثور - بل صارت
بمليون كلمة وربما أكثر " .
"
لقد أصبحت الصور مرتبطة الآن على نحو لم يسبق له مثيل بكل جوانب حياة الإنسان ،
ولعبت الميديا ، خاصة التليفزيون والسينما والإنترنت وفنون الإعلان والإعلام بشكل عام ، دورًا أساسيًّا فى تشكيل وعى الإنسان
المعاصر ، فأصبح هناك حضور جارف للصور فى حياة
الإنسان الحديث .. إنها حاضرة فى التربية والتعليم ،
وفى الأسواق والشوارع ، وعبر وسائل
الإعلام ، وفى قاعات العرض للأعمال السينمائية والمسرحية والتشكيلية ، وفى
بطاقات الهوية ، وأجهزة الكمبيوتر ، وعبر شبكات الإنترنت والفضائيات والتلفونات
المحمولة ، وفى ملاعب كرة القدم ، وفى العروض الفنية ، وفى صناعة النجوم فى
السينما والتليفزيون والرياضة والسياسة ... "
*
" وقـد سـاهمـت علـوم الصـورة وتقنيـاتهـا
وتجليـاتهـا فـى عمليـات التربية والتعليم من خلال الصور التوضيحية والرسوم المصاحبة
للكلمات ، أو من خلال تقنيات الفيديو والسينما ، وأجهزة عرض البيانات Data
Show ،
والإنترنت ، وفى
عمليات التسويق ( عبر شاشات التليفزيون أو من خلال
الإعلانات المطبوعة أو الموضوعة على لوحات الإعلانات فى الشوارع وفى ملاعب كرة
القدم ، وعلى وجه خاص الإعلانات عن عروض أفلام السينما ) ، وفى
الحوار بين الجماعات
والشعوب ( عبر برامج
التلفزيون والإنترنت مثلاً ) ، وفى
الاستمتاع وقضاء وقت الفراغ ( مشاهدة أفلام السينما وأفلام
وألعاب الفيديو ) ".
*
ويضيف الدكتور شاكر : " ويرتبط
التفكير بالصورة بما يسمى " التفكير البصرى " .. والتفكير البصرى محاولة
لفهم العالم من خلال لغة الشكل والصورة .. والتفكير بالصورة يرتبط بالخيال،
والخيال يرتبط بالإبداع ، والإبداع يرتبط بالمستقبل ، والمستقبل ضرورى لنمو الأمم
والجماعات والأفراد .. ضرورى لخروجهم من أسر الواقع الإداراكى الضيق المحدود - المهم
خروجهم إلى آفاق المستقبل الرحبة الأكثر حيوية والأكثر إنسانية ".
*
" لكن ما زالت مباحث الصورة فى
العالم العربى تعانى الضعف والوهن ، نظرًا إلى هيمنة اللغوى على البصرى فى حقل
الثقافة العربية المعاصرة " .
* أهم آثار عصر الصورة على أدب الأطفال :
وقد عَوّدَت
الوسائل المرئية عيون الأطفال على مُشاهدة الأشياء وليس الاستماع إلى وصف لها ،
لهذا أصبحوا ، فى كتبهم ، فى حاجة إلى صور ورسوم لكل ما يمكن أن تراه عيونهم ، ولم
يعودوا مستعدين " لقراءة وصف " لما يمكن أن يتعرفوا عليه بواسطة حاسة
البصر .
* لذلك حدث انفجار فى زيادة ما يصدر من كتب
الرسوم المُسَلْسَلة ( والتى يمكن أن نطلق عليها " النصوص التصويرية " ) ، التى يتلازم
فيها النص مع رسم لكل فقرة ،
ليس لصغار الأطفال ، بل للعمر المتوسط ( 8 - 12 سنة )
، والشباب الصغير (
من 13 - 18 سنة ) ، والذين أصبحت الصورة تلعب بالنسبة لهم دورًا
مُهمًّا فى التشجيع على القراءة والتحمس لها ، وهو ما يقرره
عدد كبير من الخبراء فى أنحاء العالم (
كتاب " كتب الأطفال.. دراستها وفهمها "- تأليف " برو جودوين "
الصادر سنة 2008 ) .
وبدأنا نجد أهم
كلاسيكيات الأدب العالمى ، مثل قصص مسرحيات شكسبير وروايات كبار الكتاب العالميين
، يُعاد تقديمها فى كتب من هذا النوع الذى
انتشر انتشارًا هائلاً ، وهو ما جعل معظم دور النشر العالمية ( النشر الورقى ) تخصص
اهتمامًا يتزايد عامًا بعد عام لإصدار مثل هذه الكتب ، التى
يُـقْبــِـل عليها المزيد من شباب القراء الصغار كل يوم ، بعد
أن أصبحت الصورة تجذب انتباههم بنفس قوة جاذبية النص ، مثلما تحتل الصورة مكان
الصدارة على الشاشات .
ولعل من أشهر
هذه النوعية ، كتب " المانجا " اليابانية ، التى انتشرت ترجماتها بين
المراهقين فى بلاد كثيرة ، وبدأت الشركة المصرية العالمية للنشر - لونجمان ،
بنشر بعضها أخيرًا مع ترجمة النص
إلىالعربية ، ومن بينها قصة مسرحية " هاملت " لشكسبير .
وفى هذا يقول
أحد كبار المتخصصين فى أدب الأطفال الإنجليزى : " تقدم القصص التصويرية
للقراء من جميع الأعمار الكثير مما يمكنهم اكتشافه . بالإضافة إلى أن هذه
القصص تلعب دورًا فى تشجيع القراءة والتحمس لها بين صفوف المراهقين ( أو صغار
البالغين ) من القراء " .
ويضيف : على
الرغم من أن النصوص التصويرية كانت تستهدف فى أول أمرها الأطفال الصغار ، فإن
معظم ما يُنشر منها اليوم يستهدف القراء الأكبر سنًا
، على الرغم من أن بعضها قد يروق أيضـًـا لصغار القراء - وهى
نصوص يمكن أن تتناول أى موضوع أدبى ( برو جودوين :
" كتب الأطفال .. دراستها وفهمها
" ) .
- ومفتاح فهم هذه النصوص ، هو التركيز على
المرونة التى تتسم بها النصوص التصويرية ، بحيث تُستخدم فى رواية القصص بطريقة
بسيطة .
لكن هذه
المرونة تعنى أيضًا أن هذه النصوص يمكن أن تُستخدم فى رواية القصص المعقدة ، أو شرح الأفكار الصعبة غير
المعتادة .
- والمسألة الرئيسية هنا ، أن هذه النصوص
التصويرية أداة أو وسيلة أكثر منها نوعًا ، لأنها كما تقدم نصوصًا بسيطة للصغار يمكن أن تُستخدم
فى وضع نصوصٍ تنم عن الموهبة والإبداع فى
الكتابة الروائية .
- ويمكن استخدامها أيضًا بنجاح فى وضع نصوص
غير خيالية Non
Fiction ، بما فى
ذلك السير الذاتية وقصص حياة بعض الشخصيات .
- علاوة على أن هذه
الوسيلة تسمح للمؤلف بمخاطبة قطاع عريض من كافة الأعمار
.
* لقد أصبح نقاد أدب الأطفال الأوربيون يعتبرون
النصوص التصويرية عالمًا موازيًا لعالم القصة ،
بعد أن أصبحت تحظى باهتمام كبير فى أمريكا وفى كثير من
دول أوربا .
* وهناك
الآن من يرون أن النصوص التصويرية وسيلة ناجحة لجذب من لا يقرءون كثيرًا . وهناك
عدد كبير من المدرسين يدركون أنها تعد من أفضل الأنماط الأدبية وأكثرها تحفيزًا
فى مجال تعليم القراءة ( المرجع السابق الإشارة إليه ) .
* لكن كُتب المراهقين " المرسومة " هذه
، تـَـصْدُر بغير ألوان فى كثير منها ، للحد من التكلفة .
- كما يُلاحَظ ارتفاع ثمن هذه الكُتب لمواجهة
أداء حقوق الرسام ( بالإضافة إلى حقوق المؤلف ) ، مع ارتفاع تكلفة طباعة الرسوم - ومع
ذلك تجد إقبالاً كبيرًا من القراء الشباب .
- ونشير إلى تقارب طريقة كتابة هذا النوع من
الكتب مع طريقة كتابة السيناريو السينمائى .
* ملاحظة مهمة :
لكن أحد الفروق
الرئيسية بين النصوص التصويرية التى تُكْتَب " للأطفال " ، والنصوص
التصويرية التى تُقدَّم حاليًّا بكثرة " للشباب الصغير " ، هو تزايد
الاهتمام بارتفاع مستوى النص المكتوب " بجوار " الرسوم واقترابه من
مستوى النص الأدبى الجيد المتكامل ، لمعالجة ما كان يُوَجَّه دائمًا إلى رسوم
الكومكس والاستربس لصغار الأطفال من أنها تجنى على المستوى القرائى ، لاهتمامها بالرسوم على حساب تهميش
النص المكتوب . ومن أفضل ما تلجأ إليه هذه الكتب حاليًّا ، كتابة النص خارج كادر
الرسوم وليس داخلها فى بالونات .
* أما
فى العالم العربى ، فقد بدأ التنبه أخيرًا إلى هذه النوعية من الكتب ، لكن الاهتمام بها لا يزال محدودًا جدًّا حتى
الآن .
** إعطاء الطفل دورًا أكثر إيجابية فى التعامل مع
الكتاب :
وإذا
كانت شاشات الكمبيوتر والوسائل الرقمية تتيح مجالات متعددة للتفاعل والمشاركة لمن
يتعامل معها ، فإن كتاب الطفل لم يتراجع أمام هذا التحدى ، بل أصبحت كتب الأطفال
تعتمد هى أيضًا على إعطاء الطفل أدوارًا إيجابية فى التعامل معها ، وذلك لتحقيق
التوازن بين علاقة الطفل بالكتاب وعلاقته بشاشة الكمبيوتر .
بل
إن الطفل فى حاجة إلى هذا التفاعل وهذه المشاركة ويبحث عنهما [ فهما مثلاً أهم
أسباب إقبال الطفل على اللُّعبة والألعاب ] ، وبالتالى أصبح أهم الأسباب فى إقبال
الأطفال على مثل هذه الكتب الموجهة إليهم .
فلم تعد هذه الكُتب تكتفى بما يتلقاه
الطفل بحواسه منها ، بل أصبحـت تطلـب منـه القيام بنشاط أو عمل ما ، أو تُلقِى
عليه أنواعًا من الأسئلة لكى يبحث عن الإجابة عنها .. أى أن الطفل أصبح يتفاعل مع
الكتاب ويُضيف إليه بتدخُّل منه ، حتى يكتمل استقباله لما فى الكتاب .
ثم على الطفل أن يقوم بعد ذلك بعمل
إيجابى ، مرة أخرى ، ليتأكد من صحة وسلامة إجاباته واستنتاجاته ، وهو ما يساعده
على تنمية قدراته على التعلم الذاتى، كما يجعله ، فى مستقبل حياته، قادرًا على
وراغبًا فى البحث عن إجابات لأية أسئلة تواجهه ، عندما يعتاد الرجوع إلى المراجع
الرئيسية مثل دائرة المعارف والقاموس والمعجم وكتاب الخرائط ( الأطلس ) .
ومن أبرز وأحدث الأمثلة على مثل هذه الكُتب
التى بدأت مُعظم دور نشر كُتب صغار الأطفال فى تقديمها للأطفال ، الكُتب القصصية
التى تـُـقدم خلال سطور النص ، وبجوار الكلمات والأسماء ، رسومًا تدل على كل شخصية
. ويتكرّر الرسم كُـلَّـما جاء فى النص ذكر تلك الشخصية . وعندما يستمع الطفل إلى
النص ويرى تلك الرسوم ، فإنه يبحث فوق صندوق الموسيقى والأصوات المُثبت إلى غلاف
الكتاب ، إلى أن يتعرّف على الرسم الذى يدل على الشخصية التى جاء ذكرها فى النص -
إنسان أو حيوان أو جماد -
فيضغط على ذلك الرسم ، عندئذ يستمع إلى العلامة الصوتية أو الموسيقية التى تدل على
تلك الشخصية .
بهذا يستخدم الطفل ، بطريقة إيجابية ، البصر
واللمس والسمع ، للبحث والتعرّف ، فيرتبط مع الكتاب وشخصيات القصة بكل هذه الحواس
والأنشطة . بالإضافة إلى قيامه بعمل إيجابى يشارك من خلاله فى استقبال النص ،
عندما يبحث عن الرسم ، وعندما يضغط على هذا الرسم - الذى يدل على إحدى الشخصيات -
فوق " صندوق الموسيقى والأصوات " المُثـَـبَّت إلى الكتاب .
* كُتب تقديم " المعلومات " بالحواس
الخمس لأصغر الأطفال :
كما أن التكنولوجيا الجديدة لكُتب صغار
الأطفال ، عن طريق " القراءة بالحواس الخمس " ، أصبحت تُقدّم ، بجانب
القصص والصور ، كثيرًا من المفاهيم وكُتب المعلومات ، التى تُبْدِع فى تنوّع
مُدهش مُختلف الأساليب الجديدة ، لكى تُناسب أطفالاً لا يقرءون الكلمات ، لكن
لديهم الاستعـداد العقلى للتعرّف والبحث والمُقارنة والاستنتاج عن طريق الحواس
والتفاعل الإيجابى مع الكتاب .
فقبل رُبع قرن ، كانت كُتب صغار الأطفال لا تــُـقدِّم
إلا قصصًا بسيطة ، أو صورًا مُتفرّقة لأشياء يجدها الطفل عادة فى بيئته . لكن تلك
الكُتب لم تكن تقترب مما نــُسميه "
كُتب المعلومات " .
أما
الآن ، فإن أكثر من نصف الكُتب المُقدّمة لسن ما قبل المدرسة ، أصبحت تتناول ما
يُمكِن أن نُسميه " كُتب المعلومات " ، مثلاً
: حول أجزاء جسم الإنسان ، أو الألوان ، أو الحواس ، وشكل
الوجه والجسم عند التعبير عن مختلف الانفعالات . أو
تقدم مختلف المفاهيم ، مثل مفهوم المكان ( فوق / تحت ) والحجم
( كبير / صغير ) ، والمسافات ( قريب / بعيد ) ، أو الأرقام وحروف الهجاء ، أو
تساهم فى تنمية عدد من القدرات العقلية المهمة ، مثل التعرف على
الكل من خلال الجزء ، والمقارنة والاستنتاج . وتحرص
على أن تقدم كل هذا فى ضوء ما سبق أن ذكرناه من القراءة بالحواس الخمس ، ومن إعطاء
دور أكثر إيجابية للطفل فى التعامل مع الكتاب والتفاعل معه
.
ومن الأمثلة البارزة لهذه النوعية من الكُتب :
أ - تنمية القُدرة على الملاحظة ، والتعرّف على الكل
من خلال الجُزء ، والربط بين الأثر والمُؤَثـِّر :
فهذا كتاب يُقدِّم
فى صفحة رسومًا لأربعة حيوانات أو طيور ، ويُقدِّم فى الصفحة المُقابلة آثار أقدام
واحد من هذه المخلوقات الأربع ، وعلى الطفل أن يُحدِّد صاحب آثار هذه الأقدام من بين
الحيوانات أو الطيور الأربع . وبعد أن يُجيب الطفل مُستخدمًا خبراته السابقة ،
يفتح نافذة فى الكتاب أو يسحب صفحة كانت محجوبة ، ليعرف - عن طريق لوحة مرسومة -
ما إذا كان على صواب ، أو ليُصحِّح معلوماته .
وهــذا
الكتــاب دعــوة لكى يتعلّــم الطفــل التعـرّف على الكل من خـلال الجُـزء ( أو من
خلال أثر يتركه المؤثر ) ، بالاعتماد على قوّة مُلاحظة الفروق . إنه يُقدِّم
المعلومة من خلال طرح السؤال ، وبعد أن يُشارِك الطفل فى البحث عن الإجابة
باستخدام خبراته السابقة ، يقوم الطفل بنفسه بعمل إيجابى ، أى : يتفاعل ، وذلك
بفتح نافذة فى الكتاب أو سحب الصفحة المحجوبة ، للتأكّد من صحّة إجابته .
ب - الانتقال من الجُزئى إلى الكُلى :
وهذا
كتاب آخر ، صفحاته مُتدرّجة الطول ، يُقدِّم للطفل عددًا من الحيوانات مثل الغزال
، والجمل ، واللاما ، والزرافة ، والحمار الوحشى . وكُـلّما رفع الطفل صفحة أقصر
طولاً ، اكتشف أن الصفحة التالية - الأطول - بها الجُزء العلوى من حيوان جديد ، لكن بقيّة جسمه الأسفل - الأرجل
والسيقان - هى نفسها التى اشتركت فى تقديم كامل شكل الحيوان السابق . وتتكرّر هذه
العملية مع بقيّة صفحات الكتاب .
وفى النهاية
يكتشف الطفل ، من خلال تقليب الصفحات وتأمّل الصور ، وثــَـبَات الجزء الأسفل
المُشـْـترَك ، أن " كل " الحيوانات لها أربع سيقان . وبذلك
يكون قد انتقل من الرؤية الجُزئية عندما يقول إن لهذه الزرافة أربع سيقان ، أو إن
لهذا الجمل أربع سيقان ، إلى إدراك حقيقة كُـلِّـيَّة ، هى أن " كل "
حيوان له أربع سيقان .
جـ - القراءة باللمس والشم :
وهذا كتاب آخر ،
يتعرّف الطفل من خلال لمس الصور فى
صفحاته ، على الفرق بين الفراء الناعم للقط ، والنعل الخشن للحذاء [ تم استبدال
جزء ورقى من الصفحة بقطعة من الفراء أو ما يشبهه ، وقطعة بلاستيك خشنة الملمس مثل
ملمس نعل الحذاء ] .
كما يتعرّف من خلال شم
صفحة أخرى ، على أن
رائحة المُثلّجات ( الآيس كريم ) تــُـشبـِه رائحة الشيكولاتة .
كما أنه فى بعض صفحات الكتاب ، دعوة
للطفل لكى يبحث ويستطلع ويُنقّب ، ويعرف ما
وراءالشكل الظاهرى ليكتشف المخبوء والمُختفى .. فهو يرفع صورة لورقة نبات ملقاة
على أرض حديقة ، ليكتشف ما الذى يمكن أن يوجد مختفيًا تحتها من حشرات .
* إن التكنولوجيا الجديدة لكُتب صغار الأطفال ، قد
أصبحت تُشكّل ثورة حقيقية ، فقد أصبحت تتعامل مع حواس الطفل الخمس ، كما أصبحت
تـُعطى للطفل أدوارًا إيجابية مُتنامية من خلال المشاركة والتعامل التفاعلى
مع الكتاب .
كما أصبحت تُقدّم بجانب القصص والصور ،
كثيرًا من المفاهيم وكُتب المعلومات التى تُبدع ، فى تنوّع مُدهش ، مُختلف
الأساليب الجديدة ، لكى تـُـناسب أطفالاً لا يقرءون الكلمات ، لكن لديهم
الاستعـداد العقلى للتعرّف والبحث والمُقارنة والاستنتاج ، عن طريق الحواس ،
والتفاعل الإيجابى مع الكتاب .
** تقريب الكتاب
إلى المجلة :
-
كذلك لوحظ أن برامج التليفزيون والكمبيوتر ، التى تتسم بتنوع موضوعاتها ، وتعدد مَن
يكتبونها ويقومون بالأداء فيها وتقديمها ، قد أصبحت أقرب إلى المجلة ، بينما ابتعدت عن شكل الكتاب ذى الموضوع الواحد
والمؤلف الواحد .
- كما لوحظ فى مكتبات الأطفال ، أن إقبال القراء
الصغار على قراءة المجلات قد يزيد حوالى عشرة أضعاف عن إقبالهم على قراءة الكتب
.
* لذلك حدث تطور مهم فى كتـب الأطفــال جعلهــا
أقــرب إلى شكل المجلة ، وذلك بتطوير إخراجها وأساليب عرض موضوعاتها ، لتستفيد من
عناصر الجاذبية والتشويق التى تتمتع بها المجلات.
ومن أهم ملامح هذا التطوير :
1- استخــدام أسلوب الرســوم المسلسلة ( الاستربس
) فى كتب الشباب الصغير ، ( وهو ما كان يقتصر فيما سبق على مجلاتهم وللسن الصغيرة
فقط ) ، مع الحرص - كما ذكرنا - على أن نقدم للطفل نصًّا أدبيًّا
متكاملاً لا تكون فيه الرسوم بديلاً عن العبــارات والألفاظ ، حتى إذا قرأه الطفل
بدون رسوم تظل له قيمته الأدبية . وأفضل الأساليب لتحقيق ذلك ، أن يوضع النص
المكتوب " خارج الرسوم " وليس فى " بالونات " داخل كادر الرسوم
.
2- استخدام أساليب الإخراج الصحفى
، وخاصة التوسع فى استخدام العناوين بمقاسات الحروف المختلفة ، والتوسع
فى استخدام الصور الفوتوغرافية بالإضافة إلى الرسوم الملونة ، وتقديم
الموضوع الواحد بأساليب مختلفة ، وتقسيمه تحت عناوين فرعية . مع استخدام أشكال
الإخراج الصحفى التى تتعاون فيها كل العناصر السابقة فى تقديم صفحات جذابة حتى
لا تبدو الموضوعات طويلة . مع الحرص على تفادى الرتابة بتنوع
شكل إخراج كل صفحة عن الأخرى مع تحقيق نوع من الوحدة بينها .
3- تناول الكتاب لأكثر من موضوع واحد ، فيشارك
فى الكتاب الواحد أكثر من مؤلف وأكثر من رسام
، لتحقيق شكل من التنوع .
ومن أبرز الأمثلة على
ذلك ، أجزاء " موسوعة المعرفــة " للشباب
، التى كانــت تصــدر عن مؤسســة الأهـرام الصحفية بالقاهرة ، والتى صدرت فى حوالى
(250 ) جزءًا ، كل جزء من ( 16 ) صفحة كبيرة المساحة ، وكل جزء يتناول عددًا
متنوعًا من الموضوعات ، يكتب كل موضوع كاتب مختلف ، مع اهتمام متزايد بالصور
والرسوم الملونة التى تحتل ثلث أو نصف مساحة الصفحات .
4- صدور سلاسل من الكتب بصفة دورية
( مثل سلسلة " كتب الهلال للأولاد والبنات " ،
التى تـَـصْدُر شهريًّا عن مؤسسة دار الهلال الصحفية بالقاهرة ) ، على
أن يحتوى الجزء الأخير من صفحات كل كتاب على ما يشبه مجلة حقيقية ،
لإمكان متابعة الأحداث الجارية ، والإجابة عن أسئلة الأطفال فى وقت معين ، مع
تحقيق عنصر التنوع فى الرسم والتأليف .
5- احتواء الكتاب على بعض الأنشطة ،
مثل الكلمات المتقاطعة ، وإكمال بعض الرسوم أو تلوينها ،
والمتاهات ، على أن تكون مرتبطة بموضوع
الكتاب ، وذلك لتحقيق نوع من التفاعل والمشاركة
بين الطفل والكتاب ، وهو ما أصبحت تحرص عليه حتى الكتب المدرسية فى معظم بلاد
العالم المتقدم ، وأصبح أهم أسباب حرص
الصغار على تلك الكتب .
6- تقديم بعض الرسوم الكاريكاتيرية أو ما
يشبهها من أساليب ، لإضفاء روح المرح على جو الكتاب ، حتى فى الموسوعات
العلمية المقدمة إلى العمر أقل من 12 سنة . ( مثل موسوعة " عالم المعرفة
بين يديك " التى قمنا بإعادة صياغتها بالعربية ، وهى من عشرة أجزاء ، موجهة
إلى عمر مَن هم فى مرحلة الدراسة الابتدائية ) .
** تأثير التفاعل الذى يقود إليه العالم الرقمى
على أدب الأطفال :
التفاعل
والتواصل اللذان يقـود إليهما العالم الرقمى - وهو تواصل بين الشباب يتم بعيدًا عن
رقابة الكبار فى معظم الأحيان - قد أصبحا يؤثران فى أسلوب حديث الشباب وكتاباتهم ،
وفى أساليب تـَـعَلُّمِهم ، وفى نظرتهـم إلـى الطريقـة التى يفهمهم بها الراشدون والأسلوب
الذى يفهم به الراشدون الشباب ، وهو ما ترك آثاره الكبيرة على " موضوعات "
أدب الأطفال ، و " أساليب معالجتها
" .
إن عددًا كبيرًا
من الدارسين يؤكدون أن تواصل الأطفال والشباب
الصغير عن طريق الإنترنت والوسائل الرقمية ، قد أصبح مؤشرًا يدل على أن الأطفال
أهل لتحمل المسئولية ، يبحثون عن التواصل ، أكثر من أنهم أبرياء يحتاجون إلى
الحماية .
لقد
أثر النت فى شبابنا ومستقبلنا ، وأصبح مصدرًا أساسيًّا " لإعطاء السلطة
" للشباب ، نتيجة حرية التعبير ، والتواصـل بين مجموعـات كبيرة استمدت القوة من تجمعها بغير قمع أو تسلط من الكبار
.
وهكذا
وجدنـا الراشدين الذين اعتادوا أن يقولوا عن الشباب إنهم " أصغر كثيرًا من أن
يفكروا ، وأصغر كثيرًا من أن يعرفوا " ، قد تم إجبارهم على أن يروا وأن
يعرفوا - ويحترموا - القدرات المتسعة المتزايدة للأطفال والبالغين الصغار
( الشباب الصغير ) .
وبعد
أن كان الكبار يتصورون أن الشباب فى حاجة دائمة إلى حماية الراشدين ، أصبح الراشدون لأول مرة على مدى التاريخ يجدون
أنفسهم فى حاجة إلى الشباب .
كما أن " المشاركة " وليس "
التسلط " قد ظهرت بطرق مختلفة ، وبدأت القدرات الإنسانية
للشباب فى الانطلاق بعد أن كانت مقيدة ، كما
أصبح واضحًا أن المجتمعات التسلطية فى طريقها إلى التحول لتصبح مجتمعات ديمقراطية
.
ولا
شك أن هذا التغير العميق سيؤثر على نحو حاسم فى الموضوعات الأدبية الموجهة للأطفال
والشباب الصغير ، وفى رسم الشخصيات ، فى علاقات الأجيال ببعضها ، وفيما يقوم بين
أفرادها من صراع وأزمات تتركز حولهما العقدة فى كثير من الأعمال الأدبية والفنية .
* تزايد النشر المستقل والمعتمد على نفسه :
ومن
أهم الدلائل على الاهتمام بتزايد قدرات الشباب وإبداعاتهم ، تزايد قطاع النشر خارج
دور النشر الكبيرة أو المشهورة ، هذا التزايد الذى يُطلق عليه " النشر المسقل
أو المعتمد على نفسه " :
فقد اتضح ، فى
عام 2010 ، أن 7,2 مليون عنوان كتاب قد تم نشرها فى العالم بطُرق غير تقليدية ، مثل
" طبع نسخة من الكتاب عند الطلب " ، أو " النشر على حساب المؤلف " - ولم يدخل فى حساب هذا
الرقم الكُتب التى تم نشرها إلكترونيًّا ( e
– books ) – [ هذه
بيانات تم إعلانها فى معرض نيويورك الدولى للكتاب 2012 ] .
لكن
معظم هذه الكُتب لم تكن تجد طريقها إلى مكتبات بيع الكُتب المعروفة والمُنتشرة ،
فلا يُعلَم عنها شيىءٌ : لا مجموع القراء ، ولا أمناء المكتبات ، ولا باعة الكُتب - لكنها
الآن أصبحت تجد فرصتها فى معارض الكتب العامة والدولية ، التى بدأت تعطى اهتمامًا
كبيرًا جدًّا لتقديم كتب النشر المستقل ، خاصة التى يكتبها الشباب
.
وأتاح هذا لكثير من الشباب الصغير نشر إبداعاتهم ، التى
لم يكن يـُـقْبـِل عليها كبريات دور النشر ، ونجح بعض هذه الكُتب نجاحًا كبيرًا
، وتحول بعضها إلى أفلام سينمائية ناجحة ، وهو
ما فرض على سوق النشر أفكار وأساليب الشباب ، التى تأثرت كثيرًا بالعصر الرقمى ،
وما فرضه من تغير فى علاقات الصغار بالكبار ، وتغيُّر فى آفاق الكتابة ، وفى
تعبيراتها التى تأثرت باللغة المتداولة فى حوار الشباب على الإنترنت ، وتغير فيما
تتناوله من موضوعات كانت محرمة أو غير مقبولة .
** تأثير اللغة المستخدمة فى شبكة المعلومات (
الإنترنت ) على لغة الكتابة للأطفال :
بدأ
عدد كبير من علماء اللغـة فى أوربـا
وأمريكـا يلقـون أسئلة مثـل : هل تـؤدى المعاييـر المتسـاهلـة للبريـد
الإلكترونى ، ولـغـة الدردشـة ( الشـات ) ، إلى تغييـر الكتابـة والهجـاء أو
القضـاء عليهما ؟ وما مدى تأثير اللغة التى يتخاطب بها الصغار من خلال الوسائل
الرقمية ، على تذوقهم وتقبلهم للغة وأساليب الكتب الموجهة إليهم ؟
- وهذه قضية لا توجد حولها فى اللغة العربية
دراسات حتى الآن ، لا ميدانية ولا نظرية ، إلا بعض
مقالات متفرقة نادرة . وهى
قضية يجب متابعتها بالدراسة والتحليل ،
حتى لا نجد أنفسنا وقد افترقت لغة الكتابة للأطفال عن لغة الكتابة التى ينغمسون
فيها على الشاشات فيما بينهم وهم
يكتبون الرسائل الإلكترونية ( الإيميل ) ويدردشون عن طريق الإنترنت .
فمثلاً ، هناك
كثير من النصائح التى تدور حول كتابة البريد الإلكترونى ( باللغات الأجنبية ) ،
لتوجيه المُستخدمين حول كيفية كتابة نص الرسالة ، مثل النصح
بالتخلص من الإطناب والصيغ الجاهزة ، وتفادى استخدام
صيغة المبنى للمجهول ، واختيار الصيغ المختصرة ( مثلاً فى الإنجليزية : isn't
– aren't ) ، والنصح
باستخدام جُمل بسيطة قصيرة ، وافتراض أن المعلومات الواردة فى نهاية الرسالة ربما
لا يراها المُتلقى على الشاشة وهو ما يوجب إعطاء أهمية خاصة للمعلومات التى تظهر
على الشاشة فى افتتاحية الرسالة وذلك عن
طريق تقديم فقرة أولى قوية أو ملخص .
كما
أن هناك تأكيدًا دائمًا على أهمية وضوح الرسالة ، وعلى " الصيغة الحوارية
" الكامنة فى استخدام البريد الإلكترونى .
كمـا أن مجمـوعـات
أو غُـرف الـدردشـة ، تركز
على حـريـة التعبير ، وإن
كانت تنبـه فى نفس الوقت إلى الحاجة إلى الاحترام المتبادل ، والتحذير من
الاستخدام غير الحذر للحرية .
*
وفى اللغة العربية ، فى مجـال
استخـدام الأطفـال والشبـاب للإنترنـت ، لوحـظ طغيان شديد لاستخدام اللهجات
العامية ، وإهمال قواعد النحو والإملاء ، وإهمال علامات الترقيم - وعلينا التدارس
لكيفية مواجهة الآثار السلبية ، وتعظيم ما يمكن الاستفادة منه مِن إيجابيات .
** زيادات هائلة فى مُستخدمى الكُتب الإلكترونية :
وقد
حدث هذا على وجه خاص فى مجال الكتب الإلكترونية الموجهة إلى " البالغين
الصغار "
( لكن هذه الكتب لم تنجح - حتى الآن - بنفس الطريقة مع السن الأصغر - قبل
سن 8 / 9 سنوات ) .
ومع
ذلك لا يزال البحث قائمًا حول كيفية مواجهة تحديــات ومتطلبــات المحتــوى
الرقمــى الموجه إلى الأطفال ، والتغييرات التى يجب مراعاتها عند إعادة تقديم
كتب الأطفال بوسائل رقمية
، مثلاً : لتحقيق القراءة التفاعلية ، ولاستخدام الحركة فى
رسوم الكتب الملونة ، مع رصد ودراسة كيف سيؤثر نمو وسائل القراءة الإلكترونية على
مستقبل أدب الأطفال .
* وهناك فى الغرب ، يحصل الناشرون على ثمن كل نسخة
إلكترونية ، وإن كان هذا الثمن أقل عادة من ثمن النسخة الورقية ذات الغلاف العادى ،
لأنه لا توجد تكاليف طباعة ولا ورق ولا تجليد .
-
لكن بعض هذه الكُتب الإلكترونية لا تقدم
دائمًا الرسوم الموجودة فى الكُتب الورقية ، أو لا تُظْهرها بالألوان ،
وهذا يُقلل كثيرًا - حتى الآن - من استخدام الكُتب الإلكترونية فى مجال كُتب صغار
الأطفال التى تعتمد على الرسوم الملونة ، خاصة من عُمر
صفر إلى عُمر 8 - 9 سنوات - (
وعندنا فى العالم العربى حتى 12 أو 13 سنة ) .
- ومما يشجع على اقتناء الكتاب الإلكترونى ، رخص
ثمنه حاليًّا ..
- كما أنه قد
يحتوى فى ذاكرته على أكثر من ( 2500 ) كتاب ( حوالى 2 مليون صفحة ) ، قد
يكون من بينها - مثلاً - الترجمة الإنجليزية الكاملة " لألف ليلة وليلة
" أو قاموس أو دائرة معارف
كاملة .
- وهذا الكتاب الإلكترونى حمله
سهل جدًّا ، فوزنه لا يزيد على ( 100 ) جرام ، واستخدامه
يتم بنفس السهولة ، وأصبح يندمج الآن مع الهاتف المحمول .
*
أما فى مصر والعالم العربى ، فلم تصل بعدُ
أصداء استخدام الكتب الإلكترونية ، بسبب ضعف وقلة المحتوى الرقمى باللغة العربية .
** أثر السينما وألعاب الفيديو على القراء الصغار :
أصبحت
أفلام السينما - ومسلسلات التليفزيون - من أهم الفنون التى يتعايش معها أطفالنا
حاليًّا منذ الطفولة المبكرة ، وذلك قبل أن يجيدوا القراءة بوقت طويل ، وذلك نتيجة
اعتياد الأسرة على فتح التليفزيون طوال النهار طالما الكبار داخل المنزل ، دون
التنبه إلى أثر ذلك على صغار الأطفال ، أو لعدم إدراك البالغين لوجود مثل هذا
الأثر أصلاً .
ونتيجة
لذلك تَشَكَّل تذوق الأطفال للعمل الروائى المقروء بالبناء الفنى الذى تحرص عليه
أفلام السينما ،
وعلى وجه خاص الأفلام الموجهة إلى الأطفال .
كذلك
يتأثر الأطفال بشدة بألعاب الفيديو ، وبإيقاعها السريع .
ولا
شك أنه كلما اقترب بناء العمل القصصى أو الروائى وإيقاعه من هذا الذى تَعَوَّد
الأطفال على مشاهدته والتفاعل معه ، كان ذلك عاملاً مهمًّا فى جذبهم إلى القراءة وتذوقهم
لما يقرءون من أعمال روائية أو قصصية .
لهذا
فإن الأديب الذى يكتب للأطفال ، لابد أن يتنبه إلى تأثير مُشاهدة أطفال الأجيال
الجديدة - على نحو مستمر ومتواصل - لأفلام السينما
، سواء شاهدوها عن طريق الفيديو بالمنازل ، أو شاهدوها مع الكبار فى عدد كبير من القنوات
الفضائية التى تخصّصت فى تقديم الأفلام .
* ومن أهم
آثار مشاهدة الأطفال لأفلام السينما ، أن عيون الأطفال تعودت أن " ترى "
الأشياء: أشكال الملابس ، طُرز العمارة ، مفردات الأثاث ،
عناصر البيئة ( صحراء - بحر - قرية – مدينة ) ، وتأثيرات المناخ (
سماء صافية / سُحب / أمطار .... ) ، وبالتالى
قَلَّ اهتمامهم " بقراءة وصف " لهذا الذى تعوَّدت عيونهم أن تستوعبه
جيدًا بغير حاجة إلى كلمات .
* لهذا فإن أدباء الأطفال لم يعودوا فى حاجة إلى
إطالة الوصف لما يمكن أن تراه العين ، وأصبح عليهم أن يتركوا مُهمة الوصف البصرى
لعمل الرسام ، الذى أصبح دوره ضروريًّا ومطلوبًا حتى بالنسبة لكُتب المراهقين
والشباب .
* كذلك تـَـعَوَّد الأطفال على الاستماع إلى
" الحوار المباشر " ( direct
speech ) ، سواء فى الأفلام أو التليفزيون - فلم يعودوا يتقبلون كثيرًا
أن نكتفى بأن نسرد لهم مضمون الحوار ( indirect
speech ) .
* كذلك قد نتساءل عن تأثير الطول الزمنى
للأفلام على عدد كلمات وعدد صفحات كتاب
الطفل -
ذلك أن زمن عرض فيلم الأطفال يتراوح ما بين ( 50 ) دقيقة وساعة وربع أو ساعة ونصف - فهل
تأثرت قدرة الطفل على الاستمرار فى المطالعة ، وأصبحت محدودة بعدم القدرة على
الاستمرار فى القراءة زمنـًـا أطول من فترة عرض الفيلم ،
مع مُراعاة اختلاف القدرة باختلاف العمر ؟
* مع
ملاحظة أنه لابد من دراسات ميدانية تدور حول أطفال العالم العربى
، ولا نكتفى بالاعتماد على دراسات تتم فى أوربا أو أمريكا ، لاختلاف المناخ
الثقافى المحيط بالأطفال .
[ وهنا نتذكر أن
بعض أجزاء وروايات " هارى بوتر "، قد تجاوزت ( 800 ) صفحة، ولم تكن بها
إلا بعض " موتيفات " رسوم محدودة وصغيرة بغير ألوان بجوار عناوين الفصول
، وهو ما يشير إلى أن النصوص المكتوبة على نحو متميز جدًّا لا تزال تجد جمهورًا
كبيرًا حتى بغير رسوم ] .
لهذا
فإن هذه الموضوعات تحتاج إلى دراسات ميدانية مُتعدّدة
، تُشبـِه الدراسات التى بدأ بعض النقاد يقدمونها حول علاقة بعض روايات أديبنا
الكبير نجيب محفوظ بالسينما نتيجة انشغاله فترات طويلة من حياته فى كتابة
السيناريو السينمائى .
** تزايد الاهتمام بأدب الخيال العلمى ، باعتباره
من أهم وسائل تنمية الاهتمام بالثقافة العلمية ودور العلم فى حياتنا :
لاحظنا
فى مجال النشر الأمريكى ، وعلى نحو أقل قليلاً فى النشر الأوربى ، الاهتمام
المتزايد بروايات الخيال العلمى ، التى تلاقى هناك إقبالاً كبيرًا من الشباب
والشباب الصغير ( البالغين الصغار ) .
تقول مؤلفة كتاب " الثورة
التكنولوجية والأدب " :
" هناك اتجاه واضح فى الأدب نحو الزيادة المطردة فى انتشار
روايات الخيال العلمى ، وبصورة خاصة فى إنجلترا والولايات المتحدة وروسيا ( الإتحاد
السوفيتى سابقًا ) " .
"
كما أن مقدار ما يُؤَلَّف فى الخيال العلمى من مختلف الأنماط ، أخذ أيضًا فى
الزيادة فى الدول التى لم يكن يوجد بها الاهتمام بهذا النوع من الأدب ، مثل
اليابان وإيطاليا والدول الإسكندينافية ، بل وحتى أمريكا الجنوبية " .
* ويُعتبر أدب الخيال العلمى علاجًا حقيقيًّا
للقطيعة بين العلم والأدب . وهذا التقارب يمكن تفسيره بالتأثير
الضخم للعلم والتكنولوجيا على حياتنا ، وبتأثير الروح الصناعية فى زماننا على
الأدب .
* وهناك إجماع على أن أدب الخيال العلمى هو أفضل
وسيلة لإثارة حماس المراهقين والشباب الصغير بالعلم ، ودوره الأساسى فى حياتنا .
* وتعبير " أدب الخيال العلمى " مقصود
به نوع من أنواع الكتابة الأدبية ، يحاول
فيه الكاتب أن يتصور ما يستطيع العلم أن يقدمه فى المستقبل إلى الإنسان من إمكانيات ، وأن يفتح عيوننا على الخير الذى يمكن
أن تقدمه هذه الإمكانيات ، أو يحذرنا من أخطارها المحتملة .
بالإضافة
إلى أنه يهيئ الرأى العام لتقبل وجود العلم فى كافة جوانب حياة المجتمع
.
إن
أدب الخيال العلمى يساهم فى تكوين الفكر العلمى ، والاهتمام بالثقافة العلمية لدى القراء ، ويساعد على تعميق فهم الناس لدور العلم
فى حياتنا .
* وفى
هذا النوع من الأدب ، لا يعتمد الصراع كثيرًا على العلاقات بين أبطال القصة أو
الرواية، بقدر اعتماده على البحث عن أفضل الطرق للوصول إلى الحقيقة
.
* وليس مصادفة أن كُتاب الخيال العلمى كثيرًا ما
يكونون علماء ، فمثلاً " أرثر كلارك عملاق الخيال
العلمى " كما يطلقون عليه فى إنجلترا وأمريكا ، هو من الفلكيين الرواد وعالم
رياضيات – والأمريكى " إيزاك آسيموف " عالم مشهور من علماء الكيمياء
الحيوية .
* وبعد
تردد ، فاز هذا اللون من الأدب بالاعتراف به ، مما وضعه على قدم المساواة مع بقية
صور الأدب الشامخة .
* ويتخذ أدب الخيال العلمى موضوعه من الظواهر
العلمية ، وتوقعاتها المقبلة ، والتنبؤ بها ، وانعكاسات ذلك على عالم المستقبل
ومصير الإنسان .
إن
العالِم الألمانى " هرمان أوبرت " ، كان صبيًّا
صغيرًا عندما قرأ فى سنة 1906 رواية "
جول فيرن " " من الأرض إلى القمر " ، فأثار خياله ما فى القصة من
صور عن عالم الفضاء بكواكبه وقذائفه المتدفقة نحو المجاهل البعيدة ، فتساءل ذلك
العالم الصغير : " هل يمكن أن يحدث
هذا ؟ "
فأجابته
أمه : " كل الأعمال الكبيرة تبدأ بالأحلام ، ثم يسعى الناس لتحقيق هذه
الأحلام " .
ومنذ ذلك الوقت
، أخذ هرمان يفكر فى المدفع الذى أطلق قذيفة " جول فيرن " نحو القمر ،
وظل يفكر فى كيفية التخلص من الجاذبية الأرضية ، وفى الوسائل التى يمكن أن يصنع
بها هذه القذيفة . وظلت هذه القذيفة تشغله ست
عشرة سنة ، طلع بعدها على العالم بمخطوطة فى عالم الفضاء ، كانت الخطوة الأولى فى
إطلاق أول الأقمار الصناعية حول الأرض سنة 1957 .
وهذا
النموذج المتميز ، يؤكد دور الخيال العلمى فى حفز الأطفال والشباب على
الاهتمام بالعلم ، واتخاده مهنة مدى
الحياة .
* * *
* وعلى الرغم من أن روايات الخيال العلمى تتحدث
غالبًا عن منجزات علمية لم يتوصل إليها الإنسان بعد ، فإنها كثيرًا ما توحى إلى العلماء
بأفكار تتعلق بمختلف ميادين العلم ، كالطب
والكهرباء والجيولوجيا وغيرها .
كما
أن المؤلفات التى يُصدرها هؤلاء الكتاب ، تعطى جماهير القراء مفاهيم شتى لاحتمالات
العلم المستقبلية ، وللتطور المذهل الذى تسير فيه معظم العلوم
.
-
لكن إذا قيل إنه لا حدود للخيال ، فإنه عندما
يجد المؤلف موضوع قصته ، يجب أن يخضع لمنطق معين ، وأن يضع لفكرته الحدود التى
تجعلها مقبولة لدى القراء ، وبذلك يعمل المؤلف داخل إطار ونظام معينين
ولا يترك نفسه بغير ضابط ، حتى لا يُخْرِج للقراء
أنواعًا من الهذيان لا تمت للعلم بصلة مثل قصص الرجل الخارق للطبيعة .
* * *
* أما فى العالم
العربى ، فقد بدأ الاهتمام بأدب الخيال العلمى
متأخرًا ، وتناوله فى البداية عدد من كبار الأدباء فى عدد قليل من مؤلفاتهم .
فمن مصر ، كتب
توفيق الحكيم مسرحيته " رحلة إلى الغد " ، وفيها
يضع تصورًا عن عالم المستقبل وما يمكن أن يحدث فيه من منجزات علمية تزيد من رفاهية
الإنسان ، لكنها فى المقابل تزيد من التحكم فيه . كذلك كَتَب الحكيم مسرحية
" لو عرف الشباب " ( 1950 ) – وكذلك قصته " فى
سنة مليون " .
وقد شارك
مصطفى محمود فى قصص
الخيال العلمى بروايته " العنكبوت " (
1964 ) .
كذلك شارك
يوسف السباعى بروايته " لست وحدك "
(1970) وفيها تسافر مركبة فضائية إلى كوكب المريخ .
لكن
نهاد شريف هو الكاتب المصرى الوحيد الذى تخصص فى
أدب الخيال العلمى ، وقد كتب أكثر من عشر روايات ومجموعات
قصصية فى هذا المجال . ومن أشهر رواياته " قاهر الزمن " ، التى يتحدث
فيها عن " السّبات العظيم " ، وقد تحولت إلى فيلم سينمائى ناجح .
ومثل نهاد شريف فإن
رؤوف وصفى
أصبح من أهم من يكتبون حاليًّا فى مجال الخيال العلمى والثقافة العلمية للكبار
.
وفى
سوريا ، خصص الدكتور طالب
عمران جهوده كلها لهذا المجال : دراسة ، ورواية ، وقصة
قصيرة ، ومسلسلات تليفزيونية . كما كتب دياب عيد
رواية واحدة فى مجال الخيال العلمى هى " نداء الكوكب الأخضر " .
وفى المغرب فإن أحمد
عبد السلام البقالى هو أول من كتب فى أدب الخيال العلمى فى
المغرب ، وذلك فى روايته " الطوفان الأزرق " ( 1976) .
* لكن كل هذه الكتابات هى مجرد نقطة فى بحر
الكتابة للكبار ، ولم يوجد بعد من يكتب الخيال العلمى للشباب الصغير فى العالم
العربى .
-
وهذه الندرة فى كتابة أدب الخيال العلمى
فى العالم العربى ، هى انعكاس لغياب الثقافة العلمية والتفكير العلمى عن حياتنا
العامة ومن إعلامنا .
وتأكيدًا
لهذا الواقع المؤسف ، يكفى أن نعرف ضآلة اعتمادات البحث العلمى فى معظم بلاد
العالم العربى ، مقارنة بالميزانيات الضخمة للبحث العلمى فى كل بلاد العالم
المتقدم .
** كتب للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة :
كذلك
تزايد اهتمام المجتمع العالمى فى السنوات الأخيرة بأهمية إعطاء قدر مناسب من
العناية للأطفال " ذوى الاحتياجات
الخاصة " ، بتوفير قدر من الرعاية الاجتماعية والثقافية والصحية
والنفسية لهم .
وفى
مجال كتب وثقافة الأطفال ، فإن الأمر يتطلب ، فى مواجهة احتياجات الأطفال ذوى
الاحتياجات الخاصة ، الاهتمام بأمرين :
الأول :
تقديم كتب للأطفال العاديين لمساعدتهم
على تـَقَبُّّل الطفل المعوق وإدماجه فى محيطه الاجتماعى بغير حساسيات .
والثانى : إنتاج كتب تواجه
احتياجات كل نوع من أنواع الإعاقة ،
مثل فقد البصر ، والطفل الأصم الأبكم ، والأطفال المعوقين عقليًّا مع مراعاة
اختلاف درجات الإعاقة .
* نقطة الانطلاق :
ونقطة
الانطلاق الأساسية فى مجال الكُتب الموجهة إلى هذه الفئات ، أنه لا يوجد طفل غير
قابل للتعلّم ، فكل الأطفال يُمكن تعليمهم ، ومنهم طبعًا ذوو الاحتياجات الخاصة ، فمعظم
أصحاب الإعاقات من المُمكن أن نصل فى تعليمهم وتدريبهم إلى أقصى ما تسمح به قُدراتهم
.
- الاختلاف ليس فى المادة الثقافية ، بل فى طريقة
تقديمها :
ومن
أهم الاعتبارات التى تم الاتفاق على مُراعاتها عند إعداد وتقديم المواد الثقافية
للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة ، التأكيد على أن الرعاية الثقافية للغالبية العُظمى
من هؤلاء الأطفال ، ومُختلف المواد الأدبية والثقافية التى تعد وتُقدّم لهم ، لا
تختلف عن تلك التى تقدم للأطفال العاديين ، إلا أننا قد نحتاج إلى
تعديلها أو تعديل طريقة استخدامها لتلائم بعض حالات الإعاقة التى تتطلّب طرقًا مُختلفة
للاتصال ( فقد البصر ، فقد السمع ، الإعاقة العقلية ) .
* * *
وعلى
الرغم من ضرورة أن نتجنـّـب قدر الإمكان تقديم مواد ثقافية خاصة أو مختلفة للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة ، إلا أنه من
الضرورى الحرص على وصول كافة أشكال ووسائط الثقافة والمواد المقروءة ومُختلف أنواع
الرعاية الثقافية التى تقدم للطفل العادى إلى جميع أنواع الأطفال ذوى الحاجات
الخاصة فى
أماكن وجودهم ومعيشتهم ومؤسساتهم ، أو ضمان وصولهم لأماكن وجود هذه المواد.
* * *
* ولعل أهم ما يجب مُراعاته عند تعديل الكُتب ومُختلف
أنواع المواد المقروءة لتناسب الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بمختلف أشكال ودرجات
الإعاقة ، الحرص الشديد على التغلب على إعاقة القراءة، والتمكن من جعل هؤلاء
الأطفال قادرين على القراءة والاستفادة من المواد المقروءة والاستمتاع بها .
فالطفل
الكفيف يعتبر طفلاً معوقــًـا بالنسبة
للكُتب المطبوعة وليس كذلك بالنسبة للكتاب المعد بطريقة برايل أو الكُتب الناطقة
أو كتب الصور والرسوم المجسمة والبارزة والمُفَرَّغـَـة
لكى يستطيع التعرف على تفاصيل الصور عن طريق اللمس .
وبنفس الطريقة فإن الطفل الذى يُعانى من
مُشكلة فى القراءة ، يعتبر معاقــًـا
بالنسبة للكُتب المطبوعة بالطريقة التقليدية ، لكنه يصبح قارئــًـا جيّـدًا للكُتب
المُعدّلة المطبوعة بطريقة تــُـناسبه ، مثلاً بحروف حجمها كبير .
وحتى الأطفال الذين يعانون من
الإعاقة العقلية ، فإنهم
يعانون عند استخدامهم الكتاب الذى يتطلّب قدرات عقلية عالية ، لكنهم يصبحون غير
معوقين بالنسبة للكتاب البسيط فى مضمونه وطريقة
تقديمه ، والمُناسب
لعمرهم العقلى وليس لعمرهم الزمنى .
- أهم أنواع الكُتب
التى تُناسب مُختلف الإعاقات :
ومن أهم أنواع الكُتب التى تــُـناسب مُختلف
الإعاقات ، كُتب القراءة بالحواس الخمس ، والكُتب المُصوّرة ، والقصص المُصوّرة
بدون كلمات ، والكُتب التى تعتمد على رسوم تــُـعبّر عن لغة الإشارة وتصلح لمن
يعانون من إعاقة سمعية ، والكُتب المعتمدة على اللمس وتصلح للأطفال فاقدى البصر
وبعض حالات الإعاقة الذهنية ، والكُتب المكتوبة بطريقة برايل لفاقدى البصر ، والكُتب
الناطقة أو الصوتية والمسجلة على اسطوانات C.D أو على
شرائط كاسيت ، والكُتب المطبوعة بحروف كبيرة الحجم التى تسهل قراءتها لمن يعانون
من فقد جُزئى للبصر ، وكُتب القماش ، والكُتب التى تحتوى على مجسمات وأجزاء متحركة
أو روائح أو رسوم مفرغة وتصلح لكل فئات الأطفال عاديين أو لديهم إعاقات ، وعلى الأخص
الإعاقات العقلية .
- القصة وطريقة
تقديمها لذوى الاحتياجات الخاصة :
والطفل
المعاق يستمتع عقليًّا بالقصة مثله مثل أى طفل آخر ، ويُعتـَبر وقت القصة من
الأوقات المُحبّبة لكل من المُستمع والراوى ، سواء كان هذا
الراوى هو المدرس أو أحد الوالدين أو الجد أو الجدة أو أحد الأخوة .
- وتشكل كيفية جعل القصة مُلائمة للطفل
المُعاق عقليًّا ، تحديًّا للأسرة وللعاملين فى مجال ثقافة
الطفل ذوى الاحتياجات الخاصة .
هذا الطفل لا يحتاج إلى قصة ذات مواصفات خاصة ، وإنما يحتاج إلى
أن نروى له القصة ذاتها التى تُرْوى لزميله غير المعاق فى نفس عُمره " العقلى
" ، [ وليس عمره الزمنى ] ولكن بأسلوب يوضح معانيها ويقربها له .
وهو
يستمتع مثله مثل أى طفل آخر بتقليب صفحات الكتاب . لكن علينا أن نراعى أن تكون هذه
الكُتب مُشوّقة ، ذات ألوان زاهية وصور واضحة ، تــُـخاطب كل حواس الطفل ( البصر – اللمس –
السمع – الشم ... ) وذلك لتوضيح المعانى
وتقريبها له ، لتقدم له الترفيه مع التعليم .
- كتب تدعو إلى تَقَبُّل الأطفال ذوى الاحتياجات
الخاصة :
وقد
أصبحت جميع دول العالم المتقدم تطبق حاليًّا سياسة
الدمج لذوى الاحتياجات
الخاصة منذ بداية حياتهم ، مع الأطفال العاديين ,
وذلك فى سبيل تنمية قدرات هؤلاء الأطفال على التوافق مع المجتمع , وهو ما يتيح لهم
فرصًا أكبر للتغلب على إعاقتهم .
ولنجاح
أساليب الدمج , لابد من توعية الأطفال العاديين ليتقبلوا الطفل المعاق على قدم
المساواة مع بقية الأطفال .
لذلك بدأت تصدر فى العالم كتب موجهة للأطفال العاديين , تعاونهم على تَقَبُّل الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة .
وقد
وجدنا فى مكتبات بيع الكُتب فى أنحاء أمريكا ، عددًا كبيرًا من كل أنواع
هذه الكتب - تساهم
فى تكلفة إنتاج معظمها جمعيات أهلية مهتمة بالعناية بذوى الاحتياجات الخاصة ،
لأن تأليفها يحتاج إلى خبرات خاصة ، ويتكلف كثيرًا ، وتوزيعها بطىء بالنسبة لكُتب
الأطفال العاديين .
كما
أنه بالنسبة للإعاقات العقلية ، يستعينون بكتب الأطفال العاديين التى تناسب العُمر
العقلى لا الزمنى للطفل المُعاق .
* أما فى العالم العربى
، فلا
توجد هذه النوعية من الكُتب ، ولا حتى عن طريق
النشر المشترك ، لأن الناشرين يتصورون أنه لن يكون هناك
من يُقبل على شرائها .
لهذا
لابد من مبادرات غير حكومية ، تأخذ على عاتقها مواجهة مسئولية إنتاج مثل هذه
الكُتب دون نظر إلى الربح أو بطء التوزيع .
* كُتب لبث الثقة فى نفوس الأطفال والإيمان بقُدراتهم
:
وهناك
كُتب تطرح موضوعات وقصصًا تدفع الطفل لتجاوز إعاقته وتزيد ثقته بنفسه وقدراته
، أو
على الأقل مُعالجتها وإيقاف هذه الإعاقة عن أن تتضاعف - وهذه الكُتب تلعب دورًا فى تقوية عزائم هؤلاء الأطفال
، وتعمل على تحويل موضوع الإعاقة إلى قدرة حقيقية على الإنتاج والفاعلية .
ثلاثة كتب
للمكتبة العربية :
وقد
قدمنا إلى المكتبة العربية ثلاث كتب تحتوى على ثلاث قصص تدور حول الأطفال ذوى
الاحتياجات الخاصة :
الأولى :
قصة" سر الاختفاء العجيب " :
وبطلها صبى يعيش فى قريتى شارونة بصعيد مصر ، مصاب
بشلل الأطفال فى أحد ساقيه ، ومع ذلك استطاع
أن يحقق ما لم يُسْتـَطَع تحقيقه عن طريق الكبار والصغار فى قريته ، عندما أصر على مواصلة البحث عن صديقه الذى فُقِدَ بيــن
تــلال المقطــم ، واستطــاع هو أن يعثر عليه ويعود به سالمًا إلى القرية .
إنها
قصة تبث الثقة فى نفوس الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة ، لأنها تؤكد قدرتهم على
الإنجاز ، أحيانًا أفضل من غيرهم من الأطفال ، حتى أن عددًا من مؤسسات تعليم
المكفوفين طبعتها بطريقة برايل ، تلبية لطلب عدد كبير من الأطفال الملتحقين بتلك
المؤسسات .
والثانية : قصة " حكاية طارق وعلاء " :
وقد
استوحيناها من تجربة دمج الأطفال أصحاب الإعاقات العقلية فى فصول الأطفال العاديين
، وهى التجربة التى قامت بها فى مصر مؤسسة " كاريتاس
" العالمية . تقول عن هذه القصة " د. ماريا ألبانو " أستاذ
الأدب العربى بالجامعات الإيطالية ، التى قامت
بترجمة القصة إلى الإيطالية ونشرتها : " يحكى الكاتب عن مقابلة " علاء
" مع طفل آخر هو " طارق " الذى يعانى من " احتياج خاص "
. ثم تقول : " والشارونى لا يتكلم أبدًا عن
الإعاقة على نحو صريح ، لكنه يصف شخصية طارق الموهوب جدًّا فى الرسم . وفى النهاية
سوف يقوم طارق نفسه بمُساعدة علاء وليس العكس . إن التركيز لا يكون على احتياج طارق
للتواصل مع الآخرين ، لكن على كفاءة " الآخرين " فى التواصل مع طارق
" .
"
إن قيمة الكتابة تربوية بشكل كبير : تتضمَّن القصة طرقًا دقيقة للتصرف والتفاعل مع
ما يُسمَّى " الاختلاف " ، وذلك بهدف اكتشاف " المهارات "
وليس " الإعاقات " للأشخاص الذين يظهرون وكأنهم " غير طبيعيين
" . "
والثالثة : قصة " مرمر وبابا البجعة " :
وتدور حول أحد طيور البجع التى حطم التمساح نصف منقارها فى إحدى حدائق
الحيوانات ، فتعذر عليها أن تبحث عن طعامها أو أن تتناوله ، فاهتم بها حارس حديقة
الحيوانات التى تعيش فيها كأنها ابنته . وهذه القصة تقدم
نموذجًا لتقبل الطفل العادى لأصحاب الاحتياجات الخاصة .
الخاتمة :
هذه
بعض ملامح التطور الهائل الذى حدث فى كتب الأطفال بأمريكا وأوربا .. إنه تطور يمكن
أن نطلق عليه " ثورة حقيقية " فى هذا المجال .
وقد
أدى هذا التطور - الذى استند إلى فهم أعمق لدور الحواس فى التعرف على العالم ،
وإلى إدراك الآثار العميقة التى تركتها التطورات الرقمية والاجتماعية وعصر الصورة على
علاقة الطفل بالكتاب – أدى إلى إقبال أعداد متزايدة من الأطفال والشباب الصغير على
القراءة .
ونرجو أن تتنبه البلاد العربية إلى هذا التطور الحاسم ، وإلى
آثاره العميقة فى تقريب الكتاب إلى الأطفال ، وفى تنمية عادة القراءة ، وفى
الارتقاء بمستوى التعليم ، وفى محو الأمية .
يعقوب الشارونى
مؤلف أدب الأطفال
أستاذ زائر أدب الأطفال
بأقسام الدراسات العليا بالجامعات المصرية
عضو المجلس الأعلى للثقافة –
لجنة ثقافة الطفل
المشرف على باب الطفل بصحيفة الأهرام
الرئيس السابق للمركز القومى
لثقافة الطفل
ووكيل وزارة الثقافة سابقًا
Email:
yacoubelsharouny@yahoo.com
أهم المراجع :
- ديفيد كريستال
: "
اللغة وشبكة المعلومات العالمية
" - نشر جامعة
كامبريدج -
الطبعةالثانية - ( 2006 ) - ترجمة : أحمد
شفيق الخطيب - نشر المركز القومى للترجمة - مصر - ( 2010 ) .
- دون تابسكوت : "
جيل الإنترنت - كيف يغير جيل الإنترنت عالمنا "
- الطبعة الأولى - ( 2009 ) - ترجمة
: كلمات عربية للترجمة والنشر - ( 2012 ) .
- برو جودوين :
" كتب الأطفال - دراستها وفهمها
" - SAGE للنشر لندن - ( 2008 ) - ترجمة
: عائشة حمدى - نشر مجموعة النيل العربية - ( 2011 ) .
- " أدب الأطفال والفتيان فى العالم " - دراسات
لمجموعة مؤلفين - مجلة أوربا - العدد 607 - 608 ) ترجمة
: نادر ذكرى - الناشر : دار الحوار للنشر والتوزيع - سوريا - ( 1985 ) .
- فالنتينا إيفاشيفا : "
الثورة التكنولوجية والأدب " - ترجمة
: عبد الحميد سليم - الهيئة المصرية العامة للكتاب
- ( 2006 ) .
- الدكتور شاكر عبد الحميد : "
عصر الصورة " - سلسلة " عالم المعرفة " -
المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب - الكويت - ( 2005 ) .
- موسوعة " عالم المعرفة بين يديك " - ترجمة وإعادة
صياغة : يعقوب الشارونى - ( من عشرة
أجزاء ) - شركة سيلكا - سويسرا - ( 1990 ) .
- محمد عزام "
خيال بلا حدود - طالب عمران رائد أدب
الخيال العلمى " - دار الفكر المعاصر - بيروت لبنان - دار الفكر
دمشق سورية ( 2000 ) .
- د .
ماريا ألبانو : "
القصة المصرية الحديثة للأطفال " - ترجمة من
الإيطالية - الهيئة المصرية العامة
للكتاب ( 2009 ) .
- يعقوب
الشارونى : " القراءة
مع طفلك " - سلسلة " اقرأ " - دار المعارف -
القاهرة - الطبعة الأولى - ( 2012 ) .
- يعقوب
الشارونى : " تنمية عادة
القراءة عند الأطفال " - سلسلة " اقرأ " - دار
المعارف - الطبعة الرابعة ( 2005 ) .
- كامل كيلانى :
مجموعة مؤلفاته .
- زيارة امتدت أربعة أيام ، لمعرض نيويورك الدولى
للكتاب ، ( بوك إكسبو أمريكا - 2012 ) فى الفترة ( من 4 إلى 7 يونيو
2012 ) ، تابعنا فيها عددًا كبيرًا من الندوات
وحلقات البحث واللقاءات ، مع ناشرين ومؤلفين ورسامين من مختلف أنحاء العالم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق