إنه العبقرى موتسارت، الذى لمست أصابعه البيانو وهو فى الثالثة
من عمره، وبرغم معاناته مع مرض التوحد، استطاع أن يكون علامة فى تاريخ
الموسيقى فى العالم، ليتوحد مع البيانو والأنغام.. فى السابع والعشرين من
يناير 1756، ولد العبقرى موتسارت بمدينة سالزبورج بالنمسا، كان الابن
السابع لأسرته التى اشتهرت بحب الموسيقى ومهارة العزف، فكان والده عازفاً
ماهراً على آلة الكمان ومؤلفاً موسيقياً.
طفولة موتسارت كانت متفردة بعبقريته الموسيقية، ففى الرابعة من عمره
استطاع أن يقرأ النوتة الموسيقية، وحاول أن يؤلف لحنه الأول، رافق موتسارت
والده فى عدة رحلات لألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا، واستقبله
محبو الموسيقى استقبالاً رائعاً.
كانت حياة موتسارت انتصاراً للعبقرية على سنوات عانى فيها من العزلة
والتوحد، فعزف فى السادسة من عمره أمام الملك جورج الثالث، ملك إنجلترا،
وأمام الأسرة الملكية الفرنسية، وكتب أول سيمفونياته فى التاسعة، وأول
أوبرا وهو فى الرابعة عشرة من عمره، ليتقن جميع الألوان الموسيقية ويؤلف 56
سيمفونية و15 أوبرا والكثير من الأعمال الموسيقية فى فترة قصيرة لم تتجاوز
35 عاماً، ومن أشهر مؤلفات العبقرى موتسارت أوبرا «زواج فيجارو» و«الناى
السحرى».. إنه موتسارت الطفل العبقرى الساحر الذى تغلب على محنة التوحد بما
منحه الله له من موهبة وعبقرية فى مجال الموسيقى..
ومن الذين توحدوا مع عبقريتهم قبل أن يتوحدوا مع العزلة والانطواء،
العالم الفيزيائى الشهير ألبرت أينشتين، صاحب نظرية النسبية الشهيرة، حتى
سن الثالثة لم يتمكن أينشتين من الكلام، وحتى مرحلة الشباب كان يقوم بجهد
كبير لإيجاد المفردات اللغوية التى تعبر عما يريده، منعه مرض التوحد من
التواصل مع الآخرين، فكان يتعامل مع الأشياء أكثر من تعامله مع البشر، وكان
يجد صعوبة فى المدرسة، ولم يكن قادراً على التعبير عن نفسه بالكتابة، لكنه
برغم ذلك كان شغوفاً بعلم الفيزياء.. والمدهش أن أينشتين كان بارعاً فى
العزف على البيانو والكمان وكان يجيد كتابة النوتة الموسيقية، والرائع
أيضاً أن نظرية النسبية ولدت فى ذهنه وهو يعزف على البيانو، فالموسيقى تحقق
للإنسان صفاء الذهن والنفس لتلهم من يتوحد مع أنغامها أعظم الأفكار.
كان أينشتين متوحداً مع الأنغام ومع الطبيعة الساحرة، يفتش فيها عن
الجمال، فكان يقضى ساعات طوالاً أمام البحر، تتدفق أفكاره كأمواجه
المتلاحقة لتغير حياة البشر وتمنحه العبقرية والخلود.
هناك تعليق واحد:
جميلة أستاذة سماح، شكرا لك.
إرسال تعليق