المعلمة الجديدة
بقلم : طلال حسن
استيقظتُ مبكراً ، على غير
عادتي ، وجلستُ لأتناول طعام الفطور ، بعد أن اغتسلتُ ، وارتديتُ ملابس المدرسة .
وهمهمت ماما ، وهي تضع كوب الحليب أمامي ، وقالت بنبرة فرح : هم.م ..م .
لقد كبر حسوني .
ورشفتُ شيئاً من الحليب ، وقلت : جاءتنا البارحة معلمة جديدة .
ونظرت إليّ ماما ، فقلتُ وأنا أتشاغل بتناول الطعام : قبلتني حين قلتُ لها
، أنت تشبهين أختي رباب ، التي تزوجت ، وذهبت مع زوجها إلى البصرة .
وابتسمت ماما ، وقالت : لابد أنها جميلة ، مثل أختك رباب .
ونظرتُ إليها ، دون أن أجيب ، ثم نهضتُ ، وأخذتُ حقيبتي ، وقلتُ : حان وقت
المدرسة ، فلأذهب .
وتبعتني ماما حتى الباب الخارجي ، وهي تقول : انتبه يا عزيزي ، وأنت تسير ،
وإذا سمعت صوت اطلاقة ، اختبيء في أقرب مكان آمن .
وسرتُ قلقاً ، فالانفجارات ، وإطلاق الرصاص ، وحتى الاختطاف ازداد هذه
الأيام .
وحثثتُ خطاي ، حين لاحت المدرسة ، وعشرات التلاميذ يدخلونها تباعاً ، ومن
بعيد ، ارتفعت أصوات زخات من الرصاص ، لم تتوقف ، حتى بعد أن أسرعتُ ، ولذتُ
بالمدرسة .
ودق الجرس ، ودخلتُ الصف متلهفاً ، هذا هو الدرس الأول ، والمعلمة الجديدة
، التي تشبه أختي رباب ، ستأتي بعد قليل .
وبدل المعلمة الجديدة ، جاءتنا بعد حين ، مديرة المدرسة ، وتطلعت إلينا
بعينين يغشاهما حزن عميق ، ثم قالت بصوت تخنقه الدموع : أولادي .. يُؤسفني أن
أخبركم .. أن المعلمة الجديدة .. لن تأتي .
لم يسأل أحد منا ، ماذا جرى ؟ لكن المعلمة الجديدة لم تأتي ، وأدركتُ فيما بعد ، أنها كما قالت المديرة ، لن
تأتي ، نعم ، لن تأتي أبداً .