فزاعة العصافير
خيري عبدالعزيز عبدالباري
اتفق محروس مع عصابة الأشرار علي أن يزرع أرضه هذا العام بنبات الخشخاش المخدر بدلا من القمح, في مقابل مبلغ كبير من المال, ولكن المشكلة التي واجهته هي مهاجمة العصافير للبذور, فبمجرد أن ينتهي من زراعة الأرض ببذور الخشخاش, تقوم العصافير بالتقاط البذور بمناقيرها وإلقاءها بعيدا.
فقد أخبرهم الغراب أن نبات الخشاش تستخدمه عصابة الأشرار في صناعة المخدرات التي تدمر الإنسان, فتعاهدت أن تمنع محروس من زراعة تلك النباتات الشريرة, ليعود إلي زراعة القمح الطيب الذي يحبونه, ويأكلون منه جميعا..
وبعد عدة محاولات فاشلة من محروس لزراعة بذور الخشخاش, أوشكت البذور التي أعطتها له عصابة الأشرار أن تنفذ, فقام بعمل فزاعة للعصافير من بعض الأخشاب, وصنع لها رأسا من كرة بلاستيكية لتبدو علي هيئة إنسان, وألبسها طاقية وجلباب من ملابسه, ووضعها في منتصف الحقل..
انتصبت الفزاعة في الحقل مزهوة سعيدة باهتمام محروس الشديد بها, ففي كل صباح يأتي إليها, ويطمئن عليها, ويعدل من وضع الطاقية الجميلة الموضوعة علي رأسها, ويربت علي كتفها, ويوصيها بالحفاظ علي بذور الخشخاش من العصافير الشريرة, حتى تنبت ويشتد عودها.. وتعاهد أيضا مع الريح ألا تترك الفزاعة وتذهب إلي أي مكان, لكي يظل جسد الفزاعة الفارغ ممتلئا بالهواء؛ وتبدو أكبر من حجمها, فتخيف كل من تسول له نفسه من الاقتراب..
وكم كانت الفزاعة تشعر بالسعادة وتغتر بنفسها عندما تنتفخ بالهواء, ويملأ جسدها الأجوف, والريح تحركها ذات اليمين وذات الشمال, فتبدو كالمارد الجبار..
ووقفت العصافير خائفة من منظر الفزاعة المرعب, وهي تتابع حزينة نباتات الخشخاش الغضة تكبر يوما بعد يوم, ولا تقدر أن تفعل شيئا بسبب الفزاعة التي لا عقل لها..
ونجحت الفزاعة في القيام بدورها علي أكمل وجه, ولم تلتفت لتوسلات العصافير بضرورة التخلص من هذه النباتات قبل أن تكبر..
ومع مرور الأيام نمت نباتات الخشخاش, واشتد عودها, واطمئن محروس أن العصافير لم تعد تشكل خطرا عليها, وأن دور الفزاعة قد انتهي عند هذا الحد, فنزعها من مكانها, وأخذ جلبابه وطاقيته, وألقاها بإهمال علي جانب الطريق..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق