صبحي سليمان
ـ أخيراً انطلقت ... ها ها ها ...
هكذا
صاح ثاني أكسيد الكربون الذي خرج تواً من شجرة احترقت حديثاً موجودة بأطراف الغابة
الكبيرة ... وصعد لأعلي وهو ينظر إلي الكون الفسيح الموجود حوله ... فابتسم وهو
ينظر إلي النار المُشتعلة في شجرته التي كان يسكن فيها قائلاً :
ـ لقد كُنت محبوساً وسط هذه الشجرة أعمل علي
نمائها وازدهارها ... وهي تكبر كُل يوم وتُصبح أكثر اخضراراً ... وأنا أدور وسط
أوراقها وأغصانها؛ أعمل هُنا وهُناك ... كُل هذا من أجل أن تُخرج ثماراً زاهية
اللون يأكلها الإنسان والحيوان ... ولكن الآن قد واتتني الفُرصة أخيراً كي أنشر
الدمار والخراب في كُل مكان ... ها ها ها ...
نظر ثاني أكسيد الكربون لعجوز يمشي ببطء علي
عُكاز خشبي ... فصاح قائلاً : ـ
ـ سأدخل داخل أنف هذا العجوز ومنها إلي
رئتيه لأصيبه بالأمراض ... فهذه هي وظيفتي الأساسية والتي أعشقها ... فأنا الدمار
نفسه ...
وبالفعل
دخل ثاني أكسيد الكربون أنف العجوز ومنها لرئتيه ... وما هي إلا ثوانٍ قليلة حتى
سعل العجوز بقوة؛ وقد احمر وجهه؛ وجحظت عيناه ...
جلس
العجوز مُتألماً مما حدث له ... وشهق بقوة؛ وأخرج زفيراً قوياً خرج معه ثاني أكسيد
الكربون الذي فرح مما أحدثه من ألم لهذا العجوز ...
ارتفع
ثاني أكسيد الكربون في الهواء فإذ به يري عربة كبيرة تقترب ويخرج من خلفها عدد
كبير من أصدقائه ... فحياهم مُبتسماً وهو يقول :
ـ أهلاً بكم يا إخوتي ... فهذه العربات
تُخرج منا الآلاف ... بل قُل الملايين في كُل وقت وفي كُل مكان علي وجه الأرض ...
فنحن معاً سنتحكم في مصير هذا الكوكب الأزرق ... فإن سُكانه لا يعرفون قيمته ...
أشار ثاني أكسيد الكربون لأصدقائه وهو يرتفع
في طبقات الهواء قائلاً :
ـ
تعالوا معي يا إخوتي لنرتفع معاً لأعلي ... فهناك مُهمة أوشكت علي الانتهاء ...
هُنا تعجب أحدهم وهو يقول :
ـ أي مُهمة هذه يا أخي ... ؟!
صاح ثاني أكسيد الكربون بسرعة قائلاً :
ـ سنُدمر طبقة الأوزون ...
فحدثه آخر قائلاً :
ـ وما الفائدة من ذلك ... ؟!
نظر ثاني أكسيد الكربون بخُبث لأصدقائه وهو
يقول : ـ
ـ بتدمير طبقة الأوزون سترتفع درجة حرارة
الأرض ... وهكذا سيموت الإنسان والحيوان؛ وسنحكم الكوكب كُله ... ولن يكون به أحد
سوانا ...
ابتسم
الجميع بخُبث ... وطغت عليهم قوة الخراب الكامنة في داخلهم؛ وطاروا بأقصى سُرعة لطبقات
الهواء العُليا ليُنفذوا مُخططهم الشرير... وهناك اتحدوا معاً ليكونوا مُركبات
ضارة بطبقة الأوزون ...
لكن
قبل أن يُنفذ ثاني أكسيد الكربون وأصدقائه مُخططهم الشرير نظر طفل صغير إلي
الأشجار المُحترقة والعربات المُكتظة التي يتصاعد منها الكثير والكثير من ثاني
أكسيد الكربون؛ وأخرج من جيبه بذرة صغيرة لشجرة وذرعها في الأرض؛ ورواها بالماء
وهو يقول :
ـ هيا أيتها البذرة الصغيرة اكبري بسرعة كي
تصيري شجرة كبيرة لتُخلصينا من ثاني أكسيد الكربون الذي يُحاربنا ... وأمدينا
بالأكسجين النافع لنا ...
ونظر هذا الصغير لأصدقائه قائلاً :
ـ ماذا أنتم فاعلون يا أصدقائي ... هل
ستتركون ثاني أكسيد الكربون يقتلنا ... أم ستزرعون معي الأشجار لنتخلص منه ... ؟!!
فلم يُجبه أحد ولا يزال هذا السؤال يتردد
إلي الآن ...
فهل تستطيع أن تُجيبه أنت يا صغيري ... ؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق