النسر
الأبيض
جاسم محمد صالح
كان النسر الأبيض واقفا فوق صخرة
عالية وهو يستمع إلى حديث الطيور بهدوء وفجأة طار محلقا في الفضاء وبعد فترة أبصر
ضوءا ساطعا في الأفق البعيد , ومن شدة فرحه هبط بسرعة وحطّ قرب الطيور التي لازالت
تتحاور فيما بينها ثم قال :
- هنالك في وسط البحر البعيد جزيرة يتلالا ضوؤها مثل أحجار
الماس .
قررت الطيور أن تطير نحو الجزيرة لتجلب قليلا من ضوئها لتنير
به الغابة , لكن الطيور تعرف جيدا أن الوصول إلى الجزيرة خطر والشاطئ الذي يحيط
بها ممتلئ بأسماك القرش ومع هذا فقد واصلت الطيران , قال النسر الأبيض :
- من يصل قبل غيره سينقل النور .
وافق الجميع على كلامه وبدا السباق بين الإوزة
البيضاء وطائر السنونو والبجعة الرمادية واللقلق والنورس , ولكن بعد فترة تعبت
الإوزة وقررت الانسحاب من الطيران ثم
تبعها النورس والبجعة واللقلق والسنونو , فقد تعبوا جميعا وما عادوا قادرين على
الطيران , وحينما تلفت النسر الأبيض خلفه لم يجد احدا , فعرف انه الطائر الوحيد
الذي بقي طائرا .
شعر النسر الأبيض بالتعب لكنه قرر
ان يصارع الريح التي تعترض طريقه فقال لنفسه:
- واصل الطيران ولا تتردد , أنت من سيحمل النور ويضيء
الغابة .
وبعد لحظات بدأت الجزيرة تكبر أمام عينيه فأصر على مواصلة الطيران فأصدقاؤه
ينتظرونه .
وفجأة أغمض النسر الأبيض عينيه
بسبب التعب فهبط بسرعة من عليائه وأمسى قريبا من سطح الماء حتى صار رذاذ الماء
المتطاير يبلل ريشه , لكنه انتبه الى نفسه
وكان قريبا من الماء , وبسرعة جمع قوته وعاد محلقا في السماء وهو يقول :
- لن أتراجع أبدا.
وحينما اقترب من الجزيرة كان ضوؤها قويا جدا فحمل غصنا
جافا فحمله بمنقاره وأوقد الغصن وعاد إلى الغابة مسرعا والفرج يملأ قلبه , فالنور
سيعود الى الغابة من جديد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق