التلميذة
قطقوطة
عبد الله جدعان
ــ قطقوطة تلميذة ، نشيطة ، ثرثارة ، تحب اللعب والمرح وسرد القصص والحكايات
تحيا حياة ملؤها الرضا والسعادة، لأنها وحيدة للقطة الأم التي تكد وتعمل
طيلة النهار من أجل تامين كل طلبات ومستلزمات قطقوطة كي تنهي دراستها
الابتدائية ثم تواصل دراستها في المراحل الأخرى،وكثيراً ما كانت تقول لها القطة
الأم :
ــ اسمعي يا أبنتي ، عند عودتي من العمل أنا من سيقوم
بكل أعمال البيت من إعداد الطعام وغسل الصحون ورعاية الحديقة ،لا أريد منك سوى أن
تهتمي بدروسك وانجازات الواجبات المدرسية ، وكم يسعدني أن أراك تنظمين حياتك ما
بين اللعب والدراسة ، فالنظام دليل على العمل المثمر .
ماءت قطقوطة .. ميو .. ميو .. أي نعم .. نعم يا أمي.
ففي الصباح ذهبت القطة الأم إلى العمل، بينما قطقوطة حملت حقيبتها المدرسية
التي وضعت بداخلها كتباً ودفاتر دون الرجوع إلى جدول الدرس اليومي ، خرجت كعادتها مسرعة لأنه قد تأخرت قليلاً على
صديقتها أرنوبة التي تنتظرها على الطريق ، وما أن التقيا أخذتا ترددان معاً :
ــ ميو.. ميو ..زم .. زم .
وكان مجرى نهر صغير يقع على طريق المدرسة . وقفتا على حافة النهر ليغسلن
وجوههن أخذتا يتدافعن بمرح وكل واحدة أخذت لها مكان مناسب لترمي حصاة على ماء
النهر ، قطقوطة رمت حصاة فتشكلت من موقع سقوطها دوائر متكاملة ، استمرتا في قذف
الحصى والدوائر، هنا جاءت سنجوبه راكضة تصيح :
ــ ماذا تفعلان .. لقد تأخرتما عن المدرسة ؟
توقفت أر نوبة وقطقوطة عن اللعب وساد الصمت.
صاحت أرنوبة :
ــ أ.أ..!!!
استغربت قطقوطة من فعل أرنوبة وقالت لها:
ـــ ما بك يا أرنوبة ؟
أرنوبة استبد بها الحزن والغضب وحزنت كثيراً لأنها انقادت إلى أفعال قطقوطة.
عندئذ ابتسمت سنجوبه وضحكت بصوت عال وهي تقول :
ــ أي نفع من البقاء قرب مجرى النهر!.. لقد انقضت 45 دقيقة من الدرس الأول.
وواصلت أرنوبة كلامها:
ــ نمرح، نرمي بالحصاة على مجرى
النهر ، لقد تأخرنا كثيراً عن المدرسة ، أنت
صديقة غير نافعة ، بل لا يرجو
منها خيراً، أنني سأذهب مع سنجوبه بأقصى
ما لدي من سرعة كي أصل المدرسة
قبل أن ينتهي الدرس الأول .
فرحت سنجوبه بقرار الأرنوبة وقالت بفخر وفرح :
ــ أحسنت صنعاً أيتها الأرنوبة، هيا إلى المدرسة معاً.
سارت أرنوبة إلى جانب سنجوبة وقد أحست بأنها قد تحررت من عبء ثقيل كان يثقل
ضميرها لأنها أعطت وعداً لأبويها بأن تكون طالبة متفوقة لهذا العام،
ومنذ تلك اللحظة انعقدت صداقة متينة بين أرنوبة وسنجوبة.
مرت أيام وأشهر وقطقوطة على حالة من العزلة بين تلميذات المدرسة دون أية
صديقة أو زميلة ، وبدأت الامتحانات
النهائية ثم أعلنت النتائج ، أرنوبة قد حصلت على المرتبة الأولى وسنجوبة على
المرتبة الثانية بين باقي تلميذات الصف،أما قطقوطة فقد عادت حزينة تحث الخطى تحمل
نتيجتها ، وما أن دخلت المنزل فاجأتها
القطة الأم يملؤها فرح كبير لمعرفة نتيجة أبنتها قطقوطة وسألتها :
ــ ظهرت نتائج الامتحانات النهائية..
أليس كذلك ؟
أجابت قطقوطة بصوت يخنقه البكاء :
ـــ ميو..ميو .. أي نعم .. نعم .
وواصلت القطة الأم كلامها :
ــ مؤكد أنت الأولى على تلميذات
الصف يا قطقوطة ؟
قالت قطقوطة والحزن من داخلها :
ـــ حصلت على حب جميع المعلمات يا أمي !!
استغربت القطة الأم من كلام قطقوطة وقالت :
ـــ لكن ، كيف ؟
قالت قطقوطة :
ــ لقد جعلوني أن أضل في الصف نفسه !!
دهشت القطة الأم من كلام قطقوطة وقالت :
ــ هذا أشد ما يؤسفني ، لقد ذهبت
كلماتي ونصائحي لك في الهواء هباء، على
ما يبدو انك كنت منشغلة بأمور صغيرة
لا نفع منها.
قطقوطة لامت نفسها كثيراً وراحت الدموع تنهمر على خديها وهي تشعر بالندم
على عدم احترامها لموا ضبة دروسها اليومية وقالت :
ـــ أنا لا أدرس من أجل أن أنجح بل من أجل أن أتعلم .
عبست القطة الم من كلام قطقوطة وقالت :
ــ أنني لا أعبأ بما تقولينه يا قطقوطة .. النجاح هو التعلم وان أول الطريق
الصحيح الاعتراف بالخطأ ، وان النجاح ليس كل شي، ولكن الرغبة هي كل شيء يا أبنتي .
مسحت قطقوطة دموعها بيدها ثم نهضت وطردت الحزن من داخلها وقالت :
ــ أعدك يا أمي سأكون أهلاً لهذه الرغبة عند بدء العام الدراسي الجديد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق