حذار من .. الفيوجو
طلال حسن
قبل أن تخرج السمكة الصغيرة من البيت ،
حذرتها أمها قائلة : بنيتي ، حذار ، فأنتَ سمكة صغيرة ، إن سمكة الفيوجو في الجوار
.
وردت
السمكة الصغيرة ، وهي تسبح مبتعدة : اطمئني ، يا ماما ، سأتجول قليلاً ، ثم أعود .
إنها
تعرف سمكة الفيوجو ، رغم أنها لم ترها ، فقد وصفتها لها أمها ، وقالت : سمكة
الفيوجو ، وتسمى أيضاً السمكة النفاخة ، تملك قدرة على نفخ نفسها ، فتبدو كأنها
الكرة ، ويتضاعف حجم جسمها أكثر من ثلاث مرات ، وهذا ما يخيف أعداءها .
وبحثت
عن صديقتها ، السمكة التي في عمرها ، لكنها لم تجدها ، يبدو أن أمها ، لم تكتفِ
بتخويفها من سمكة الفيوجو ، وإنما منعتها من الخروج .
آه
من الأمهات ، كم هنّ خوّافات ، وكأن سمكة الفوجو موجودة في كلّ مكان ، و .. وارتج
الماء ، فتوقفت السمكة الصغيرة ، وقلبها يخفق خوفاً ، أهي سمكة الفيوجو ؟ من يدري
.
وهمت
أن تستدير ، وتقفل عائدة إلى البيت ، حين رأت السرطان الصغير ، يلوح لها ، ويقول :
أنت اليوم وحدكِ ، تعالي نلعب .
وتراجعت
السمكة الصغيرة قائلة : أنت سرطان ، وأنا سمكة صغيرة ، أخاف أن تفترسني .
وتقدم
السرطان خطوات على رمال القاع ، وقال : لا تخافي ، أنتِ صديقتي ، والصديق لا يأكل
صديقه ، مهما كان جائعاً .
وهنا
ارتج الماء ثانية ، بقوة أشد هذه المرة ، وحانت منها نظرة ، فرأت نفس السمكة ،
التي وصفتها لها أمها ، إنها إذن سمكة .. الفيوجو .
ورغم
شعورها بالخوف ، تقدمت السمكة الصغيرة قليلاً من السرطان الصغير ، وقالت له : اهرب
، جاءت السمكة القاتلة ، جاءت الفويجو .
وردّ
السرطان الصغير قائلاً : لن أهرب ، وإنما سأختفي تحت رمال القاع .
ولاذت
السمكة الصغيرة بالفرار ، وهي تقول : لن يفيدكَ هذا ، اهرب ، اهرب .
وغاص
السرطان الصغير تحت رمال القاع ، واختفى تماماً عن الأنظار ، وجمد في مكانه ،
ينتظر أن تيأس سمكة الفويجو من العثور عليه ، فتبتعد باحثة عن صيد تسكت به جوعها .
واقتربت
سمكة الفويجو ، من المكان الذي اختفى فيه السرطان الصغير ، وتوقفت تتفرس في المكان
، ثم راحت تنفخ الماء بقوة ، حتى أزاحت الرمال عن السرطان الصغير .
وهنا
أقبلت سمكة كبيرة ، تبحث عن طعام تأكله ، ورأت السمكة النفاثة ، وقد أصبح حجم
جسمها عادياً ، بعد أن أفرغته من الماء ، فانطلقت نحوها تريد افتراسها ، لكنها
توقفت مرعوبة ، حين رأت السمكة النفاثة تتضخم ، حتى صار حجمها أكثر من ثلاثة أضعاف
حجمها الحقيقي ، فاستدارت بسرعة ، ثم لاذت بالفرار .
وما
إن ابتعدت السمكة الضخمة ، حتى استدارت السمكة النفاثة إلى فريستها ، السلطعون
الصغير ، لكن أين هذا اللعين ، لابد أنه انتهز فرصة انشغالها بالسمكة الضخمة ، فخرج
من مكانه بين الرمال ، ولاذ بالفرار .
5 / 4 /
2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق