عروسة حلاوة...
أسماء عواد
كانت أسما تعيش مع أسرتها خارج مصر. في كل عام كان يأتي مولد النبي أثناء الدراسة، وهو الوقت الذي لا يتفق مع عطلتها الصيفية. هكذا مرت ثمان سنوات حرمت فيها من المشاركة في مولد النبي. كلما جاءت المناسبة، تتذكر العروسة الحلاوة التي كانت والدتها تأتي بها إليها، وتذكر كيف كانت تنكسر بالرغم من حرصها عليها، كانت تحزن وتبكي، وبعد قليل ـ عندما تتذوقهاـ ينسها طعمها الحلو حزنها . تذكر أيضا كيف لم تصمد أية عروسه من عرائس صديقاتها أكثر من عدة أيام، ما نجا منها من الكسر لم ينجو من ألسنتهم وهم يقومون بلحسها، و إذا نجت من ألسنتهم، لم تكن تنجو من أسنانهم وهي تقضمها قطعة بعد قطعة . كانوا يبدأون أولا بذيلها ثم ما يلبثوا أن يصعدوا بالتدريج. أكثرهم حظا كانت تصمد لأسبوع واحد فقط، تصبح فيه محط حسد وغيرة الأخريات .
تتذكر أسما وهي تسافر بذاكرتها صديقتها صباح، الوحيدة التي كانت تنجو بعروستها من الكسر، واللحس، والقضم. كانت تعرف كيف تحميها من كل هذا، وتعرف أيضا كيف تحميها من أسراب النمل. كانت تغلفها بكيس بلاستيكي، تحكم إغلاقه ثم تضعها فوق الدولاب. و في الوقت الذي كانت عيون أصدقائها تتطلع إليها بغيرة وحسد، كانت تقف واضعة يدها في وسطها، تماما مثل العروسة وتبتسم في انتصار .
تذكر أسما أيضا اليوم الذي خرجت فيه للعب مع صباح أمام بيتها، عندما نادت عليهم والدتها تدعوهم لتناول المهلبية.
كم فرحا معا بطعمها اللذيذ، ولونها الوردي الشفاف، لا زال طعمها باقيا في فمها حتى الآن .
في ذلك اليوم دخلت أسما مع صباح لإلقاء نظرة على العروسة وهي في مكانها فوق الدولاب، لكنهما فوجئتا بمكانها وقد خلا من أي أثر لها، عندها صرخت صباح :
ـ عروستي. و قد أدركت أن المهلبية اللذيذة التي أكلتها كانت عروستها الجميلة .
بعد ثمان سنوات عادت أسما إلى مصر، انتظرت بشوق مولد النبي كي تشتري عروسة حلاوة وردية اللون، لكنها وجدت أن العرائس الحلاوة المزينة بالورق الملون قد اختفت من المدينة، وحلت محلها العرائس البلاستيكية المزينة بالدانتيلا والقماش. لم تحزن أسما، فقد كانت تعلم أين يمكنها أن تحصل على عروستها الحلاوة.
ذهبت أسما لزيارة عمتها في القرية، وهناك التقت بصديقتها القديمة صباح، وذهبت معها لشراء عروسة المولد.
انتقت كل واحدة عروسة وردية اللون، هذه المرة لم يتنافسا على الحفاظ عليها، بل جلستا على المصطبة بجوار الباب، وبدءا في قضمها بفرح . قضمت أسما قطعة من ذيل عروستها ثم قالت لصباح :
ـ أمم ..سكرها شديد التركيز .
قالت صباح :
ـ يمكننا أن نخففه.
سألت أسما :
ـ كيف ؟
ضحكت صباح وقالت :
ـ بسيطة نصنع منه مهلبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق