28 أكتوبر 2009منظر عام:
إضاءة بيضاء، في خلفية المسرح مخبر هو عبارة عن طاولة عادية فوقها بعض الأجهزة العلمية (ميكروسكوب، أنابيب، مصباح كهربائي..)
ديكور كرتوني مريخي: أوليمبس مونز في الخلفية، تراب أحمر على أرضية المسرح، تتدلى من السقف مجسمات المجموعة الشمسية...
الشخصيات:
مريخي
مريخية
رائد فضاء (1)
رائد فضاء (2)
رائدة فضاء
صوت خارجي
جوقة موسيقية
فصل أوّل
مشهد أوّل
صوت خارجي (هنا المريخ... إعلان حالة طوارئ، مركبة أرضية تقترب من كوكبنا... الرجاء التزام الحذر والتأكد من ارتداء قناع التخفي في الوقت المناسب.. تحذير.. كلّ مخالفة تنجرّ عنها عقوبات صارمة.. التخفي ضرورة كوكبية ملحّة..)
مريخي يرتدي بدلة بيضاء يقوم بتجارب ويدوّنها
تدخل مريخية مسرعة
- ألم تسمع التحذير؟
هيا أسرع بالاختفاء...
المريخي دون أن يلتفت إليها
- بلى سمعت لكنني أريد الانتهاء من تدوين ملاحظاتي حول هذه التجربة..
المريخية بفضول
- هل مازلت تبحث عن طريقة ناجعة لإخفاء الماء؟
المريخي دون أن يرفع نظره عن الورقة
- أجل، وقريبا سأعلن نتائج أبحاثي في المجمّع العلمي
المريخية بتودّد
- أرجو أن تنجح أبحاثك في طرد هؤلاء الأرضيين وتقنعهم بعدم جدوى محاولاتهم، لكن الآن عليك تناول جرعة التخفي وبسرعة...
المريخي منهمك في تدوين ملاحظاته
- حسن.. حسن أكاد أنتهي..
لحظات فقط وأنتهي...
يقطع حوارهما صوت خارجي
- مركبة فضائية أرضية حطّت بنجاح في منطقة القطب الشمالي.. تحذير عام.. أسرعوا بالتخفي
المريخية بخوف
- هل سمعت؟ ستكمل ذلك لاحقا.. هيا تناول جرعة التخفي بسرعة...
المريخي بتأفّف
- ها قد انتهيت.. لماذا عليّ تناول جرعة التخفي؟
المريخية غير مصدّقة
- ماذا؟ ألا تعلم ماذا يمكن أن يحدث لو لمحنا أحد الأرضيون؟
المريخي بإصرار
- لكنني أنا أريد أن التقي بأحدهم...
المريخية ترشّه بمادة ملوّنة حمراء وتدفعه ليختفي تحت الطاولة
- كفّ عن هذيانك أرجوك..
صوت أقدام، يختبأ المريخيان، يتحوّل لون المسرح إلى الأحمر الخافت
مشهد ثاني
يدخل 3 رواد فضاء في مركبة فضائية (ورقية)، ينزل من المركبة رجلان وامرأة، يرتدون زيا فضائيا، مدجّجون بالأجهزة، يحملون علما يريدون تركيزه
رائد الفضاء (1) بحماس
- وأخيرا وصلنا..
رائد الفضاء (2) بحركة تمثيلية مفتعلة ينحني ويقبّل تراب المريخ الأحمر
- المرّيخ.. وأخيرا المرّيخ..
ويتوجّه ّإلى زميلته ضاحكا
- لو كان كريستوف كولومب معنا الآن ماذا كان سيقول يا ترى؟
رائدة الفضاء، تنفض الغبار عن بدلتها دون أن تلتفت إليه
- لقد كانت رحلة شاقة، أتوق إلى استنشاق هواء.. أرضي ملوّث...
يضحك ثلاثتهم بصوت مرتفع، ويلتقطون لأنفسهم صورا تذكارية
رائد الفضاء (1) لرائد الفضاء (2)
- هل أحضرت رفشا؟
رائد الفضاء (2) باستنكار
- ولماذا الرفش، هل سنغرس شجرة؟
رائد الفضاء (1) يضحك بعصبية وغرور
- نحن لا نغرس الشجر يا عزيزي، نحن هنا لنغرس العلم الخفاق أوّلا ثم لنحفر خندقا في التربة الصدئة، ونختلس بعض الصخور، وننقّب عن المياه...
رائد الفضاء (2) بصوت رومانسي حالم
- أليست هذه مهمّة مقدّسة.. إيجاد نبع مياه نصله مع الأرض بخراطيم عملاقة..
رائد الفضاء (1) يمسك رائدة الفضاء من يدها ويبتعد بها نحو شمال المسرح، يقول لها بصوت خافت
- لقد طلبت منهم ألا يرسلوه معنا.. إنه يثير غضبي
رائدة الفضاء تبتسم له
- أقدّر لك رغبتك في البقاء معي يا عزيزي، في هذا الجوّ الأحمر الرومانسي...
يضحكان همسا
في الأثناء رائد الفضاء (2) يتجوّل في أرجاء المسرح في شكل دائري راقص، يتعثّر في الطاولة، ويدوس على قدم فتصرخ المريخية بألم
الفصل الثاني
مشهد ثالث
فوضى عامة: يرتبك الجميع، تصرخ رائدة الفضاء وترتمي في حضن رائد الفضاء (1)، يستلقي رائد الفضاء (2) على أرض المسرح واضعا يديه فوق رأسه علامة الاستسلام
- لا أريد أن أموت.. لا أريد أن أموت..
رائدة الفضاء بخوف
- أرجوكم لا تقتلوني..
رائد الفضاء (1) يدفع رائدة الفضاء بعيدا ويطلق النار في أرجاء المسرح فتخرج من مسدّسه خيوط ملوّنة، تشتعل في المسرح ألوان فوسفورية عديدة زرقاء وخضراء وبنفسجية تتحرّك دوائر الضوء في كلّ اتجاه.. صوت ارتطام الطاولة، أدوات زجاجية تتكسّر، صراخ أنثوي، رجل يتأوّه
المريخية تحت الطاولة، في غضب للمريخي
- أرأيت لقد اكتشفوا أمر وجودنا... لقد قضي علينا الآن...
المريخية تبكي بصوت مرتفع
- سيحكم علينا بالدخول إلى العدم
المريخي يوشوش
- ربما لن يكون الأمر سيئا كما تعتقدين..
المريخي بصوت أكثر ارتفاعا
- سأحاول أن أتوصّل معهم إلى اتفاق...
صوت خارجي
- تحذير أخير... أيّها المريخيون استعدّوا... ثلاثة أرضيين اخترقوا جدار التخفي.. ستدمّر النقطة ج.ذ.ز. 14 في غضون دقائق... كلّ مريخي يضبط متلبسا بتهمة التعاطي مع الأرضيين.. سيرسل إلى العدم حالا.. تحذير أخير... ستدمّر النقطة ج.ذ.ز. في غضون دقائق... باب العدم سيفتح بعد دقائق...
تدخل جوقة راقصة كلّ يحمل في يده قناعا أخضر لسكان المريخ، يرقصون في دائرة كالهنود الحمر حول روّاد الفضاء على إيقاع موسيقى عصرية (هارد روك)
العدم.. العدم
شهب وسدم..
ريح وغبار..
بركان ونار
...
نحن الخضر هنا
المريخ أرضنا
الكربون هوائنا
والجليد ماؤنا
...
ريح وغبار
بركان ونار
العدم العدم
شهب وسدم..
مشهد رابع
تخرج الجوقة الراقصة من المسرح، تعمّ الفوضى، وقع أقدام تركض، همس وصراخ، أشياء ترتطم، يُنار المسرح تدريجيا، رائدة الفضاء في حضن المريخية، رائد الفضاء (2) ثيابه مبلّلة، رائد الفضاء (1) يمسك العلم ببلاهة يعتقد أنّه مسدّس، المريخي يدوّن ملاحظاته
تصرخ رائدة الفضاء والمريخية في نفس الوقت وتنفصلان عن بعضهما بعصبية، تسرع رائدة الفضاء في اتجاه رائد الفضاء (1)، في حين تقترب المريخية من المريخي المنهمك في تدوين ملاحظاته
رائدة الفضاء بتوتر
- لقد خفت كثيرا..
رائد الفضاء (2) يصرخ ويقفز من مكانه
- لقد وجدتها.. لقد وجدتها
الجميع يتحلّقون حوله
رائد الفضاء (1) يتجه نحو رائد الفضاء (2) مستفسرا
- ماذا وجدت؟
رائد الفضاء (2) يشير إلى بدلته المبللة
- المياه.. لقد وجدت نبع المياه..
رائدة الفضاء تسدّ أنفها تنظر إلى الجمهور
- يالها من رائحة كريهة
رائد الفضاء (1) بتأفّف
- لقد بلّلت نفسك، أيّها الفصيح
المريخي بثوبه الملوّن بالأحمر يقترب منهم وفي يده قلم ودفتر، يدوّن باهتمام
- .. لهم أنف وعينان... وتخرج منهم سوائل كريهة الرائحة، يعتقدون أنّها مياه
يلتفت إليه الجميع
رائد الفضاء (2) ببلاهة
- حقا وكأن التاريخ يعيد نفسه.. سكّان أمريكا الأصليون كانوا أيضا حمرا
رائد الفضاء (1) بحنق
- بل أنت أحمر الجميع
رائدة الفضاء تقترب من المريخي بفضول تسأله بصوت متلعثم
- هل.. هل أنت مريخي؟
المريخي يتوقّف عن التدوين ينظر إليها ويبتسم للجمهور
- أجل وأفتخر..
يقف يتجه نحو الجمهور ويحي بتحية الجنود وينشد النشيد الرسمي ومعه المريخية والصوت الخارجي والجوقة
أنا مريخي وأفتخر
كوكبي كوكب الآفاق
نحوه تشرئب الأعناق
فوبوس وديموس له قمر
أنا مريخي وأفتخر
سرنا سري خفي
للأرضيين لن ينجلي
أرضنا حديد
وماؤنا جليد
هوائنا غبار
والغموض هو الشعار
أنا مريخي وأفتخر
يحي الجمهور هو والمريخية التي تحاول في نفس أن تزيح رائدة الفضاء عن مكانها قرب المريخي
الفصل الثالث
مشهد خامس
يعود المريخي لتدوين ملاحظاته
- النساء الأرضيات جميلات..
تقاطعه المريخية بغضب
- ماذا؟..
يواصل المريخي بارتباك
- النساء الأرضيات والمريخيات جميلات.. وبصوت خافت للجمهور وغبيات، وبصوت مرتفع ...ويمكن أن يكنّ ذكيات..
يقترب منه رائد الفضاء (1) يمدّ له يده مصافحا
- الرائد العميل 00019 في خدمتك
يفعل رائد الفضاء (2) نفس الشيء
- الرائد العميل 21567 في خدمتك
ترتّب رائدة الفضاء شعرها وتبتسم بتملّق
- الرائدة العميلة 15970، عزباء، دكتوراه في الفيزياء الحيوية ودكتوراه في جيولوجيا الهواء، ودكتوراه في علم نفس زهرة القرنفل، وأجيد طبخ الباستا الايطالية
تجيبها المريخية ببغض واضح
- أ.ط.ز خط العرض 69 خط الطول 230 رئيسة قسم التحاليل السدمية، ومختصة في علم المكروفراغية، وباحثة في أصول التوقيت الكوني، وأجيد تفريغ الهواء من الجوّ لأصنع منه حساء أحاديات الخلايا
يواصل المريخي تدوينه
- الأرضيون يطلقون على أنفسهم أسماء غريبة ...
يقاطعه رائد الفضاء (1) بتبجّح
- لقد قدمنا إلى كوكبكم في مهمة إنسانية...
يسانده رائد الفضاء (2)
- أجل.. أجل.. جئنا لنجلب لكم الحضارة والإنسانية...
يجيبهم المريخي بابتسامة عريضة مصادقا على كلامهم
- .. وأنفلونزا الذباب، وبراغيث الكمبيوتر الصدئة، وبعض التلوّث، والكثير من الحروب...
رائدة الفضاء باستنكار وتملّق
- أوه كلا نحن لا نضمر شرا.. إننا نحاول فقط إيجاد بداية جديدة لنصنع لنا تاريخا لائقا
رائد الفضاء (2) بتملّق
- فعلا إننا كذلك.. لقد هرم كوكبنا وتغّضن وجهه ونضبت مياهه واحترقت أشجاره وهاجرته الطيور.. فجئنا نقترض منكم بعض الماء لنسقي نباتات الزينة في مكاتبنا الفخمة.. لا غير..
المريخية باستهزاء
- وطبعا عندما تنضب آبارنا تبحثون عن معين آخر لتستولوا عليه
صوت خارجي
- تنبيه أخير.. دقائق لا غير وتدمّر القاعدة تدميرا شاملا.. أعيد تنبيه أخير..
المريخي بصرامة
- إنّكم تهدرون وقتكم وجهدكم.. لا ماء لدينا.. ولا هواء..
المريخية تهمس للمريخي
- هل أنت سعيد؟ ها قد تعرّفت عليهم هؤلاء الأرضيون.. لا وقت لدينا علينا أن ننجو بأنفسنا
يسمعها رائد الفضاء (1) يلتقط المسدّس ويشهره في وجوههم
- أجل لا وقت لدي لأضيّعه... أين المخبئ السري، كيف الهرب من هذا الجحيم؟
يشير المريخي بيده نحو باب جانبي يسار المسرح ويبتسم
- إنّه هناك.. رحلة موفّقة
يتدافع روّاد الفضاء نحو الباب، يتزاحمون على الخروج، الباب مكتوب عليه "مصعد إلى العدم"، يفتح الباب فيصعدون في اندفاع، يغلق الباب، تشتعل أزرار كبيرة على جانب الباب
المريخية للمريخي
- لم أكن أعرف أنّهم أغبياء بهذا الشكل...
المريخي بنبرة حالمة
- قد يتمكّنون رغم كلّ شيء من تجاوز بوّابة العدم...
أصوات صفّارات إنذار وانفجارات هائلة.. المسرح فوضى من الألوان الخلابة
مشهد سادس
تدخل الجوقة الراقصة، تحمل نفس الأقنعة، يدورون في المسرح على شكل قطار
تو..تو..تو..
قطار الكون فات
اشتعلت الأزرار
والثقب الأسود في الانتظار
لقد جاؤوا إلى المريخ
وفي الفضاء فجّروا الصواريخ
تركوا الهباء والغبار
والتلوّث في الجو صار
تو..تو..تو..
قطار الكون آت
تمزّقت الجزيئات
وانفجرت المركبات
تو..تو..تو..
في الأرض أناس يعملون
أناس يحلمون
والملايين يموتون
من الجوع والآفات
من ذلك الكوكب الأزرق البعيد
ركبوا الحديد
يبحثون عن كوكب جديد
يحوّلون أهله إلى عبيد
عن الماء يبحثون
أعلامهم يغرسون
تو..تو..تو
هذا القطار سيركبون
ولعلّهم يوما يعودون
تخرج الجوقة من المسرح، هدوء نسبي، أصوات صفارات بعيدة، تتلاشى الألوان تدريجيا، يخيّم اللون الأحمر
المريخي يهمس
- هيا أسرعي... لم يعد هنالك متسع من الوقت
المريخية تحمل علم المريخ
- هل أنت واثق من خطّتك؟
المريخي باضطراب
- لا أدري.. لست واثقا من شيء.. ولكن لم لا.. نحن أيضا يمكننا أن ندّعي بأننا في مهمّة مريخية
المريخية بارتباك
- هل سيصدّقوننا...
المريخي بعمق
- آمل ذلك... علينا أن نعلّمهم احترام كوكبهم قبل التفكير باستبداله بكوكب آخر
صوت خارجي
- لقد انتهت المهمّة.. ستدمّر القاعدة نهائيا بعد دقيقة واحدة.. لتطهيرها من البكتيريا الأرضية
يصعد المريخيان في المركبة الفضائية، يحييّان الجمهور تحية عسكرية ويتجهان نحو يمين المسرح.
تعود الجوقة الموسيقية ترتدي لباسا مريخيا أخضر، تقف في صفّ قبالة الجمهور، تمشي مشية عسكرية في مكانها، وتغني
بالخير جئناكم فافتحوا لنا الأبواب
أنقذوا الأرض وإليكم الأسباب
كم من زهرة جميلة اختفت
بالاسمنت والإسفلت والغازات اختنقت
السمك في بحره يعاني المرض
وكم من دب قد انقرض
أرضكم جميلة، فحافظوا عليها
ولتحنو عليكم، احنوا أنتم عليها
تنطفئ الأنوار ويسدل الستار.