سمر إبراهيم
جَلسَ القِطُّ بلبل كَعادتِهِ كلَّ يومٍ على الكَنبةِ بالصَّالةِ المُؤديةِ إلى بابِ الشَّقةِ الخارجِيِّ مُمددًا رجليه للخلْفِ، ويَدْيهِ للأمامِ، ومُسْندًا رَأسَهُ على يَديهِ مُغْمِضًا عَيْنيهِ نِصفَ إغْمَاضةٍ، يَنْتظرُ عَوْدةَ صَديقتِهِ الصَّغيرةِ "هدى" من زِيارةٍ لإحْدى صَديقاتِهَا. سَمِعَ "بلبل" صَوْتًا عَاليًا إلى حدٍّ ما يَصدرُ عن الحُجرةِ المُجاورةِ، فاعْتدلَ وحرَّكَ أذنْيهِ في اتْجِاه الصَّوتِ مُستَمعًا:
- أنْتَ مِثلَ القطِّ "بلبل" كَسُولٌ لا فَائدةً لك. نَرْعَاكَ ولا تَفْعلُ أنت شَيئًا، متى تَعودُ أمكما وأعُودُ إلى بيتي؟
تَعرَّفُ "بلبل" على الصَّوتِ، كانَ صوتُ الجدِّ يُؤنِّبُ حَفيدَهُ الأصغَرَ، فهو يَصْغُرُ أخته هدى بعامٍ واحدٍ، ولكنه كَانَ وَلدًا شقيًّا لا يكفُّ عن اللَّعبِ، ويَأبَى فَعلَ أيَّ شيءٍ يُطلبُ منه، كانَ الجدُّ قد طَلبَ منه أن يُسْقِي نَباتاتَ شُرْفَةِ حُجْرتِهِ لكنَّهُ لم يَفعلْ، بَلْ اسْتمرَّ في لَعِبِهِ غيرَ عَابئٍ.
ولم يَسمعْ "بلبل" ردَّ الفَتى، فقالَ في نَفْسِهِ: "لابدَّ أنَّه اصْطنعَ النَّدمَ الآنَ أمامَ جدِّه الطيبِ، ونظرَ إلى الأرْضِ مُدْعيًا الخَجلَ من فَعْلتِهِ، فعمرُو لا يفعلُ إلا ما يُريدُ، آه يا جدِّي لو اسْتطعتَ أن أكلَّمَكَ وأعرِّفكَ أنّني لستُ كَسُولا كَما تظُنُ".
وبَعدَ لَحظاتٍ سَمِعَ "بلبل" صوتَ خَطواتٍ صَاعدةٍ على السُّلمِ، فأرْهَفَ السَّمعَ، فاتحًا عَيْنيهِ، ومُتوثِِّبًا، وأدْركَ أنَّها صَديقتُهُ هدَى، فقَفزَ بسُرعةٍ واتجهَ نَحوَ البابِ الخَارجِي للشَّقةِ، ورنَّ الجرسُ، وكانَ "بلبل" أمَامَ البابِ يهزُّ ذيلَهُ ويموءُ بنبرةٍ خَاصَّةٍ، وكأنَّه يُنادي على أحدٍ كيْ يَفْتحَ البابَ لصَديقتِهِ، وقدِمَ عمرو وهو يَضْحكُ، وقالَ ل"بلبل":
- صَديقتُكَ جَاءتْ.
وعنْدَ عُبورِ هدى بقَدمِهَا اليُمْنى إلى الدَّاخلِ تَمسَّحَ بِها "بلبل"، وبعدَ دُخُولِها الشَّقةِ وغَلْقِهَا للبابِ الخارجي خَلْفَهَا، نَظرَ إليها "بلبل" في عَيْنيهَا ثم مَاءَ، ودارَ حوْلَهَا وقَفزَ فَوْقَ كَتفيهَا وتَمَددَ، وظلَّ يُقْبضُ يَدْيهِ ويُبْسطُ إيّاها بحذرٍ حتى لا يُصيَبهَا بِجُرحٍ، مُعبرًا بذلك عن شَوْقِهِ لها وفَرحتِهِ بعَوْدتِهَا. جَلسَتْ هدى على الكَنبةِ القَريبةِ من البابِ الخَارجي للشَّقةِ التي كانَ يَجْلسُ عليها "بلبل"، وأنْزلَتْهُ من فوقَ كَتفيها، وظلَّتْ تَربِّتْ عليه، فتَكوَّرَ "بلبل" في حِجرِهَا، مَائِلا برأسِهِ إلى الأمامِ، فحَملتَهُ بينَ يَديهَا، وسَارَتْ إلى غَرفةِ جدِّها لتِسلِّمَ عليه، وعِندَ وصُولِهَا إلى بابِ غَرفةِ الجدِّ، فَتحَ "بلبل" عينيه مُنْتبهًا، وقَفزَ مُبْتعدًا، وظلَّ يَنظرُ إلى الجدِّ عن بُعدٍ مُتَرقبًا، ثُمَّ عادَ إلى مَكانِهِ المُفضلِ، وجلسَ مُنْتظرًا صَديقتَهُ.
عِندئذٍ قالَ الجدُّ لهدى:
- هدى، لا أفْهمُ هذا القطَّ، ولمَاذَا تُحْبُونهُ؟
اقْتَربَتْ هدى من جَدِّها، وقَبَّلتْ جَبينَهُ، وقَالَتْ:
- إنَّهُ يُحبُّنا أيضًا يا جدِّي. انْظرْ يا جدِّي إنَّه لا يَدخلُ غُرْفَتَكَ، لا يريدُ مُضَايقتَكَ.
وصَمتَ الجدُّ، ولم يُجبْ.
****
وفي أحدِ الأيامِ اسْتيقظَ الجدُّ مُبكرًا لِيُوقظَ أحْفادَهُ، ويَذْهبُ كل من عمرو وأخْتُه هدَى إلى المدرسةِ، وكانَ الجدُّ مُتْعبًا، وبعدَ إعْدادِ الإفْطارِ للأحْفادِ، وضعَ حلّة على البُوتَجازِ بها قليلٌ من الماء وبعض الخضرواتِ لسلقِها، كانَ يريد أكلَ شوربةِ خُضارٍ فقط هذا اليومَ، ثُمُّ عدلَ عن فَكرتِهِ، فذهب إلى غرفته، ونسى أن يطْفِئ البوتاجازَ. وجلسَ على كرسي هَزازٍ يَقرأُ حتى يَأتيه النَّومُ مَرَّةً أخْرى.وكانَ "بلبل" يَجلسُ بالصالةِ مُراقبًا الجدَّ عن بُعدٍ، فقد شَعرَ أنَّهُ مُتعبٌ، وحَالتَهُ لَيْسَتْ على ما يُرامُ ككلِّ يومٍ، فقالَ في نَفْسِهِ:"لولا نُفُورَكَ مِني أيَّها الجدُّ لجَلستُ بِجوارِكِ أرْعاكَ".
وغفَا القطُّ "بلبل" قليلا ثم اسْتيقظَ على رِائحةٍ غَريبةٍ تَعمُّ الشَّقةَ، وتَشَمَمَ "بلبل" الرَّائحةَ، فأدْركَ أنَّها دُخانٌ، فنهضَ وقَفزَ إلى الأرضِ، وذهبَ للبحثِ عن مَصدرِ الدُّخانِ، فاتْجهَ إلى غُرفةِ الجدِّ، فرآه نَاعسًا فوقَ كرسيه الهزازِ. تَشممَ "بلبل" حَوْلَهُ، فعَرفَ مَصدرَ الرَّائحةِ. إنَّه المَطبخُ، فجَرى نَحْوَه، فوجدَ الدُّخانَ قد عمَّ المَكانَ، فابْتعدَ خَائفًا، ثُمَّ جَرى نَحْوَ الجدِّ، ولأولِ مَرَّةٍ يَقْتربُ منه ويَمُوءُ بجَانبِهِ بصَوتٍ عَالٍ وحادٍّ، كي يَسْتيقظَ، ولكنَّ الجدَّ لم يَسمعْ مواءَهُ، فعادَ إلى المَطبخِ مُتردَّدًا، فوجدَ الدُّخانَ يَنْتشرُ عَبرَ البيتِ، وكانت نَوَافذُ الشَّقةِ مُغْلقةً فنحن في فَصْلِ الشِّتاءِ، فقالَ لنَفْسِهِ: "سيَخْتنقُ الجدُّ إنَّهُ كبيرٌ في السنِّ، ولن يَحْتملَ هذا القَدرَ من الدُّخانِ. مَاذا أفعلُ؟ لابدَّ أن أُوقظَهُ".
وعادَ إلى الجدِّ بِسُرعةٍ، وقفزَ على رِجْليهِ ووقفَ، وقد مدَّ يَديه مُحركًا إيَّاها بحَذرٍ على صَدرِ الجدِّ ليُوقظَهُ، وظلَّ يَمُوءُ في وَجْههِ بصَوتٍ عَريضٍ دَالٍ على الخَطرِ، فاسْتيقظَ الجدُّ، وصرخَ في وَجْههِ:
- مَاذا تُريدُ؟
فجَرَى القطُّ ناحيةَ المَطْبخِ وظلَّ يَمُوءُ، ثُمَّ عادَ إلى غُرفةِ الجدِّ مَرةً أخرى، وظلَّ يَفْعلُ ذلك عِدةَ مَرَّاتٍ بِسُرعةٍ كَبيرةٍ لَفتَتْ نَظرَ الجدِّ، فقالَ الجدُّ لنفسِهِ: "غَريبٌ أمرُ هذا القِطِّ ماذا يريدُ؟ لعله يريدُ طَعامًا".
وقَامَ الجدُّ وسَارَ خَلْفَ القطِّ إلى المَطْبخِ، فوجدَ الدُّخانَ الكثيفَ يَعُمُّ المَكانَ، والبُوتاجازَ مُطْفأ، والحَلَّةَ سَوْدَاءَ اللَّونِ، وقد نَفَدَت مَاؤهُا تَمامًا، والخضرواتِ مُلْتَصِقَةً بها، فأغلقَ الجدُّ البوتاجازَ بسُرعةٍ، وفتحَ شُباكَ المَطبخِ.
ثم ذهبَ إلى غرفةِ هدى وفتح شباكها، وألقى عليها نظْرَةً سريعةً، فابتَسَمَ سعيدًا، كانت الغًرْفةُ مرتبةً ورَائِحَتَها ذَكِيةً تُشْعِرُ مَن يراها بالرَّاحةِ.
ثم ذهبَ إلى غُرفَةِ عمرو ليفتح بابَ شُرفتِها، فوجدَها غير مرتبَةٍ، الكتبُ والألعابُ والأوراق مبعْثَرَةً في كلِّ مكانٍ، ونظرَ اتجاه الزَّرعِ فوجده يميلُ إلى الاصْفِرَارِ من العَطَشِ، فقالَ الجدُّ لنفسِهِ:"لابدّ من إيجادِ طريقةٍ كي يتعلَّمَ عمرو النظامَ والاعتمادَ على النفسِ".
وعادَ الجدُّ إلى غُرفتِهِ، وفتحَ شباكَها، وجلسَ الجدُّ على كُرسيِّه الهزازِ مرَّةً أخرى، واقْتربَ القطُّ "بلبل" من غُرفةِ الجد، ووقفَ على بابِها يَنظرُ إلى الجدِّ ليَطمئنَ عليه، وماءَ له بصوتٍ رقيقٍ، وابْتسمَ الجدُّ له لأولِ مرةٍ، وقالَ لَه في حنوٍ:
- شُكرًا يا "بلبل" أنتَ حقًّا قطٌّ طيبٌ، اقْتربْ منى لا تخفْ يا "بلبل".
واقْتربَ "بلبل" في حَذرٍ من الجدِّ، ثُمَّ وقفَ بجانبِهِ، فرَبتَ عليه الجدُّ، وقالَ لَهُ:
- آهٌ أنكَ قطٌّ جَميلُ الشَّكلِ لم ألْحظْ ذَلك من قبلُ، لونُكَ رَمَادِيٌّ مُخَطَّط، وعَيْناكَ وَاسِعتانِ مُعْبرِّتانِ، ووَجْهكَ مُسْتطيلٌ، ونَظْرتُكَ تَفيضُ بالحبِّ، عَرفتُ الآنَ لماذا تُحبُّكَ هدى؟ ولماذا تُدافع عنكَ دَائمًا؟
وتَمَسَّحَ "بلبل" بالجدِّ، ثُمَّ نامَ بالقربِ منهُ، وقَالَ لنفسِهِ: "أخِيرًا يا جدى".
***
سَمِعَ "بلبل" اقْترابَ صوتِ أقْدامِ هدَى من بابِ الشَّقةِ، فتَنبَّه من غَفْوتِهِ، ونَظرَ إلى الجدِّ ثم أسْرَعَ اتْجاهِ بابِ الشَّقةِ، وفَتحَتْ هدى البابَ بمُفْتاحِهَا، فقابلَهَا "بلبل" مُرحبًا بها كعَادتِهِ، ولكنهُ في هذه المَرَّةِ لم يفرّ هَارِبًا عِندَ اقْترابِهَا من غُرفةِ الجدِّ، بل ظلَّ مُستَرخيًا بينَ يَدَيْهَا، فتَعجَّبتْ هدَى، وقَالَت لجدِّهَا:
- لم يَجرِ "بلبل" بَعِيدًا عن غُرفتِكَ يا جدي، مَاذَا حدثَ وأنا بالخَارجِ؟
وقَفزَ "بلبل" على الكَنبةِ التي في غُرفةِ الجدِّ، وتمددَ في اسْترخاءٍ.
حَكَى الجدُّ لهدى كلَّ مَا حدثَ مع "بلبل"، وما رآه في غرفةِ عمرو من فوضى، وقالَ لَهَا:
- لابدَّ أن يتعلَّمَ عمرو النِّظامَ.
فقالَتْ هدى:
- كلمتَهُ يا جدي أكثر من مرَّةٍ.
وصَمتَ الجدُّ قليلا ثُمَّ أكْمَلَ:
- ما رأيكِ ألا نَفْعلَ لَهُ أيَّ شيءٍ يُريدُهُ ولا نُسَاعِدُهُ في شيءٍ حتى يَتعلَّمُ أن عليه وَاجباتٍ كما أنَّ لَهُ حُقوقًا.
وَوافقَتْ هدى جَدَّهَا بالرَّغمِ من صُعُوبةِ الأمْرِ عليها فعمرو أخُوها الوَحيدُ تَلعبُ مَعهُ وتُحبُّهُ، وكانَ "بلبل" يَسمعُ حَدِيثَهُما باهْتمامٍ بَالغٍ، وقالَ "بلبل" لنفسِهِ: "سَأفْعلُ مِثْلَهُمَا لن أحدثَهُ أو ألاعبَهُ حتى يَتَغيرَ".
ودَخلَ عمرو من البابِ في تِلكَ اللَّحظةِ، مُبْتسمًا باشَّ الوجهِ كعَادتِهِ، وقالَ لهدى:
- أينَ طَعامُ الغَذاء؟
فقَالَتْ هدى:
- جَهِّزهُ لنِفْسْكَ.
فنَظرَ لجدِّهِ في اسْتعْطافٍ، فلم يَلْتَفتْ لَهُ جَدُّه، بَلْ قالَ لَه:
- اذْهَبْ لغُرْفتِكِ أولا، وأسعد برؤيتِها.
فقالَ عمرو لنفسِهِ: "إنَّهما غَاضِبانِ، سيَنْسيانِ بعدَ قَليلٍ كلَّ شيءٍ، وسألْعبُ حتى ذَلكَ الحينِ مع شَبيهي "بلبل" كَما يَقولُ عَنه جدي".
وابْتسمَ عمرو، واتَجهَ ل"بلبل" المُمدَّدِ على الكَنبةِ في غُرفةِ الجدِّ، واقْتربَ مِنهُ بخَيطٍ من الحَريرِ تَعوَّدَ أن يُلاعبَه بِهِ، ولَكن "بلبل" لم يَلْتفتْ إليه، ولمْ يَهتمُ بِهِ، بلْ أعْطاهُ ظَهرَهُ، فقالَ لَهُ عمرو:
- حَتَّى أنْتَ يا "بلبل".
وتَرَكَهُ وخَرجَ حزينًا مُتْجهًا إلى غُرفتِهِ، ليَلعبَ مُنْفردًا على جِهازِ الكومبيوتر الخاصِّ بِهِ.
عِندئذٍ قالَ "بلبل" لنفسِهِ: "إذًا لم ينتَبه عمرو لما يُرِيده جدُّه، سأبْلغُهُ الرِّسالةِ بطَرِيقتِي".
وجَرَى "بلبل" وذَهبَ إلى غُرفةِ عمرو، فوَجدَه سَاهِمًا أمَامَ جهازِ الكُمبيوترِ، وقفَ "بلبل" عِندَ بابِ الشُّرفةِ المفتوحِ، ومَاءَ بصَوتٍ حادٍّ، ثم صعدَ إلى سُورِ الشُّرفةِ، وكانَ يَبْدُو الظَّمأُ على النَّباتاتِ، وبِدايةُ الاصْفِرارِ، فمَصَّها "بلبل"، ثُمَّ نَظرَ إلى عمرو، وجَرَى ثُمَّ وَقفَ عِندَ بابِ الغُرفةِ يُنَاديه، وتَبِعَهُ عمرو، فاتجهَ "بلبل" إلى وِعَاءِ الماءِ الخَاصِّ به، وشَرِبَ مِنهُ، ثُمَّ عادَ مُسْرعًا إلى النَّباتاتِ، وماءَ مَرَّةً أخرى، ففَهِمَ عمرو مَا يُريدُه "بلبل"، فابْتسمَ لَهُ، وأحْضرَ رَشاشَ المَاءِ وسَقَى النَّباتاتَ.
وفي تِلكَ الأثْناءِ سَمِعَ الجدُّ وهدى مُوَاءَ "بلبل" المُتغيرَ النَّبراتِ، فتُوقَفَا بالقُربِ من غُرْفةِ عمرو يُراقِبانِ عمرو وهُمَا سَعِيدانِ.
صعدَ "بلبل" إلى سريرِ عمرو، وظلَّ يُكَرمشُ في مَلاءتِهِ ثُمَّ يَفْردُهَا بِأظافرِهِ، وكانَتْ مَلاءةَ السَّريرِ مُكْرمشةً وغَيرَ مُرتبةٍ، لأن مُدَبرةَ المَنزلِ لم تأتِ صَباحَ اليومِ، وعمرو لا يُرتِّبُ غُرفتَهُ مُعْتمدًا عليها، وأدْركَ عمرو مَاذا يَعنى "بلبل"، فأمَسكَ بالمَلاءةِ وفرَدَها جَيدًا، وجرى بلبل اتجاه لُعبةٍ ملقاةً على الأرضِ ووقفَ بجوارِها، ثم نظرَ إلى عمرو، فالتقَطَ عمرو اللُّعبةَ ووضعها في مكانِها، فداعبه بلبل ممسكًا قدمَه برفق، ثم جرى إلى لعبةٍ أخرى، واستمرَّ بلبل وعمرو في ترتيبِ الغرفة، وهما يَلعبانِ ويَضحكانِ.
وبعدَ أن أكملا ترتيب الغرفةَ، ورضِي "بلبل" صعَدَ على كَتف عمرو، وظلَّ يَتمسحَ به في رِضا، وقبلَّه في خَدِهِ مُداعبًا، وهنا دَخلَ الجدُّ فَاردًا ذِراعِيه لحَفيدِهِ، فجَرَى عليه عمرو دَامِعُ العَيْنينِ، وتَأسَّفَ له، وكانت هدى قد جَهْزَتْ طَعامَ الغَداءِ، وأكلُوا جَميعًا مَعًا في سَعَادةٍ، وقالَ الجدُّ لَهم:
- الآنَ أنا حَائرٌ مَاذا سأفعلُ بدون "بلبل" عِندَ عوْدةِ أمِّكما ورُجُوعِي لمَنزلِي.
فضَحكَ الطِّفلانِ، ومَاءَ القطُّ "بلبل"، وصَعدَ إلى المَنْضدةِ وقبَّلَ الجدُّ في خَدهِ، واحْتضنَهُ الجدُّ في حَنانٍ.
هناك تعليق واحد:
ممتعة
إرسال تعليق