الصديق الجديد
أحمد طالب مجتهدٌ مؤدب، يطيع والديه، ويحسن الاستماع لمعلمته، ويقوم بكل واجباته المدرسية، ويحافظ على نظافة وترتيب كتبه ودفاتره، وهو يطمح دائماً إلى أن يكون الأوّل على صفه، ودائماً ما يكون كذلك، إلاّ أنّ زميله في الصف يوسف يشاركه باستمرار بهذه المنزلة، فكلاهما يحصلان دائماً على نفس النتيجة السنوية نفسها، منذ سنوات ينافسه على هذه المنزلة، ويشعر أحياناً بأنّه يكره، ويتمنى لو أنّه يصبح الأوّل على الصف الأوّل، ومحطّ اهتمام معلميه، وإعجاب زملائه، ولكن يوسف له في المرصاد، فهو مجتهد مثله.
كان أحمد قد حضر درسه الجديد، وقام بواجباته المدرسية، واستعدّ للحصة الأولى باهتمام وتركيز، لكنّه تفاجئ بغياب يوسف عن الدوام، عرف من مدير المدرسة أنّ يوسف مصابٌ برشح قوي، قد يلزمه الفراش أيّاماً، شعر أحمد بالقليل من الأسف على ما أصاب زميله يوسف، لكنّه توقع أن يمضي يوماً مميزاً دون منافسة، لكن أمل أحمد خاب تماماً، فهو لم يجد من ينافسه في الإجابات، ولا من يزاحمه على حلّ الأسئلة، ولا من يدفعه إلى السرعة والاهتمام، فقد سأل معلم اللغة العربية سؤالاً صعباً، فكان أحمد الطالب الوحيد الذي رفع يده ليجيب، بينما صمت الآخرون، فشعر أحمد بأن لا منافسة في الصفّ، وأن المكان مملّ، وتمنّى لو كان يوسف موجوداً، إذن لشعر بالنصر والفخر؛ لأنّه استطاع أن يعرف الإجابة قبله.
في الحصة الثانية تحدّى معلم الرياضيات الصف بمعادلة رياضيات صعبة الحلّ، عجز الصف كلّه عن حلّها، واستطاع أحمد ذلك، لكنّه ما شعر بالسعادة، على الرغم من أنّه حصل على نجمة التفوق على دفتره لهذا اليوم؛ لأنّ لا أحد ينافسه، وينتصر عليه.
في الحصة الأخيرة كان يشعر أحمد بالوحدة والإحباط وطالع مقعد يوسف الفارغ، وتمنّى من كل قلبه أن يعود في القريب العاجل إلى الصف، فقد اكتشف أنّ يوسف جزء من سعادته، ودافعٌ كبير لنجاحه، وأنّ وجوده في الصف متعة له، فقد كانت الحصص مملّة دون يوسف، ودون منافسته، أدرك أحمد في نهاية اليوم أنّ يوسف مهم في حياته، وعاملٌ أساسي في تحفيزه للنجاح والنشاط، وأنّه صديق له، لا منافسٌ عدو كما كان يظنّ.
في المساء زار أحمد زميله يوسف برفقة والدته، بعد أن أحضر له سكاكر لذيذة، وعرض عليه أن يساعده في دروسه إلى أن يشفى، وكان على أحرّ من الجمر ليعود يوسف إلى الصف، فها هو قد وجد صديقاً جديداً له، يدفعه للنشاط والمنافسة الشريفة، اسمه يوسف.
selenapollo@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق