البرتقالة الذهبية القاتلة
(مرحلة من9 الى12)
بقلم: السيد نجم
فجأة, شعر أفراد مملكة النمل بالاختناق, فعمت الفوضى، وغلبهم الخوف والرعب. وانتشرت الفوضى بين كل أرجاء المملكة.
منذ فترة قصيرة، شيدوا بناء مملكتهم، استخدموا الكثير من غصون الشجر والطين والأحجار.. تحملوا كل تلك المشقة, وتعاونوا معا، حتى تحقق الحلم.
ومرت الأيام فى سعادة، لولا ما حدث الآن؟!
فأمرت الملكة باجتماع عاجل مع كل أفراد المملكة, لتعرض عليهم المشكلة, وتستمع إلى آرائهم. هذا ما اعتاده النمل في مملكتهم.
فورا بدأ الاجتماع, لم يتخلف أحدهم، فطلبت الملكة من كبيرهم العجوز صاحب الخبرة, أن يخبرهم إذا ما كانت تعرضت لمثل تلك المشكلة من قبل, وما رأيه في المشكلة.
نظر كبيرهم إلى من حوله، وقد بدت عليه الحيرة.. أخيرا قال:
"لقد بحثت سبب مشكلة ضيق التنفس التي نشعر بها جميعا, حتى عرفته مع
بعض شباب النمل، عندما حاولنا استطلاع الأمر بالخارج منذ قليل"
فأسرعت الملكة وأمرته أن يعلنه فورا.
رد بهدؤ قائلا:
"لم نستطع الخروج من المملكة, وجدنا المدخل سد بكرة ضخمة جدا من الذهب!"
علق بعض النمل في خوف:
"كتب علينا الموت إذن!"
"إنها مشكلة حقا.."
مضت فترة قصيرة، ثم عاودت الملكة أعمال الاجتماع. وبدأت تستمع إلى اقتراحات أفراد النمل.. منهم من طلب البحث عن طريقة لتقسيم الهواء على كل أفراد المملكة!..
ثم اقترح ثالث البدء فورا في تجهيز ممر خروج جديد..
بينما عرض أحدهم فكرة شريرة رفضتها الملكة وأفراد المملكة، أن تأمر الملكة بالتخلص من أفراد المملكة المرضى والعجائز، حتى يكفى الهواء داخل المملكة بقية أفرادها الأقوياء!
لم تتردد الملكة، وقالت لصاحب الفكرة الأخيرة، أن يكون أول من تتخلص منهم المملكة، فعدل من رأيه فورا.. وضحك الجميع.
أثناء المناقشة طلبت النملة الصغيرة حضور الاجتماع, وعرض اقتراحها! رفضت الملكة, وطلبت منها الانتظار, بكت النملة الصغيرة وهى ترجوها أن تسمع اقتراحها. ما أن عرضت النملة اقتراحها, حتى صاحت الملكة موافقة على تنفيذ فكرة النملة الصغيرة!
بكل الهمة والنشاط بدأت النملة الصغيرة الذكية في تنفيذ فكرتها, أن يحفروا ممرا ضيقا إلى الخارج يكفى لنملة واحدة, ثم تخرج النملة الذكية لاستطلاع الأمر, وتحديد حجم وشكل كرة الذهب تلك.
انتهوا من الممر الضيق, خرجوا نملة بعد أخرى, اجتمعوا خارج المملكة, اقتربوا من مكان المدخل المسدود, أدهشهم هذا الجبل الثقيل الذي يسد المدخل, إنها برتقالة كبيرة تلمع تحت أشعة الشمس الذهبية!
فقالت نملة منهم:
"ما هذا الجبل.. لم أره من قبل. انه يشبه الكرة, كلما حاولنا الصعود فوقه،
سقطنا إلى الأرض, وفشلنا في زحزحته من مكانه."
ابتسمت النملة الذكية, ردت قائلة:
"بل هي برتقالة.. وهى فاكهة يأكلها البني آدميين, طعمها لذيذ, وشكلها جميل"
اعترض البعض:
"لكنها ستخنقنا وتتسبب في موتنا"
فتابعت النملة قائلة:
"بل يجب أن نجعلها سببا للسعادة والفرح!"
شعر الجميع بالحيرة, لو خرجوا من الممر الضيق، وتركوا المملكة.. أكيد سيفقدون طعامهم المخزون فوق كل ممرات المملكة, ظلوا يجمعونه خلال شهور الصيف حتى يكفيهم طوال فترة الشتاء الباردة. عادت الملكة وأمرتهم بالبحث في حل المشكلة بتحريك الجبل الذهبي أو البرتقالة بعيدا عن مدخل المملكة.
فانتشروا جميعا, يفكرون ويبحثون الأمر, كلما قابلت نملة أخرى سألتها:
"وجدت الحل؟!"
سألت الملكة كل أفراد المملكة فردا فردا عن الحل.. إلا النملة الصغيرة الذكية, لم تجدها، فأمرت الحراس بالبحث عنها فورا. وجدوها إلى جوار الجبل تتأمل البرتقالة!
فلما عادت إلى الملكة, قالت:
"لقد لاحظت أحد الرجال أراد أن يزيح صخرة كبيرة, فوضع عمود من حديد تحتها,
ثم رفعها, وتمكن من تحريك الصخرة الثقيلة"
تمهلت الملكة لفترة قصيرة، ثم أمرت بتنفيذ الفكرة فورا، وبأي وسيلة!
بسرعة بدأ الجميع, أحضروا غصنا من الشجرة القريبة, حمله كل أفراد المملكة, بعضهم سقط تحته وأصيب بإصابات مختلفة. ومع كل المشقة استمروا, حتى بعد أن هلك بعضهم. كانوا يشجعون بعضهم بعضا.. والنملة الذكية تشجعهم وتطلب منهم عدم اليأس.
لم يمض وقتا طويلا، حتى كانت اللحظة العجيبة الخطيرة. لقد نجحوا في زحزحة الجبل الذهبي.. تحركت البرتقالة بعيد عن مدخل المملكة، وأخيرا أزاحوا الجبل الذهبي!
فرح الجميع بالنملة الذكية, هتفوا باسمها ورفعوها فوق الأعناق, لكنها طلبت منهم الانتظار حتى تخبرهم لماذا وصفت البرتقالة بالجبل الذهبي.
أسرعت نحو البرتقالة, وأشارت إليها قائلة:
"داخل تلك الثمرة, عصيرا لذيذا.. هيا اشربوا معي، نرتوي من العطش، ونتذوق
طعمها الحلو، بعد كل هذا الجهد الشاق"
وما أن تذوقوا طعم العصير اللذيذ هتفوا باسمها ثانية, وأمرت الملكة بتسليم النملة الذكية أفخم تاج في المملكة تكريما لها، وتقديرا لحسن تفكيرها.
............................
Ab_negm@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق