لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الاثنين، 16 يوليو 2012

"موقف رجولي" قصة للأطفال بقلم: زهير دعيم


موقف رجولي
 زهير دعيم
" ابنكم يوسف يسيل الدم من جبينه، لقد ضربه الأستاذ فؤاد فارتطم رأسه بالمقعد"
هذا ما قاله جميل ابن العاشرة وزميل يوسف في الصّفّ؛ قاله وهو يلهث ويرتجف .
ولم يكن في البيت آنذاك إلا الأمّ .
اضطربت امّ يوسف كثيرًا. فماذا عساها أن تفعل وزوجها في العمل ، والاتصال به في مثل هذه الظروف غير مرغوب فيه، فيوسف ابنهما الوحيد ، وقد منّ الله به عليهما بعد عشر سنوات من الانتظار.
إنّه يحبّه كثيرًا ويخاف عليه حتى من نفسه!
ماذا أفعل يا الهي ، قالتها أمّ يوسف والدّموع تترقرق في عينيها ...ثمّ ماذا فعل يوسف حتى يلقى مثل هذا العِقاب من معلّم معروف بالصّبر وطول الأناة ؟.
صحيح انّ ولدها شقيٌّ بعض الشيء ، وصحيح أنّها قد سألت أكثر من مرّة المستشارة التربويّة في موضوع " شيطنته" فكان الجواب دائمًا : " إنّه الدّلال الزائد والحيوية الزائدة ".
لم يطل تفكير الأم ّ وإذا بصغيرها يعود مع آذن المدرسة معصوب الجبين فتهبّ لعناقه.
"ولدي حبيبي ، سلامتك ...سلامتك"
فيبتسم يوسف ويطمئن أمّه قائلا انّ الجرح بسيط ولا يستأهل حتى العصابة وانّ المعلّم لم يكن ليقصد...
ولم تطمئن الأمّ ، فزوجها عصبيّ المزاج ويُحبّ وحيده محبّةً فائقة .
ولمّا عاد الزوج من العمل ورأى العصابة تلفّ جبين ولده انفجر غاضبًا وأخذ يهدّد ويتوعّد بأنّ هذا المعلّم سيلقى جزاءه اليوم قبل الغد.
حاولت ام يوسف جاهدةً أنّ تهدّىء من روعه لكن دون جدوى ..وأخبره يوسف انّه هو الذي اخطأ وأنّ الأمر حدث من غير قصد من المعلّم ،الا انّ الأبّ أصرّ على مرافقة ابنه الى مركز الشرطة ليقدّم شكوى.
هذه كانت المرّة الأولى التي يجلس بها يوسف امام شرطيّ،  فقد أحسّ بالهيبة تدبّ في أوصاله ، ولكنه رغم كلّ هذا أجاب عن أسئلة الشرطيّ بوضوح وفصاحة.
ولم يُصدّق الوالد ، ولم يُصدّق الشرطيّ ما يقوله يوسف بأنّ المعلّم لم يضربه أبدًا وأنّ هذا الجرح في جبينه جاء نتيجة تعثره في ساحة المدرسة .
ضحك الشرطي وربّت على كتفه وكأنه يقول : عافاك لقد أحسنت صنعًا..رغم كذبك!!!
ولم يجد الوالد بدًّا من الرجوع بسيّارته مع ولده إلى البيت ، وهو في حيرة كبيرة ...أيضحك أم يغضب ؟ أيضحك ويشمخ وقد أصبح ابنه رجلا يُقدّر الرجال والمواقف والظروف ؟ أم يغضب على هذا الولد العاقّ الذي كذب وجعله صغيرًا في عينيّ الشرطيّ .
عادا الى البيت والصّمت يلفّهما..
عادا ليجدا البيت يمتلىء بالنّاس ، فهذا المدير والمعلّمون ومن بينهم المعلّم فؤاد الذي هبّ وصافح يوسف وأباه الذي راح الأخير يحكي ضاحكًا حكايته مع الشرطيّ وهذا الشّقيّ الصغير.

ليست هناك تعليقات: