بِغَيْرِ خِصامٍ
حكايات حول السلام الإجتماعي
يعقوب الشارونى
رسوم: عادل البطراوي
ذهبْتُ أزورُ صديقــًـا فى بيتِهِ ،
وأثناءَ الزيارةِ ثارَتْ مناقشةٌ حاميةٌ بينه وبينَ زوجتِهِ :
هو يُريدُ السفرَ للعملِ فى أحدِ البلادِ العربيةِ ، وهى تــُـعارِضُ سفرَهُ بشدةٍ ، لأنها كانــَـتْ حريصةً أن يظلَّ
الأبناءُ تحتَ إشرافِ الأبِ ورعايتِهِ ، وتؤكِّدُ أنها قادرةٌ على تدبيرِ ميزانيةِ
الأسرةِ بغيرِ حاجةٍ إلى ابتعادِ الأبِ عن أولادِهِ .
وأخذْتُ أتدخــَّـلُ مرةً بعد أخرى
لأهدِّئَ من حدةِ الحوارِ ، إلى أنِ انتــَـهتِ الزيارةُ بغيرِ
أن يصلا إلى اتفاقٍ .
وقد تصوَّرْتُ ، بسببِ حدةِ المناقشةِ ، أن الخلافَ
بينهما سيتــَّـسِعُ ويُفسِدُ علاقتــَـهما .
لكنْ ما إنْ جاءَ وقتُ انصرافى ، حتى تــَـغيَّرَ مجرى الحديثِ تمامًا ، وتــَـبادَلَ الزوجانِ
كلماتٍ مرحةً وهما يطلبانِ منــِّـى تكرارَ الزيارةِ !!
عندئذٍ اصطحبْتُ الزوجَ معى إلى مسافةٍ من الطريقِ ،
وسألْتــُـه وأنا فى أشدِّ حالاتِ الحيرةِ والقلقِ :
" لقد حسبْتُ أن الخلافَ استحكمَ بينكما ، وأنه لا
أملَ فى السلامِ بعدَ الآنَ !! "
فضحكَ صديقى ضحكةً صافيةً مُجلجلةً وهو يقولُ :
" لا تخــَـفْ .. لقد تعلَّمْنا
كيف نختلفُ بغيرِ أن نتخاصمَ ! "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق