زكريا تامر
كان أحد الحمير صغير السِّن وكثيرَ النسيان، يرى أمّه، فيقول لها:
- من أنت؟ كأني لمحتك من قبل.
ويرى أباه، فيقول لأمّه متسائلاً:
- من هذا العجوز الغريب الداخل إلى اصطبلنا بلا استئذان؟
ويرى الشمس، فيصيحُ بدهشة:
- ما هذه الدائرة؟
أهي كرة صفراء أم بطيخة ساخنة؟
وكانت الحمير تتناقل أخبار نسيانه، وتهزأ بها، وتنصحه بالبحث عن دواءٍ يشفيه، وتستغرب أن تراه سعيداً دائماً، ولا تعرف السبب.
ولكن حماراً عجوزًا زعم أنّه يعرف السبب، وقال عنه:
- هذا الحمار الصغير سعيد لأنّه قادر على النسيان، ولو تذكّر التعب الذي يتعبه كلّ يوم في حمل الأثقال وجرّ العربات، وتذكّر ما يتعرض له من ضرب لما عرف السعادة.
فهزّ الحمار كثير النسيان رأسه موافقاً، ثمّ نسيَ كلام الحمار العجوز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق