د. إيمان بقاعي
في شهرِ رمضانَ الماضي، وكانَ الجوُّ حارًّا في اللَّيلِ كما في النَّهارِ، تقلَّبَتْ لولو قُبَيْلَ أذانِ الفَجْرِ في سريرِها الصَّغيرِ في بيتِ جدِّها، وجسمُها لزِجٌ مثلَ جسمِ ضفدعةٍ.
فتحَت عينيْها السَّوداوينِ الصَّغيرتينِ المُستديرتينِ، فلم تَرَ ماما.
وكيفَ تراها والمِصباحُ مُطْفَأٌ؟
لكن لولو لا تفْهَمُ ماذا يعني المِصْباحُ، وماذا تعني الكَهرَباءُ، ولا تفهمُ أَصْلاً ماذا يعني اللَّيلُ ولا النَّهارُ، فعُمُرُها فقطْ: شهرانِ!!!
لذا، صرَخَتْ بأعلى صوتِها:
ـ واعْ...
فنَهَضَتْ ماما بسرعةٍ وهي تبحثُ عن مَشَّايَتِها وتبحثُ ـ في الوقتِ نفسِهِ ـ عن زرِّ الكَهْرَباءِ.
وقبْلَ أن تجِدَ ماما زرَّ الكهرباءِ، صدَمَتْ رأسَها بالحائطِ:
ـ دِجْ...
فَصَرخَتْ:
ـ أَيْ يْ يْ يْ...
وصَرَخَتْ لولو من جديدٍ وبصوتٍ أعلى من صوتِ ماما:
ـ وااااااااااعْ.
وانفتحَ فمُها الصَّغيرُ على وسعِهِ فبَدا مثْلَ مغارةِ علي بابا والأربعينَ حرامي: أكبرَ من وجهِها.
خالتُها ديدو فرَكَتْ عينيْها وهي تركُضُ إِلى المطبخِ حافيةً:
ـ أينَ قنينةَ الحليب؟
وركضَتْ تيتا نحو لولو وحملَتْها.
ورَغْمَ أنها راحَتْ تغني لها:
"تك تك يا امْ سليمانْ"، إِلا أن لولو تابعَتْ بصوتٍ أعلى من صوتِ تيتا:
ـ واعْ واعْ واعْ.
هُنا، ما كانَ من خالو مصطفى إِلاَّ أن حمَلَ فرشةَ سريرِه، وَ.... وِزْزْزْ.... هرَبَ إلى أَبْعَدِ شُرْفةٍ في البيتِ، وأغلقَ بابَ الصَّالون وبابَ الشُّرفةِ ورفعَ صوتَ الرَّاديو، ولكنْ...
كان صوتُ لولو أَعْلى وأَعْلى:
ـ واعْ واعْ واعْ...
وما هيَ إِلاَّ دقائقُ، حتى كانَتْ كلُّ مطابخ الحيِّ مُضاءةً، وانتشرَتْ روائحُ طَعامِ السُّحورِ الشَّهيُّ.
دُهِشَ عمو المُسَحِّرُ وهو يرى كلَّ البيوتِ مُضاءةً في الحيِّ الذي تقيم لولو فيه، فتابعَ طريقَهُ إلى حيٍّ آخَرَ وهو يضرِبُ على طبْلِه مناديًا بصوتِهِ العالي:
ـ يا نايمْ وحِّدْ الدّايمْ....
وعندَ الصَّباحِ، وبعدَ أن عَرَفَ عمو المُسَحِّر سِرَّ يقظَةِ أهل الحيِّ الذي تزورُه لولو، أَرْسلَ علبةَ بسكوتٍ وعلبةَ راحة نقوطًا للصغيرةِ، ومعَهما بطاقةٌ كتَبَ فيها:
ـ شكرًا لولو... لن أنسى أنَّكِ ساعدِتني اللَّيلةَ الماضيةَ.
هناك 3 تعليقات:
المقاطع الصوتيّة تجلياتها ووظائفها في قصّة" لولو تساعد عمو المسحِّر" للدكتورة "إيمان بثاعي " بقلم ميزوني البناني /تونس..
لاشك أن اقتضاب الحوار في القصة كان مقصودا حيث كانت الأدوار بين الأمّ واببنتها الرضيعة ثم بين البنت وخالتها "ديدو " قصيرة جدا لاتتجاوز بعض المقاطع الصوتية المعبرة عن البكاء( واع/وااااااااااع/واع واع واع ../واع واع واع ..) أوعن ارتطام جسم بالجدار(دِج ) أو توجع الأم نتيجة الاصطدام بالجدار(أَيْ يْ يْ يْ...) أو هروب خالو مصطفى بعيدا عن الصراخ (وِزْزْزْ..) ، وهذا الاقتضاب ساعد على ارتفاع وتيرة الانفعال والتفاعل السريعين بين الشحصيات داخل المنزل ( الام ،الخالة ، خالو مصطفى ) كما ساعد على سرعة تطور الاحداث ( ارتفاع صوت رغاء الرضيعة داخل الغرفة ، محاولات الام والخالة لاسكات الرضيعة ، فشل المحاولات، تسبذب الرّغاء في إيقاظ أهل الحي قبل وقت السّحور، شروعهم غير الإرادي في تهيئة طعام السحور، قدوم "عمو المُسَحِّرُ " للحي واندهاشه ليقظة أهله للسحور دون ان يقوم كالعادة أيام رمضان بمهمة إيقاظهم .....)..لذلك يمنكنني القول بأن الكاتبة نجحت في توظيف هذه التعددية الصوتية في تمتين نسيج نصها السردي
وتوطيد علاقة المكتوب بالطفل الذي كان رضيعا ويميل إلى الرضع .كما نجحت في لفت الانتباه إلى مكانة الطفل في حياة الكبار و دور ه حتى وهو رضيع في التأثير في محيطه القريب والبعيد ، وفي ذلك انتصار للطفولة وتنزيلها المنزلة التي تليق بها في المجتمعات المتحضرة التي تعتبر الطفل مستقبل الشعوب والامم ....والحديث عن الحوار في كتابات د.إيمان الموجهة إلى الاطفال يغري الباحث بدراسة معجمه وأساليب توظيفه ورصد علاقته بتراثنا العربي الإسلامي ..إلى غير ذلك من عناصر هذا المبحث الشيق في المدونات الشعرية والنثرية الموجهة إلى الأطفال .
nike air force
balenciaga shoes
ralph lauren uk
nike air max
nike shoes
hermes birkin bag
golden gooses outlet
supreme shirt
michael kors outlet store
moncler
x6z81n3m91 x6s69v2i96 c0c62k2q92 p4x11z1v53 f9q82u2k46 l9x80p9e86
إرسال تعليق