صوت العقل
مصطفى البلكي
كانت مملكة تعيش في سلام وأمن,يحسد أهل
الممالك الأخرى ناس تلك المملكة, علي الرخاء الذي يعيشون فيه, أرجع بعض الناس ذلك
إلي عدل الملك, وبعضهم قال إن الرخاء نتيجة للعمل, إلا جيرانهم فقد تفتقت عقولهم
عن فكرة شيطانية, راحوا يروجون لها في كل تجمع يكونون فيه, فإذا ما ألتقي أحدهم
برجل, يتسلم أذنه ويقول له إن جيرانهم وصلوا لمكانتهم بفضل ذلك الجدار المكون من
النخيل ...سمع ملك البلاد بتلك المقولة, فأمر رجاله بإزالة كل النخيل, تعجب
جيرانهم لتطور الأمور, ونعتوا ملك تلك البلاد بالجهل, اشتاط الملك غضباً, وأعلن
الحرب علي جيرانه ....تسلل بصيص من الأمل بين جيرانهم, وقالوا بأن الفرصة قد جاءت
لكسر أنوف ناس البلد السعيد, وأن الحرب هي الوسيلة السليمة لذلك ...
أعلن ملك البلاد
السعيدة أن كل من وصل لسن البلوغ عليه أن
يحمل السلاح, تعلل بعضهم بالمرض, فأمر بقطع رقابهم وتعليقها علي مداخل المدينة حتي
يرتدع كل من في قلبه خوف ...
كل الناس
استحسنوا فعل الملك إلا العجوز التي تعيش في كوخها وحيدة, والتي كانت رغم ضعف
بصرها, تخرج كل يوم إلي الغابة, تجلب الحطب الذي يكفيها ليوم واحد, والباقي تبيعه
نظير ما يسد جوعها ...العجوز ما أن وقع بصرها علي الأجساد المعلقة, حتي صرخت :هلت
ريح الندامة .
انتشرت كلماتها,
فلما وصلت الملك, أمر بإحضارها, فلما وقعت عيناه عليها, ورأي ضعفها, أشار إلي
رجاله, وأمرهم بإخراجها من ديوان الحكم, العجوز من جانبها, رفضت الإذعان لأمر
الملك, وقالت له : من أجل كلمات حركت المدينة, ومن أجل كلمات أحضرتني, فيا ليتك
تعرف الطريق ...
رسم الملك الخطة,
وحدد الموعد, فوقفت الحياة في المدينة, لالتحاق أهلها في الجيش, فلم تعد هناك أي
مصلحة تؤدي خدمة للناس مفتوحة, ولم يعد هناك أي مصنع يعمل ...
العجوز رأت ذلك,
فأخذت تصرخ : الكعكة لا تؤكل إلا من الحواف ...
قال الناس إنها
كبرت وبدأ التخريف يعرف طريقه للسانها ..
مر عليها الجيش
وهي في كوخها, فصرخت فيهم, فلم ينصتوا لها ...
كانت خطت الملك
تقوم علي الاستيلاء علي عاصمة جيرانهم, ومن أجل ذلك اندفعوا بقوة, فكانت النتيجة
فادحة في صفوفهم ...
حزن الملك وقال :
غدا يأتي يوم جديد
فلما كان الغد,
حشد الملك جنوده, ومر علي كوخ العجوز فأسمعته نفس الكلمات, لم ينتبه لها, وهاجم
عاصمة جيرانه, وحصل علي نفس النتيجة ...
في الليل, وبينما
الملك وحيداً في حديقة القصر وصله صوت العجوز, فخرج, وجدها تجلس بالقرب من القصر,
اقترب منها, فقالت له : لا تأكل الكعكة إلا من الحواف
قال الملك فسري
كلماتك ..
ضحكت العجوز,
وقالت : اليوم فقط تسأل .
وسكتت..فظهرت
مسحة من الدهشة علي وجه الملك, وهم بالوقوف, فطالبته العجوز بالبقاء, وقالت له إن
الكلام كالنار في الهشيم, الذي إذا لم يتحقق منه, يضر, وما دام الأمر وصل لهذا
الحد, فعليك بالكف عن القتال, وإعادة النخيل
وهذا تفسير ما كنت أقوله ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق