الشَمْبَانزِى يضْحَكُ
يعقوب الشارونى
فى حديقةِ الحيواناتِ ، وقفَ الدبُّ الأبيضُ تحتَ رشاشِ الماءِ المتساقطِ فوقــَـهُ من سقفِ القفصِ الواسعِ . وشاهدَ فى القفصِ المجاورِ له دبًّا ضخمًا أسمرَ اللونِ ،
فصاحَ به : " ما الذى غيَّرَ لونـكَ إلى هذا اللونِ الداكنِ ؟ "
أجابَ الدبُّ الأسمرُ : " بل هو لونى الذى أحبُّهُ ، ولولاه لما استطعْتُ أن أعيشَ " .
قالَ الدبُّ الأبيضُ : " بل اللونُ الأبيضُ هو الذى
يحمى الدبَّ فيعيشُ ... إن لونى الأبيضَ
يُخفينى بينَ الثلوجِ فلا يرانى الصيَّادونَ .. كما يُخفينى عن الصيدِ الذى
أصطادُهُ فأستطيعُ أن أجدَ طعامى " .
وفــى تكاسُــلٍ جلسَ الــدبُّ
الأسمرُ وقــالَ : " أمــا أنــا فأعيشُ فــى الغاباتِ ، واللونُ الأسمرُ
يُخفينى بين ظلالِ الأشجار فلا يرانى الصيادون ، وأستطيعُ به أن أتخفــَّـى فأصيدَ ما أشاءُ " .
ابتعدَ الدبُّ
الأبيضُ وهو يقولُ : " هذا غريبٌ ..
فأنا مُؤمِنُ أنه بغيرِ اللونِ الأبيضِ لا يُمكِنُ للدبِّ أن يعيشَ !
"
وفى
إصرارٍ قالَ الدبُّ الأسمرُ : " بل
أنا واثقٌ أنه بغيرِ اللونِ الأسمرِ ، لا يُمكِنُ للدبِّ أن
يعيشَ ! "
وسمعَ الشمبانزى هذا الحوارَ الغريبَ ، فضحكَ فى أسفٍ وهو يقولُ لزوجتِهِ : " أجسامٌ ضخمةٌ ، وعقولٌ ضعيفةٌ ، فكلُّ
واحدٍ منهما لا يُريدُ أن يتصوَّرَ نفسَهُ فى بيئةِ الآخرِ ، فتــَـجمَّدَ خيالُهُ وتعطَّلَ تفكيرُهُ " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق