الحقيقة
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
لسبب ما ، لا
أدريه ، لم تبد ِ زينب ، على غير عادتها ، أي اهتمام بما جرى اليوم ، أم أنها لم
تسمع بذلك ؟ من يدري .
وحاولتُ طوال الطريق إلى البيت ، وهي تجلس إلى جانبي في
الباص ، أن أتحدث إليها ، لكنها كانت مشغولة أم أنها متشاغلة ؟ بأمر ما مع خولة ،
التي كانت تجلس وراءها .
وحتى عندما نزلنا من الباص ، على مقربة من البيت ، لم
تلتفت إليّ ، ودفعت باب الحديقة ، ومضت إلى الداخل ، فأسرعت إليها هاتفاً : زينب .
وردت قائلة ، دون أن تلتفت إليّ : دعني الآن ، إنني
متعبة وجائعة .
وملتُ عليها ، وأنا أسير قريباً منها : سأقول لك ..
الحقيقة .
ودخلتْ زينب المطبخ ، وهي تقول : دعني ، احتفظ بالحقيقة
الآن .
وهتفتْ ماما ، حين رأتنا داخلين : غيّرا ملابسكما بسرعة
، بابا جاء مبكراً اليوم ، الطعام جاهز .
وأسرعتْ زينب إلى الداخل ، وقالت : نعم ماما .
لم ألحق بزينب ، وإنما اقتربت من ماما ، وقلت متردداً :
ماما .
وردت ماما ، وهي ترتب الأطباق فوق المائدة : قيس ابتعد ،
أنت تراني مشغولة الآن .
وبدل أن أبتعد ، اقتربتُ منها أكثر ، وقلتُ : أريد أن
أتحدث إليك ، يا ماما .
واستدارتْ ماما ، وأبعدتني برفق ، وقالتْ : ابتعد عن
طريقي ، بابا يغير ثيابه ، فاذهب أنت أيضاً ، وغير ثيابك ، سنتغدى حالاً .
وذهبتُ على مضض ، وغيرت ثيابي ، وعدت إلى المطبخ ، وجلست
صامتاً قبالة زينب ، ودسّ بابا قطعة دجاج في فمه ، وقال : قيس ، هذه ليست عادتك ،
حدثنا عن يومك في المدرسة .
ورفعتُ عينيّ ، ونظرتُ إلى بابا ، فقطعت ماما عليّ
الطريق ، وقالتْ : دعك من أبيك ، يا بنيّ ، وتمتع بتناول قطعة من هذه الدجاجة
المشوية .
وانتهزتْ زينب الفرصة ، فنظرت إلى بابا ، وقالتْ : اليوم
كسر زجاج نافذة ، في أحد الصفوف .
وأثارني كلام زينب ، وخمنتُ إنها تشي بي كعادتها، فهممتُ
أن أردّ عليها ، لكن بابا ، قال ضاحكاً ، وهو مستغرق في تناول الطعام : عندما كنتُ
في عمر قيس ، أخبر أحدهم أبي ، بأني كسرتُ زجاج نافذة الصف في المدرسة ، ف ..
وتوقف بابا لحظة عن تناول طعامه ، وقال : آه يا قيس ، لو
تعلم كم كانتْ يد أبي ثقيلة ، وقد عرف بعد فوات الأوان ، بأني لم أكسر زجاج
النافذة .
وهنا نهضتُ عن المائدة منفعلاً ، ونظر الجميع إليّ
مندهشين ، فقلتُ : أنا كسرت زجاج النافذة .
ونظرتْ ماما إلى بابا ، ووضعتْ قطع الدجاج في الطبق ،
فقال بابا : أجلس ، يا قيس ، أجلس وتناول طعامك .
وجلستُ في مكاني ، لكني لم أمدّ يدي إلى الطعام ، وقلتُ
بصوت منكسر : كنتُ أنظف الصف ، فأفلتتْ المكنسة من يدي ، و.. انكسر الزجاج .
ونظرتْ ماما إليّ ، وقالتْ : كل يا قيس ، سأتصل بالمديرة
، وأعالج الأمر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق