توم وجيري
قصة للأطفال
بقلم: طلال حسن
في أول الليل
، بعد العشاء ، جلسوا كالعادة في الردهة ، قيس يتابع بشغف توم وجيري في التلفزيون
، وإلى جانبه زينب مستغرقة في كتابة واجبها المدرسي ، بينما انشغل الأبوان في
التهام حصتهما من البقلاوة ، وهما يتبادلان الحديث .
وحانت من الأب نظرة إلى قيس ، فقال له : قيس ، كل حصتك
من البقلاوة .
والتفت قيس ، ورأى قطعة البقلاوة بينه وبين زينب ،
فالتقطها بسرعة ، ودسها في فمه ، وهو يتابع توم وجيري ، ومطاردتهما التي لا تنتهي
.
وتوقفت زينب عن الكتابة ، وأغلقت الدفتر ، لقد انتهت من
كتابة الواجب ، وتلفتت يميناً ويساراً ، ثم صاحت منفعلة : بقلاوتي .
وانتبه الأبوان إليها ، ونظر الأب إلى قيس ، وقالت الأم
: لقد وضعتها على مقربة منكِ .
والتفتت زينب إلى قيس ، وصاحت بنبرة اتهام : قيس ، أعطني
بقلاوتي .
وابتلع قيس ما في فمه من قطعة البقلاوة ، وقال دون أن
يرفع عينيه عن توم وجيري : لعلكِ أكلتها ، ونسيتِ ، ما شأني أنا .
وكتم الأب ضحكته ، وهمس للأم : أعطها قطعة بدل قطعتها .
فردت الأم بصوت هامس : لم يبقَ شيء .
وهبت زينب من مكانها غاضبة ، ومضت إلى غرفتها ، وهي
تولول متوعدة قيس : لن أسامحه ، هذه ليست المرة الأولى .
ومالت الأم على قيس ، وقالت : أرأيت ؟ لقد زعلت ، وستنام
مقهورة ، وقد تمرض .
اعتدل قيس ، وقال : لستُ متأكداً ، صدقيني يا ماما ،
ربما أكلتها دون أن أدري .
ونهض قيس ، وقال : ماما ، كلميها بالموبايل .
وردّ الأب : كلمها أنت .
وأيدته الأم قائلة : حاول ، يا قيس ، حاول .
أخذ قيس الموبايل ، واتصل بزينب ، وانتظر لحظات ، ثم
أغلق الموبايل ، وقال : لم ترد ، إنها زعلانة .
وقال الأب : حاول أن تصالحها ، قبل أن تنام .
واتجه قيس إلى غرفته متردداً ، وهو يقول بصوت حزين :
سأنام الآن .
وابتسمت الأم ، وقالت : لا أظنه أكل قطعة البقلاوة سهواً
، إنه قيس وأنا أعرفه .
ودفع قيس باب الغرفة بهدوء ، كانت زينب راقدة في فراشها
، ووجهها إلى الحائط ، فاقترب منها ، وقال بصوت خافت : زينب ..
لم تلتفت زينب إليه ، فتابع قائلاً : صدقيني ، لا أعرف
إذا كنت قد أكلت قطعتك أم لا ، ومهما يكن فليس الخطأ خطئي ، إنما هو خطأ توم وجيري
.
ومرة أخرى ، لم تلتفت زينب إليه ، فتراجع نحو فراشه ،
وهو يقول : سامحيني .
وفي اليوم التالي ، ذهبت زينب وحدها إلى المدرسة ، فقيس
يعاني من ألم شديد في بطنه ، هذا ما قالته لها أمها ، وهو ما لم تصدقه زينب .
ودق الجرس ، وجلست زينب في مكانها ، وفتحت دفتر الواجب ،
ورأت فيها ورقة ، عرفت على الفور إنها من قيس ، فلا أحد غيره يكتب بهذا الخط
الشبيه بالخط المسماري .
وفتحت زينب الورقة ، إنها رسالة موجهة إليها من قيس
فعلاً ، كتب لها فيها :
أختي زينب
تحية من أخيك
قيس
حزنت كثيراً لأنك لم تقبلي اعتذاري ، وقررت أن انتحر ،
فأكلت الفستق الذي خبأته في خزانتك ، وقلتِ لي إنه مسموم .
وهبتْ زينب من مكانها ، واتجهتْ إلى الخارج ، فقالت لها
المراقبة : زينب ، ستأتي المعلمة حالاً .
فردت زينب ، وهي تخرج من الصف : لحظة ، لدي أمر هام ،
سأعود بعد قليل .
وأخرجت الموبايل من جيبها في الفناء ، واتصلت بأمها ،
هذا اللعين قيس ، ربما صدق أنه مسموم ، فأمرضه هذا الأمر ، ومن يدري ، فقد يصاب ..
، وجاءها صوت أمها في الموبايل : زينب ، حبيبتي ، ما .. ؟
وقاطعتها زينب بصوت منفعل : ماما ، أين قيس ؟
فردت الأم قائلة : ها هو يلعب إلى جانبي .
فقالت زينب : أعطيني إياه ، أريد أن أسمع صوته .
فقالت الأم : اطمئني إنه بخير .
فقالت زينب : أعطني إياه .
فقالت الأم : هاهو ، خذيه .
وصاحت زينب وكأنها تستغيث : قيس .
وجاها صوت قيس متردداً : نعم .
فقالت زينب : اسمع ، يا حبيبي ، هذا الفستق ، الذي أكلته
البارحة ليلاً ، ليس مسموماً ، فلا تخف ، لن يصيبك مكروه .
فرد قيس : أعرف .
وبدل أن تغضب زينب هذه المرة ، راحت تضحك ، والدموع تسيل
من عينيها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق