الكلب
بقلم : طلال حسن
من أين جاء
ذلك الكلب ؟
لا أحد يدري .
ولماذا لم يستطع الفراش " العم حامد " أن يصده
، ويمنعه من الدخول إلى المدرسة ؟
هذا ما لم يعرفه أحد .
والأغرب ، والذي لم يعرفه أحد أيضاً ، لماذا هاجم ذلك
الكلب ، التلميذة الصغيرة ديمة بالذات ؟
وفوجىء التلاميذ والتلميذات ، وهم يلهون كالعادة في فناء
المدرسة ، باندفاع ذلك الكلب ، وقد كشر عن أنيابه المخيفة .
وعلى الفور تراكضوا مولولين ، ولاذوا بالصفوف والطابق
الثاني من المدرسة ، وتراجعت المعاونة نفسها ، وعصاها الخيزران في يدها ، ونظارتها
الشبيهة بقعر الزجاجة تكاد تسقط على الأرض ، وتتحطم .
وحده قيس ، جمد في مكانه ، وعيناه تريان ديمة ، تقف
مرتاعة ، لا تعرف ماذا تفعل ، وسرعان ما اندفع
من بين التلاميذ الهاربين في كل اتجاه ، وتصدى للكلب ، ومنعه من الوصول إلى
ديمة .
وهنا أسرع الفراش " العم حامد " والفراشة
" الخالة رمزية " ، وكلّ منهما مسلح بمكنسة قوية ، وانهالا على الكلب ،
وأجبراه على التراجع منكسراً .. ثم لاذ بالفرار الفرار ، وعاد من حيث أتى .
وعاد التلاميذ والتلميذات شيئاً فشيئاً إلى الفناء ،
وأحاطوا بقيس وديمة ، وتقدمت المعاونة من قيس ، وقالت له أمام الجميع : قيس ، أنت
بطل .
وكذلك قالت له المديرة ، والكثير من التلاميذ والتلميذات
، والأهم من كلّ ذلك أن ديمة نفسها ، التي لم يصلها الكلب ، قالت لقيس : أشكرك .
عدا زينب ، فهي الوحيدة ، التي لم تهرب ، لكنها مع ذلك ،
جمدت من الخوف ، وهي ترى قيس يتصدى للكلب المهاجم .
وحتى حين تصدى الفراش " العم حامد " والفراشة
" الخالة رمزية " للكلب ، وأجبراه على الفرار ، وتجمع التلاميذ
والتلميذات حول قيس وديمة ، ظلت زينب في مكانها ، لا تكاد تصدق ما جرى .
وفي الباص ، بعد انتهاء الدوام ، جلست زينب إلى جانب قيس
، وراحت تتأمل سرواله ، الذي مزقته أنياب الكلب ومخالبه ، من مواضع عديدة ، ثم
رفعت عينيها ، ونظرت إلى قيس ، وقالت : حقاً أنت بطل .
لم يرتح قيس إلى ما قالته زينب ، فهو يعرفها جيداً ،
لكنه لم يتفوه بكلمة ، فقالت زينب : لو أن الكلب ، هذا المتوحش ، هاجم خولة ، وليس
ديمة ..
وسكتت زينب لحظة ، ثم ابتسمت قائلة : الجميع قالوا إنك
بطل ، وأوله ديمة ، ترى ماذا ستقول ماما ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق