الطفل
الوليد
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
أفقتُ ، ربما مبكراً ، لأن الشمس
لم تطل عليّ بعد ، من النافذة كعادتها ، فتلفتُ ثم صحت : ماما .
وبدل ماما ، التي تستجيب دائماً لندائي ، أقبل بابا مسرعاً ، وهو يقول :
حبيبتي نونو ، هل استيقظتِ ؟
يا له من سؤال ، لا تسأل ماما مثله أبداً ، طبعاً استيقظت ، وإلا كيف صحت ،
ماما ؟
ونظرت إلى بابا ، وتساءلت : أين ماما ؟
وأجابني بابا ، وهو يأخذني بين ذراعيه : ماما ذهبت إلى المستشفى .
وتساءلت ، وأنا أتلوى بين ذراعيه : لماذا ؟
فأجاب بابا : لتأتينا بطفل صغير .
عادت ماما من المستشفى ، بعد عدة أيام ، وبين ذراعيها طفل صغير ، لم أرتح
للطفل ، رغم أن بابا قال لي ، وهو يأخذني بين ذراعيه : دعك منه ، نحن نحبك أكثر
منه ، فأنت أجمل منه بكثير .
وتمددت ماما في فراشها ، وراحت ترضع الطفل ، فاقتربت منها ، وأنا أحدق في
الطفل ، فمدت يدها ، وحضنتني ، وقالت : حبيبتي ، إنه أخوكِ .
وأبعدت عينيّ عن الطفل ، وتطلعت إلى ماما ، وقلت لها : ماما ، من أين جئت
به ؟
ونظرت ماما إليّ ، ويبدو أن بابا كان يراقبنا ، فأضفت بصوت هامس : هذا
الطفل .
وغالبت ماما ابتسامتها ، ثم نظرت إلى بابا ، وقالت : بابا يعرف ، اسأليه .
ونظرت إلى بابا ، ثم ذهبت إليه ، فأخذني بين ذراعيه ، وقال : حبيبتي نونو .
وأشرت إلى الطفل بعينيّ ، وقلت : أين كان ؟
ولاذ بابا بالصمت لحظة ، ثم قال : كان في بطن ماما .
وتسللت من بين ذراعي بابا ، واندسست في حضن ماما ، وقلت بصوت خافت : بابا
يقول ، إن الطفل ، قبل أن يأتي ، كان في بطنك .
فقالت ماما : هذا صحيح ، يا عزيزتي .
فغرتُ فمي مندهشة ، وأشرت إلى بطن ماما ، وقلت : هنا ؟
وهزت ماما رأسها ، أن نعم ، فتساءلت : وقبل ذلك ، أين كان ؟
وجاء لدور ماما لتفغر فاها ، ربما لأنها لا تعرف الجواب ، وهذا ما فعله
بابا عندما سألته نفس السؤال ، لا عجب ، إنهما كبيران ، والكبار نادراً ما يعرفون
كلّ شيء ، الطفل كان في السماء ، هذا ما تقوله المعلمة ، والمعلمة رغم أنها كبيرة
، معلمة ، مهما يكن ، هذا ما يجب أن أعرفه في المستقبل ، وسأشرحه لبابا وماما ،
ليعرفا كلّ شيء عن .. الطفل الوليد .
بلبل
نونو
أشرقت الشمس ، وأطلت من النافذة
، ككل يوم ، لكن نونو لم تنهض من فراشها ككل يوم ، فحرارتها مرتفعة قليلاً ، ولن
تذهب اليوم إلى الروضة .
واعتدلت في فراشها ، ونظرت مراراً عبر النافذة ، لقد تأخر البلبل اليوم ،
وهذه ليست عادته ، لابدّ أنّ أمراً ما أخره ، ومن يدري ، لعل صغيره ارتفعت حرارته
أيضاً ، فلزم العش إلى جانب أمه .
وفجأة هزّ المدينة انفجار قويّ ، أهو عبوة أم حزام ناسف أم سيارة مفخخة أم .. وأقبلت عليها أمها مسرعة
، وقد شحب وجهها ، وأخذتها بين ذراعيها ، وقالت : بنيتي ، لا تخافي ، الانفجار
بعيد جداً .
وقالت نونو من بين دموعها : تأخر البلبل ، وأخشى أن يكون قد أصيب بهذا
الانفجار .
ونظرت إلها الأم صامتة ، لا تدري ماذا تقول ، وهنا أشرق وجه نونو بالفرح ،
وصاحت : ماما ، انظري ، ها هو البلبل .
ونظرت الأم إلى حيث تنظر نونو ، ورأت البلبل يقف على غصن شجرة قريبة من
النافذة ، وبأعلى صوته ، راح يغرد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق