التاريخ يُعيد نفسه
طلال حسن
" 1 "
ــــــــــــــــــ
خرج أرنوب مبكراً ، وانطلق يسابق الريح ،
وكأنه يتهيأ لمباراة الركض النهائي في الغابة ، ورأى السلحفاة الصغيرة ، تتهادى في
مشيتها ، فتوقف على مقربة منها ، وقال : هيا نتسابق .
فردت السلحفاة الصغيرة ، دون أن
تتوقف : لا أحب أن أسابق أحداً .
وقال أرنوب متحدياً : أنتِ
تخافين أن أسبقك ، مثلما سبق جدي جدتك .
فقالت السلحفاة الصغيرة : لكن
الحكاية تقول العكس .
وصاح أرنوب منفعلاً : هكذا
تروونها أنتم السلاحف ، وهذا كذب ، وقد آن أن تعرف الحقيقة .
وواصلت السلحفاة الصغيرة سيرها
قائلة : هذا لا يهمني ، أنا ذاهبة عند جدتي ، أرجوك ، دعني وشأني .
ووثب أرنوب متحفزاً ، وقال :
إنني أعرف بيت جدتك ، إنه في الطرف الآخر نمن الغابة .
وانطلق كالسهم قائلاً : سأسبقك
إلى هناك ، لتعرفي الفرق بين سرعتي وسرعتك .
" 2 "
ــــــــــــــــــ
وصلت السلحفاة الصغيرة بيت جدتها ، قبل غروب
الشمس ، ورحبت الجدة بها قائلة : أهلاً حبيبتي الغالية سلحوفة .
وبدل أن تردّ السلحفاة الصغيرة
على تحية جدتها ، تلفتت حولها متسائلة : جدتي ، أين أرنوب ؟
فردت الجدة قائلة : لم أره
اليوم ، يا عزيزتي .
ورغم قلقها ، تضاحكت السلحفاة
الصغيرة ، وقالت : يبدو أنه نام في الطريق ، كما نام جده ، في سباقه مع جدتي
الأولى .
وقالت الجدة مغالبة ضحكتها : من
يدري ، لعله نام فعلاً.
وتململت السلحفاة الصغيرة بقلق
، وقالت :لقد سبقني إلى هنا ، يا جدتي ، منذ فترة طويلة .
وبدا القلق على الجدة ، وتلفتت
قائلة : يا إلهي ، أخشى أن يكون قد أصيب بمكروه ، فلنسرع بالبحث عنه .
" 3 "
ـــــــــــــــــــ
مضت الجدة والسلحفاة الصغيرة ،
تبحثان عن أرنوب ، ومن بعيد سمعتاه يصيح : النجدة .. النجدة .
فأسرعتا إليه ، وإذا به يتخبط
في حفرة عميقة ، فساعدتاه على الخروج ، ووقف ينفض الغبار عن فروته ، وهو يقول :
أردتُ أن أختصر المسافة ، فسلكت هذا الطريق الجانب ، لكني سقطت ..
وضحكت السلحفاة الصغيرة ، وقالت
: وهكذا .. يعيد التاريخ نفسه .
وسار أرنوب منفعلاً ، وقال :
كلا ، هذا غير صحيح ، إنني أسرع ..
وقبل أن يكمل كلامه ، سقط في
حفرة ثانية ، فساعدتاه مرة أخرى على الخروج ، وهما تضحكان ، وأصابته عدوى الضحك
على ما يبدو ، فراح يضحك هو الآخر .
ومدت الجدة يديها ،واحتضنته ،
وقالت : عزيزي ، أنت الأسرع ، لكني أريدك أن تنتبه حين تركض ، حتى لا تؤذي
نفسك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق