دبدوب والسلحفاة
طلال حسن
أفاق دبدوب مع الفجر ، وكالعادة لم يكد يفتح
عينيه، حتى صاح : ماما ، إنني جائع .
فتمتمت أمه بصوت ناعس : ارضع ..
ودس دبدوب رأسه بين أثداء أمه ،
والتقم أحد أثدائها ، وقبل أن يرضع ، مرت فراشة ملونة ، فترك دبدوب الثدي ، وأسرع
في أثر الفراشة .
وطارد دبدوب الفراشة ، متوغلاً
في الغابة ، لكنها أفلتت منه ، وتوارت بين الأشجار ، وقفل دبدوب عائداً ، وبطنه
تقرقر من الجوع ، وتمنى لو يندس بين أثداء أمه الدافئة ، ويرضع حتى يشبع .
وفي طريق العودة ، صادف
السلحفاة ، على مقربة من الجدول ، فأشاح بوجهه عنها ، وحاول تجنبها ، لكنها توقفت
، وحيته قائلة : مرحباً ، يا دبدوب .
وتوقف دبدوب بعيداً عنها ، وقال
: لا أريد مرحبة أم قاسية .
وكادت السلحفاة تضحك للهجته ،
لكنها كتمت ضحكتها ، وقالت : هذا حكم قاس ، يا دبدوب .
وقال دبدوب محتداً : أخبرتني
ماما ، أنك لا ترعين صغارك .
فردت السلحفاة : صغاري ليسوا
حمقى لأرعاهم .
ولاذ دبدوب بالصمت ، وقد فغر
فاه ، ثم تمتم : إن ماما ترعاني .
وواصلت السلحفاة السير ، وقالت
وهي تغالب ضحكتها : هذا شأنها ، رغم أنني أرى ، أنك لست بأحمق .
ولبث دبدوب في مكانه ، وتمتم
قائلاً : نعم ، أنا لست بأحمق ، سأعتمد منذ الآن على نفسي ، إن صغار السلحفاة ليسوا
بأفضل مني .
وعضه الجوع ، فنزل إلى الجدول ،
بدل أن يذهب إلى أمه ، وحاول أن يصطاد سمكة ، لكن المياه جرفته ، وكاد يغرق ، لو
لم يتشبث بغصن متدلي ، ويخرج إلى ضفة الجدول .
وطوال ساعات ، حاول دبدوب أن
يجد ما يأكله ، وتراءت له أمه بأثدائها الممتلئة الدافئة ، لكنه أبعدها عن ذهنه
قائلاً : لا ، لست بأحمق ، إنني ..
ومن بعيد سمع أمه تناديه :
دبدوب .. دبدوب .
وانتفض قلبه فرحاً ، واغرورقت
عيناه بالدموع ، وشعر بصوت أمه ، يحمل إليه الدفء .. والأمان .. و .. وعلى الفور ،
أسرع نحوها يصيح : ماما .. ماما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق