وحش الأعماق
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
منذ أكثر من ساعة ، والبطة تحلق
حول البحيرة ، منادية صغيرتها بصوت تبلله الدموع ، وتابعتها الضفدعة العجوز ، وقد
بدا عليها التأثر ، فهي تعرف أن صيحاتها هذه دون جدوى .
واستبد التعب واليأس بالبطة ، فعادت إلى صديقتها الضفدعة العجوز ، وحطت إلى
جانبها ، وقالت : يا ويلي ، لم أجد صغيرتي ، لم أجدها .
فاقتربت الضفدعة العجوز منها ، وقالت : لا تقلقي ، ربما تلعب مع رفيقاتها .
وهزت البطة رأسها ، وقالت : لا ، رأيتها بعينيّ هاتين ، تغوص إلى الأعماق .
وقالت الضفدعة العجوز : لعلك واهمة .
فهزت البطة رأسها ثانية ، وقالت : هذا مستحيل ، لقد أفقت من غفوتي على
صيحاتها تستغيث ، وما إن فتحت عينيّ ، حتى رأيتها تغوص ، كأن أحداً سحبها إلى
الأعماق ، فأسرعت إليها ، لكني لم أجد لها أثراً .
وأصغت الضفدعة العجوز إلى البطة ، وقد لاذت بالصمت ، وتراءت لها السلحفاة
الخطافة ، تجوب الأعماق ، لا شك أنها هي ، فهذه طريقتها في اقتناص صغار البط ،
إنها تعلو بهدوء تحت البطة الصغيرة ، وتمسك برجليها على حين غرة ، وتجذبها إلى
أعماق الماء ، حيث تمزقها إرباً ، وتزدردها في لحظات .
وخرجت الضفدعة العجوز عن صمتها ، وقالت : أظن أن ما رأيته مجرد حلم ، إن
ابنتك لم تعد صغيرة ، ولعلها رأتك نائمة ، فسبقتك مع سرب مهاجر من رفيقاتها .
وأطرقت البطة لحظة ، ثم قالت في تردد : سأهاجر غداً مع الفجر ، من يدري ،
فقد أرى ابنتي ثانية ، في مكان ما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق