عشبة الأعماق
قصة للأطفال
بقلم : طلال
حسن
خرجت السلحفاة من البحر ، وسارت متهادية على
الشاطىء ، وحين وصلت بقعة جافة ، لا تصلها مياه المد ّ ، توقفت متلفتة ، ثم حفرت
حفرة صغيرة في الرمال ، وراحت تضع فيها بيضها .
وحالما انتهت
من وضع البيض ، أخذت تردم الحفرة ، وهنا حطّ نورس ضخم على مقربة منها ، وقال : من
المؤسف أن جهدك قد يذهب عبثاً ، إلا إذا ..
فتطلعت
السلحفاة إليه ، وقالت : أرجوك ، إنني سلحفاة عجوز ، تجاوز عمري المائة سنة ، ولعل
هذا آخر بيض أضعه ، فدعه سالماً .
ومال النورس
عليها ، وقال : دعيني إذن أعش قدر ما عشتِ .
وقالت
السلحفاة : ليت الأمر بيدي .
فردّ النورس
قائلاً : إنه بيدك وحدكِ ، جيئيني من أعماق البحر بالعشبة التي جعلتكِ تعمرين .
وقالت
السلحفاة : لا تصدق هذا ، إنها خرافة .
وصاح النورس
: جيئيني بها ، وإلا لن يكون لكِ صغار .
ولاذت
السلحفاة بالصمت لحظة ، ثم قالت : حسن ، سآتيك بالعشبة .
وسوت
السلحفاة الرمال ، حتى اختفت الحفرة تماما ، ثم سارت متهادية نحو البحر ، فصاح بها
النورس : إنني أنتظرك هنا ، لا تتأخري وإلا ..
ومرت الأيام
، والنورس ينتظر أن تأتيه السلحفاة بالعشبة ، وجن جنونه ، وراح يبحث عن الحفرة ،
ليستخرج بيض السلحفاة ويكسرها ، لكن جهوده ذهبت أدراج الريح .
وذات يوم ،
لمح فوق الشاطىء ، صفاً من السلاحف الصغيرة ، تخرج من تحت الرمال ، فانقض عليها
غاضباً ، وما إن شعرت السلاحف الصغيرة بالخطر ، حتى راحت تتسابق نحو البحر ، وتلوذ
بالأعماق هرباً من النورس .
ومن يدري ،
لعل عشبة الأعماق خرافة فعلاً ، لكن النوارس مازالت تؤمن بوجودها ، وتلاحق السلاحف
الصغيرة ، وتلتهمها ، ولا ينجو منها إلا من يلوذ بأعماق البحر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق