أسمائي الكثيرة
خالد الجبور
اسمي سَماءُ، ولي أسماءُ أخرى كثيرةٌ أُطلِقُها على نفسي .
في الطَّريقِ إلى مدرستي الابتدائيَّةِ حاجزانِ دائمانِ لجنودِ الاحتلال، فأنا أسكُنُ في بيتٍ بالقُرْبِ من الحَرَمِ الإبراهيمي، وسْطَ بيوتٍ يسكُنُها مُستوطنونَ مُتعصّبونَ، يَكرهونَنا، ويُضايقونَنا باستمرار .
أبي يقولُ إنَّ هدفَهُمْ أن نتركَ بيتَنا، وإنَّ علينا ألا نُحقّقَ لهم هذا الهدف .
أمس أوقَفَني الجنودُ على الحاجزِ الأوَّلِ، والذي لا يَبْعُدُ سوى بضعةِ أمتارٍ عن مدخلِ بيتِنا، ولأنّـهُمْ مجموعةٌ جديدةٌ غيرُ تلكَ التي خَدَمَتْ على الحاجزِ طَوالَ الأشهرِ الثلاثةِ السّابقة، فقد بالَغوا في تفتيشِ حقيبةِ كُتُبي، وسألوني عن اسمي، فقُلْتُ لهم: اسمي فلسطين .
نظرَ أحدُهُمْ في ورقةٍ بين يَدَيْهِ، وقالَ: لا يُوجَدُ أحدٌ من سُكّانِ البيتِ الَّذي خَـرَجْتِ منهُ لهُ هذا الاسمُ، وذَكَرَ أسماءَ أهلي اسماً اسماً، ومِنْ ضِمْنِ الأسماءِ ذكَرَ اسمي " سماء ".
قلتُ لَهُ : هذا اسمي .
كَشَّرَ في وجهي، وقال: قُلْتِ إنَّ اسمَكِ فلسطينُ، فابْتَسَمْتُ، وقُلْتُ لَهُ :
- نعمْ، فأنا سماءُ فلسطينَ، ولي أسماءُ أخرى كثيرة .
نظرَ إليَّ دونَ أنْ يفهَمَ، وقال: في الـمَرَّةِ القادمةِ قولي اسْـمَكِ المكتوبَ هنا .
لم أُعَلِّقْ، وترَكَني أُواصِلُ طريقي، لكنَّ جنودَ الحاجزِ الثاني أَوْقَفوني، وطَلَبوا مـنّي أنْ أَعودَ إلى البيتِ، قالوا: هناكَ أولادٌ قَذَفونا بالحجارةِ، وعليكِ أنْ تَعودي إلى بيتِكِ .
رَفَضوا الاسْتِماعَ إلى احْتِجاجي على مَنْعي من الوصولِ إلى مدرستي، فتظاهَرْتُ بأنَّني سأعودُ، تَراجَعْتُ بِضْعَ خُطواتٍ، ثمَّ غافَلْتُهُمْ، وركَضْتُ تِـجاهَ مدرستي، فصاحوا عَلَيَّ ، لكنّني لم أتوقَّفْ، واخْتَفَيْتُ عنهمْ خلفَ بيتٍ يَسكُنُهُ مُستوطِنون .
أطَلَّ مُسْتَوطِنٌ أعْرِفُهُ مِنْ شُرْفَةٍ في الطّابِقِ الثّاني، فَشَتَمَني، وقَذَفَني بِـحَـبَّةِ طَماطِم فاسِدَةٍ، أصابَتْ كتفي، فانْتثَرَتْ عُصارَتُـها على سُتْرَتي البيضاءِ، ووَسَّخَتْها تمامًا .
غَضِبْتُ، وَشَتَمْتُ الـمُسْتَـوْطِنَ، وقاوَمْتُ رغْبَةً قوِيَّةً بالبكاءِ، ثُـمَّ واصَلْتُ رَكْضي .
في المدرسةِ أخَذَتني المديرةُ إلى حُجْرَتِـها، ساعَدَتْني على تَنْظيفِ سُتْرَتي، وقَبَّلَتْ رأسي، طالِبَةً مِنّي ألا أحزنَ، لأنّني بنتٌ شُجاعَةٌ، وحَريصَةٌ على الحُضورِ إلى المدرسةِ .
حينَ خَرَجْتُ من غُرفةِ المديرةِ، كُنْتُ قد هدأت كثيراً، حتى أنّني أخذتُ أفكرُ في الاسْمِ الّذي سَأقولُهُ للجنودِ عندما يَسْألونَني، وأنا في طريقِ العَوْدَةِ، عَنْ اسمي: هلْ سأختارُ سماءَ، أم فلسطينَ، أم تحريرَ، أم حُرّية، ... أمْ أنّ عليّ أنْ أختارَ اسماً جديداً يُضافُ إلى أسمائي الكثيرةِ ؟!
في الطَّريقِ إلى مدرستي الابتدائيَّةِ حاجزانِ دائمانِ لجنودِ الاحتلال، فأنا أسكُنُ في بيتٍ بالقُرْبِ من الحَرَمِ الإبراهيمي، وسْطَ بيوتٍ يسكُنُها مُستوطنونَ مُتعصّبونَ، يَكرهونَنا، ويُضايقونَنا باستمرار .
أبي يقولُ إنَّ هدفَهُمْ أن نتركَ بيتَنا، وإنَّ علينا ألا نُحقّقَ لهم هذا الهدف .
أمس أوقَفَني الجنودُ على الحاجزِ الأوَّلِ، والذي لا يَبْعُدُ سوى بضعةِ أمتارٍ عن مدخلِ بيتِنا، ولأنّـهُمْ مجموعةٌ جديدةٌ غيرُ تلكَ التي خَدَمَتْ على الحاجزِ طَوالَ الأشهرِ الثلاثةِ السّابقة، فقد بالَغوا في تفتيشِ حقيبةِ كُتُبي، وسألوني عن اسمي، فقُلْتُ لهم: اسمي فلسطين .
نظرَ أحدُهُمْ في ورقةٍ بين يَدَيْهِ، وقالَ: لا يُوجَدُ أحدٌ من سُكّانِ البيتِ الَّذي خَـرَجْتِ منهُ لهُ هذا الاسمُ، وذَكَرَ أسماءَ أهلي اسماً اسماً، ومِنْ ضِمْنِ الأسماءِ ذكَرَ اسمي " سماء ".
قلتُ لَهُ : هذا اسمي .
كَشَّرَ في وجهي، وقال: قُلْتِ إنَّ اسمَكِ فلسطينُ، فابْتَسَمْتُ، وقُلْتُ لَهُ :
- نعمْ، فأنا سماءُ فلسطينَ، ولي أسماءُ أخرى كثيرة .
نظرَ إليَّ دونَ أنْ يفهَمَ، وقال: في الـمَرَّةِ القادمةِ قولي اسْـمَكِ المكتوبَ هنا .
لم أُعَلِّقْ، وترَكَني أُواصِلُ طريقي، لكنَّ جنودَ الحاجزِ الثاني أَوْقَفوني، وطَلَبوا مـنّي أنْ أَعودَ إلى البيتِ، قالوا: هناكَ أولادٌ قَذَفونا بالحجارةِ، وعليكِ أنْ تَعودي إلى بيتِكِ .
رَفَضوا الاسْتِماعَ إلى احْتِجاجي على مَنْعي من الوصولِ إلى مدرستي، فتظاهَرْتُ بأنَّني سأعودُ، تَراجَعْتُ بِضْعَ خُطواتٍ، ثمَّ غافَلْتُهُمْ، وركَضْتُ تِـجاهَ مدرستي، فصاحوا عَلَيَّ ، لكنّني لم أتوقَّفْ، واخْتَفَيْتُ عنهمْ خلفَ بيتٍ يَسكُنُهُ مُستوطِنون .
أطَلَّ مُسْتَوطِنٌ أعْرِفُهُ مِنْ شُرْفَةٍ في الطّابِقِ الثّاني، فَشَتَمَني، وقَذَفَني بِـحَـبَّةِ طَماطِم فاسِدَةٍ، أصابَتْ كتفي، فانْتثَرَتْ عُصارَتُـها على سُتْرَتي البيضاءِ، ووَسَّخَتْها تمامًا .
غَضِبْتُ، وَشَتَمْتُ الـمُسْتَـوْطِنَ، وقاوَمْتُ رغْبَةً قوِيَّةً بالبكاءِ، ثُـمَّ واصَلْتُ رَكْضي .
في المدرسةِ أخَذَتني المديرةُ إلى حُجْرَتِـها، ساعَدَتْني على تَنْظيفِ سُتْرَتي، وقَبَّلَتْ رأسي، طالِبَةً مِنّي ألا أحزنَ، لأنّني بنتٌ شُجاعَةٌ، وحَريصَةٌ على الحُضورِ إلى المدرسةِ .
حينَ خَرَجْتُ من غُرفةِ المديرةِ، كُنْتُ قد هدأت كثيراً، حتى أنّني أخذتُ أفكرُ في الاسْمِ الّذي سَأقولُهُ للجنودِ عندما يَسْألونَني، وأنا في طريقِ العَوْدَةِ، عَنْ اسمي: هلْ سأختارُ سماءَ، أم فلسطينَ، أم تحريرَ، أم حُرّية، ... أمْ أنّ عليّ أنْ أختارَ اسماً جديداً يُضافُ إلى أسمائي الكثيرةِ ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق