ماذا تأكل
الديناصورات ؟
قصة :
طلال حسن
1
ـــــــــــــ
ﻻن رأسه
صغير جدا ، بالنسبة إلى جسمه الضخم ، فان مخه صغير جدا ، ولذلك فان ما يدركه ،
وبالتالي ما يعرفه ، قليل ، قليل جدا .
ولأنه ديناصور يحب الأكل ، فانه أراد أن يعرف
ماذا تأكل الديناصورات ، وطبعا لا احد يعرف ذلك ، في رأيه ، غير أمه ، فهي ، كما يرى ، ديناصورة
.
وذات صباح ،
والديناصورة الأم تستعد للخروج ، اعترضها الديناصور الصغير ، وسألها : ماما ، ماذا
تأكل الديناصورات ؟
وابتسمت الأم ، وقالت
: أنت ديناصور ، ماذا تأكل ؟
فقال الديناصور
الصغير : أنا أكل الأعشاب ، الأعشاب الندية ، وهي لذيذة جدا .
وقالت الديناصورة الأم
، وهي تتجه إلى المدخل : وهناك ديناصورات ﻻ تأكل الأعشاب
نهائيا .
فتساءل الديناصور الصغير
، وهو يلحق بها : ماذا تأكل إذن ، يا ماما ؟
فخرجت الديناصورة الأم
، وهي تقول : فكر أنت ، وحاول أن تعرف ، إنني مستعجلة الآن ، وحين أعود أخبرك بما
لم تعرفه .
ومضت الديناصورة الأم
بخطوات سريعة ، فالشمس قد أشرقت ، وعليها أن تحصل على ما تأكله ، ثم عليها أيضا ، أن
تأتي لصغيرها بعض الأعشاب الندية اللذيذة التي يحبها .
2
ــــــــــــــــ
جلس الديناصور الصغير ،
في باب الوكر ، يراقب ما حوله ، وما يمر به من كائنات حية مختلفة ، وراح بينه وبين
نفسه يصنفها بحسب ما تأكله من طعام .
مر ثعلب من بين الأشجار
، وتوقف محدقا فيه ، فقال الديناصور في نفسه : هذا اللعين يأكل اللحوم ، ولو كنت
اصغر من حجمه ، أو كان هو اكبر من حجمي ، لفتك بي ، وكلني .
ومر دب ، وحصان ،
وغزالة ، وحتى نملة صغيرة ، فكان يصنفها بحسب معرفته ، ومن يدري ، ربما كان تصنيفه
لبعضها خطا ، و ..لا عجب فرأسه وكذلك مخه صغيران ، صغيران جدا ، وبمثل هذا
المخ ، الذي لا يزيد حجمه عن حجم مخ الكلب ، من الصعب أن يعرف أشياء كثيرة ، وخاصة
ما تأكله الديناصورات .
وقبل منتصف النهار ، أقبلت
ديناصورة من نوعه ، وفي عمره تقريبا ، وحين رأته يجلس بالباب ، توقفت ، وحيته
قائلة : طاب يومك .
ونهض الديناصور الصغير
فرحا ، ورد قائلاً : أهلاً ومرحباً بكِ .
فقالت الديناصورة
الصغيرة : الجو جميل الآن ، تعال نتجول في الجوار .
وقال الديناصور
الصغير : أنا اعرف الطرق هنا ، هيا نتجول ، وﻻ تخافي
، فانا معك .
وسار الديناصور
الصغير ، والى جانبه سارت الديناصورة الصغيرة ، مبتعدين عن الوكر ، وهما يتبادﻻن الحديث
وقال الديناصور
الصغير : سألت ماما عما تأكله الديناصورات ، وﻷنها
كانت مستعجلة ، فلم أعرف منها إلا القليل جداً ، ومنها إننا نأكل اﻷعشاب .
فقالت الديناصورة الصغيرة
: نحن الذين نأكل اﻷعشاب
، ديناصورات مسالمة ، لكن هناك ديناصورات أخرى قاتلة ، سفاكة للدماء ، تأكل اللحوم
وهذه كما تقول ماما يجب أن نخشاها ، ونبتعد عنها .
وتوقف
الديناصور الصغير وقال : هذا ما لم أعرفه يا للديناصورات المتوحشة .
واستطردت الديناصورة
قائلة : وبعضها تأكل الرمم ، أي الحيوانات الميتة ، وبعضها ، ـ تصور كم هي متوحشة ـ تأكل ديناصورات من نوعها
، إذا كانت جائعة جدا.
وجلس الديناصور
الصغير تحت إحدى اﻷشجار وقال : لنجلس هنا ونرتاح قليلا .
وجلست الديناصورة
الصغيرة إلى جانبه وقالت : علينا أن نعود
إلى الوكر بعد أن نرتاح .
3
ـــــــــــــ
فوجئ الديناصوران ،
وهما يجلسان يرتاحان تحت الشجرة ، بديناصور غريب ، صغير الحجم ، عيناه كبيرتان ،
وأسنانه مخيفة ، يتوقف على
مقربة منهما ، ويحييهما قائلا : طاب يومكما ، أيها الصغيران .
ورفعا إليه رأسيهما
مذهولين ، فرد الديناصور قائلا ، وهو يحدق فيه : طاب يومك .
ونهضت الديناصورة
الصغيرة ، وقالت بصوت مترددا : أهلا ..
أهلا .
وحدق فيهما الديناصور
الغريب ، بعينيه الكبيرتين المخيفتين ، وقال : أنتما صغيران ، ولا أدري كيف خرجتما ، ووصلتما إلى هذا المكان .
وﻻذت الديناصورة الصغيرة بالصمت ، فتشجع الديناصور الصغير ، وقال : لسنا
صغيرين ، وخاصة أنا ، ربما هي صغيرة بعض الشيء ، لكن .. أنا .. أنا معها .
وكشر الديناصور
الغريب عن أسنانه المخيفة مبتسما ، وقال : ومع هذا فأنت ديناصور صغير ولذيذ .
وجف فم الديناصور
الصغير من الخوف ، وتأتا قائلا : أنا وهي ، نأكل الأعشاب ، أنت .. ماذا تأكل ؟
فرد الديناصور الغريب
قائلا : بحسب الظروف ..
وسكت لحظة ، ثم قال :
أحيانا آكل الأعشاب مثلكما ..
ثم طقطق بأسنانه
الرهيبة ، وقال : وأحيانا أكون ﻻحما ، فآكل اللحوم وخاصة لحوم الصغار ، فهي
لو تعلما تكون لذيذة جدا .
وعلى غير اتفاق ،
انتفض الديناصوران ، وأطلقا سيقانهما للريح ، وﻻذا
بالفرار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق