بقلم: رضا سالم الصامت
في يوم من الأيام ، قرر
فيل ضخم أن يسحق عش نمل قريب منه و لما شاهدوه
مارا نحوهم خافوا و انتابهم الرعب و الفزع
تقدم كبير النمل لهم
قائلا : لا تفزعوا يا معشر النمل اهدأوا و لا
تخافوا
دعونا نفكر بحكمة وعقل
رصين ، وكيف نصد هجمة هذا الفيل المتغطرس
الذي يريد بنا شرا
فقالت له نملة صغيرة : و
لكن ... يا سيدي ، يا كبير النمل كيف لا تريدنا
أن نفزع و نخاف من فيل كهذا ضخم الجثة ، سيقضي
علينا ؟
رد كبير النمل : لا تخافي
يا ابنتي ؟
صحيح ، إنه أقوى منا و لا
نقدر عليه ، لكن بالاتحاد يمكن أن نجعله يفر
ويتراجع و لا نتركه يمر على أعشاشنا ، و
بالتالي يمكننا التصدي لغطرسته و هيجانه و
نهزمه شر هزيمة رغم اننا سندفع ثمنا باهظا في
استشهاد بعضنا أثناء المعركة
قالت النملة الصغيرة :
كيف ؟
أجابها كبير النمل :
سنكون ثلاثة مجموعات تكون مهمتهم مهاجمة
الفيل الضخم و لكن يجب أن نتحد و ننضبط و ننفذ
التعليمات كما تأتيكم مني باعتباري كبيركم و
لي تجربة ثرية في هذه الحياة، و بأقل الخسائر
قبل كل شيء، علينا أن
نعرف نقاط ضعف الفيل ...و هي كما تعلمون أرجله
و عينيه، و خرطومه الطويل..
وسلاح الفيل خرطومه
فاحذروا ضرباته ، أما سلاحنا فهو الصمود
والقرص و أوصيكم أن تقرصوه في كل جسده و لا
تخافوه و لا تهابوه و صرخاته لا يجب أن تؤثر
فيكم و لا عليكم
شرع كبير النمل في تكوين
المجموعات الثلاثة، و أعطى الإذن للمجموعة
الأولى كي تستعد للقيام بمهمتها و هي الصعود
على ظهر الفيل في انتظار تعليمات كبير النمل
أما المجموعة الثانية
فقد أوكل إليها مهمة الاختباء تحت الأرض عند
مرور الفيل و في انتظار تعليمات كبير النمل
و المجموعة الثالثة و
الأخيرة، فمهمتها تسلق أغصان الأشجار في
انتظار التعليمات كذلك من كبير النمل
الفيل لا يعرف ما ينتظره
، فهو يمر كعادته ببطء و حذر ليسحق النمل
وهذا هدفه
لكن
عندما وصل إلى مكان تواجد النمل... أعطى كبير
النمل إشارة لتنفيذ المهام الأولى من
المجموعة الأولى في المكان المناسب وفجأة
هبت جموع النمل في هجمة منظمة من أمام الفيل
و من خلفه و بأعداد كثيرة فاجأت الفيل و
أدخلت فيه الذعر و أخذ يهاجم النمل بكل ثقة
في النفس ، متباه بقوة جسده وبدأ يلوح
بخرطومه يمنة و يسرة وهو يصرخ سأبيدكم عن
آخركم أيتها الحشرات اللعينة
كبير النمل كان يراقب
المعركة عن قرب و يوجه تعليماته للمجموعة و
لم يستطع الفيل توقيف هجمة النمل هذه و لم
يتوقع تحركا كهذا من قبل النمل فبدأ يتعب و
ينهار و تيقن أن حساباته كانت مغلوطة رغم أنه
الأقوى و لم يعد يحتمل و بدلا من أن يهاجم
أصبح يدافع عن نفسه ،وكان النمل صامدا بفضل
تعليمات سيدهم كبير النمل
نجح النمل في الصعود على
ظهر الفيل و بدأوا في قرصه في مختلف جسمه و
بشدة مما سببوا له تقرحات بعد القرص و جروح .
وقتها عرف الفيل انه فشل نتيجة غروره و لن
يتمكن من التغلب على النمل و حز في نفسه و قال
: سوف أهلك و أموت أن استمر هجوم النمل علي
بهذه الطريقة الشنيعة و يجب علي أن انسحب قبل
فوات الأوان و أحفظ ماء وجهي و بينما هو كذلك
أعطى كبير النمل و سيدهم التعليمات للمجموعة
الثانية و التي أسرعت في تنفيذ مهمتها و
فاجأت الفيل عندما برزت بأعداد كثيرة منظمة
من تحت الأرض و هاجمت أرجل الفيل مما نتج عن
ذلك جروح بسبب القرص جعلته ينهار و يسقط أرضا
بدأ الفيل يستغيث أمام
مخلوق ضعيف هو النمل و قال : كفى أيها النمل
دعوني و شأني لن أتعرض إليكم في المستقبل
لكن كبير النمل لم يصدقه
، و قرر تنفيذ الهجمة الثالثة و الأخيرة و
أعطى إذنه بتحرك مجموعته الثالثة لبدء
الهجوم الأخير على هذا الفيل المستبد و
المتغطرس
و بينما الفيل يلوح
بخرطومه الطويل يمنة و يسرة في محاولة منه
لإسقاط أكثر عدد من النمل من على جسده إذ
بالمجموعة الثالثة تفاجئه من بين أغصان
الأشجار فتقرصه في عينيه و أذنيه الكبيرتين....
صاح الفيل من شدة الألم : رباه رباه إني لا
أرى شيئا
سمعه
كبير النمل و تقدم نحوه بكل شجاعة وقال له :
أيها الفيل اللعين، أيها الغافل المتغطرس
المغرور رغم ضعفنا و قصر قامتنا ، قد لقناك
درسا سوف لن تنساه أبد الدهر حتى لا تعاود
الكرة ثانية و التهجم على أعشاش نملنا
المسالم و دهسهم بأرجلك الغليظة و افهم أننا
من الآن أقوى منك و هذا بفضل اتحادنا
سمع الفيل كلام كبير
النمل و قال له : أعدك سوف لن أعاود أي هجوم
عليكم يا معشر النمل وسوف أترككم و شأنكم
تعيشون في سلام و طمأنينة... ورفع الفيل
الراية البيضاء و انسحب من المكان مهزوما و
حزينا
أما كبير النمل فقد تم
رفعه على الأكتاف و هم سعداء بنصرهم على هذا
الفيل الطاغية القوي و الظالم.. و غادر الفيل
المكان حاملا معه الخيبة و الهزيمة مطأطئ
الرأس كجبان
هكذا يا أصدقائي الصغار
تنتهي قصتنا و هي عبرة لمن يعتبر لكل ظالم
مستبد يقوى على الضعفاء و قصة الفيل القوي و
النمل الضعيف تبين لكم أن بفضل الاتحاد صار
العكس الضعيف قويا و القوي ضعيفا
المصدر: مجلة الفاتح للأطفال العدد : 250 / 15 أغسطس 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق