صديقى السيد قشطه
أسماء عبد المحسن عبد المجيد على
لم أصدق بأن صديقى" السيد قشطه" ، يذهب كل ليله إلى محصول جارنا الطيب ، ويأكل
من محصوله ، كما يقول الجميع ، وكلما
سألته يقول لا .ولكنى لاحظت أن محصول جارنا، يقل يوما بعد يوما .وفى منتصف الليل
هذا الوقت المفضل، لتناول فرسان النهر ، طعامهم ، اكتشفت صدق
كلامهم ، وكذب صديقى ،عندما رأيته يأكل ما
تبقى من محصول القمح ، ثم يذهب إلى ما يجاوره
من محصول قصب السكر ، وعندما امتلأت بطنه ، راح يشرب مياهًا كثيرة ، وبعدها
راح يسبح بمهارة ليس لدى أحد منا ، لقد حزنت كثيرا ، وعندما واجهته ،
رد على ضاحكا وقال :
أنت تعلم ياصديقى ، أننا فرسان النهر ، نعشق أكل القمح وقصب السكر .
تعجبت كثيرا من رده ورحت اقول منفعلا :- لقد كذبت على ، وما
فعلته خطأ كبير، ومن حقى أن أخبرك بذلك لأنك صديقى ، ليعلو صوته على ويقول : لست
فى حاجه لطائر صغير مثلك ...
لا أصدق ما سمعت ، فتركته ورحت أطير بعيدًا، لا أعلم إلى
أين ، وعشت ليالى حزين ، إلى أن وجدت سيد قشطه اخر ، طيب القلب ، طلب منى تنظيف
جسده من الحشرات وأكلها ، فهى غذائى المفضل ،
وراح يدلنى على عائلتى ، من طيور القراد الصغيره ، الذين
يعيشون هنا بكثره ، وصادقت وتزوجت أيضا ، وذات يوم التقيت بأحد اصدقائى
القدامى،أبو فصاده فففرحت لمقابلته جدًا
وقال : فالكل قد
قطع صلته بالسيد قشطه ، بعدما أهانك هكذا ،
فقلت : وما أخباره الآن ؟
فيضحك أبو فصاده ويقول :أنه يعانى من الجرب، فبعد ما
تركته ، قاطعه الجميع حتى طيور القراد كلها ، فملأت الحشرات جسده ، فراح يلقى
بنفسه فى الطين والوحل ، وبدلاً من طردها ازدادت،
وذهب الى قرود طبيب الغابه ، الذى طلب منه أن يجلس ساعتان يوميا تحت أشعة
الشمس ،
فقلت مندهشا : ولكن فرسان النهر ، لا تتحمل أشعة الشمس.
فرد أبو فصاده وهو يضحك وقال :وهذا ما حصل ، فبمجرد أن
جلس ساعه فقط تحت أشعتها
اصيب بجروح كثيره. وهو الآن يتالم كثيرا، والغريب أن جارنا هو الذى راح يعالجه
، شعرت بضيق شديد على السيد قشطه ، ولم اعرف
ماذا افعل ،وكيف اسامحه على إهانته لى
، ارسلت له طائر من اهلى، يأكل الحشرات
التى تملأ جسده . وكنت أطمئن عليه من بعيد .
كان السيد قشطه يذهب كل ليله ، إلى مكاننا المفضل ،
يتذكر كل شئ، ثم ينادى على ، كنت اسمعه ولكن لم أرد،
وذات ليله رحت اشكى ، لزوجتى سبب حزنى، وفى هذه اللحظه سمعت نداؤه لى ، لتطلب منى الرد عليه ، فأنا وحدى الذى يسمع نداؤه ،
فرديت عليه وقلت : ماذا تريد منى ولماذا تزعجنى ؟؟
لم أصدق أن يبكى السيد قشطه ، ويعانقنى ، بل ظل ساعة
،يعتذر ويرجونى ،أن اسامحه ،
فقلت : اسامحك فقط كى لا تنادى على ، وتزعج زوجتى
واولادى ، ليتنطط السيد قشط من الفرحه ، عندما سمع ذلك ، وأصر على المجئ معى
والتعرف عليهم،
مرت الأيام، والسيد قشطه قد تخلص من الحشرات والجروح ،
واعتذر للجميع .. وذات ليله أخبرنى أنه يعرف ، أننى من أرسل له هذا الطائر. وشكرنى
كثيرا،
وراح يأكل الأعشاب الكثيره التى تفرش أرضنا ، وإن كان لايزال يقول : أن القمح وقصب السكر هما الألذ والاطعم
، فنضحك دائما ، من خفة دم صديقى السيد قشطه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق