لمن تشرق الشمس ؟
طلال حسن
اطلنطا
ـــــــــــــــــــ
ضجّ أهالي أطلنطا ، عندما احتجبت الشمس ، وتجمعوا في الأزقة والشوارع
والميادين ، فقال أحدهم : يا للآلهة ، هذا نذير شؤم .
وقال آخر : نحن لا نستطيع أن نحيا ،
بدون الشمس ، يجب أن نفعل شيئاً .
فقال رجل مسن : لنمض ِ إلى الملك .
ومضى أهالي اطلنطا إلى الملك ، وهم
يهتفون : نريد الشمس .. نريد الشمس .
فأطل الملك من شرفة القصر ، وخاطبهم
قائلا : أبنائي ، اطمئنوا ، لن ندع الشمس تحتجب عن اطلنطا .
وفي الحال ، اجتمع الملك إلى الكاهن
الأعظم ، وقائد الجند ، ورئيس التجار ، وقال لهم : إن الوضع خطير في اطلنطا ،
فأشيروا عليّ ، ما العمل ؟
الكاهن الأعظم
ــــــــــــــــــــــــــ
قال الكاهن الأعظم : إن الآلهة غاضبة ، يا مولاي ، فلنصلّ جميعاً ، لعلها
تشفق علينا ، وتسامحنا ، وتجعل الشمس تشرق ثانية .
وأشعل الكاهن الأعظم البخور في
المعبد ، وصلى مع الكهنة وجموع الناس ، ورفع يديه بالدعاء إلى الآلهة ، لكن الشمس
لم تشرق فوق اطلنطا .
قائد الجند
ــــــــــــــــــــــ
تقدم قائد الجند من الملك ، وقال : إن الشمس ، يا مولاي ، لا تفهم غير
القوة .
ثم وضع يده على مقبض سيفه ، وقال :
ستشرق الشمس بحد السيف .
ومضى قائد الجند ، على رأس جنده ،
إلى أعالي الجبال ، وصاح بصوت حازم : أيتها الشمس ، أشرقي .
فأطل القمر من احدى القمم ، وقال :
الشمس لن تشرق بأمر من أمثالك .
واحتد قائد الجند ، وصاح بأعلى صوته
، وهو يشهر سيفه : ستشرق بحد السيف .
فردّ القمر قائلاً ، وهو يختفي وراء
القمة : إن سيفك لا يخيف سوى الضعفاء .
وعبثاً اندفع قائد الجند غاضباً ،
يتقدم جنده ، وهو يلوح بسيفه ، وسرعان ما استسلم لليأس ، وعاد خائباً .
رئيس التجار
ــــــــــــــــــــــــــــ
انحنى رئيس التجار للملك ، وقال : مولاي ، إن الشمس لن تشرق بالسيف وحده .
واحتد قائد الجند ، وهمّ أن يرد عليه
، لكن الملك أشار إليه أن يلزم الصمت ، وقال لرئيس التجار : اذهب إلى الشمس ،
لعلكم تقنعها بأن تشرق .
ومضى رئيس التجار إلى أعالي الجبال ،
ووقف أمام الشمس ، وقال : أيتها الشمس العظيمة ، أشرقي ، ليبقى الرخاء في اطلنطا .
وحدقت الشمس في رئيس التجار ، وقالت
: أي رخاء هذا ، وعمال اطلنطا وفلاحوها يحيون في فقر مدقع .
وابتسم رئيس التجار ، وقال : لكن
بدون هذا الرخاء ، لن يحيوا أبداً .
واحتدت الشمس قائلة : عد من حيث أتيت
، إنني لن أشرق إلا إذا عمّ الرخاء اطلنطا كلها .
رسالة
من حي الفقراء
ـــــــــــــــــــــــــــ
فوجئت الشمس يوماً بالقمر ، يقول لها : أرجوك ، أشرقي فوق اطلنطا .
وردت الشمس عليه متعجبة : لكن اطلنطا
لم تتغير بعد .
فقال القمر : كنت البارحة فوق حيّ
الفقراء ، فسمعت طفلاً صغيراً ، يطلب من أمه كسرة خبز ، فقالت له أمه ، اصبر ، يا
ولدي ، ستشرق الشمس غداً ، وسيذهب أبوك إلى العمل ، ويأتيك بكل ما تريد .
واحتجت الشمس قائلة : ستبقى اطلنطا
على حالها إذن .
فقال القمر بحماس : لا يا عزيزتي ،
إن الفقراء يتململون ، أشرقي وسترينهم ينهضون ، ويصنعون العالم الذي يحلمون به .
الشمس
تشرق للأطفال
ــــــــــــــــــــــــــ
استيقظ الطفل مبكراً ، وصاح بفرح : ماما ، انظري .
وفتحت الأم عينيها متسائلة : بنيّ ،
ما الأمر ؟
فصاح الطفل فرحاً : الشمس أشرقت .
ومن كوة في أعلى الجدار ، أطلت الشمس
، فالتفت الطفل إلى أمه ، وقال : ماما ، إنها تبتسم لي .
فضمت الأم طفلها بذراعيها المحبين ،
وقالت : إن الشمس تحبك ، يا عزيزي ، وهي تشرق لك ، ولكل الأطفال في العالم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق