الديناصور
الصغير
بقلم : طلال حسن
1
ــــــــــ
اندس الديناصور الصغير في أحضان أمه ، وقال
بصوت هامس : ماما ..
وتحسسته أمه بيديها ،
وقالت دون أن تفتح عينيها : يداك وساقاك باردتان .
وتابع الديناصور
الصغير قائلا : يبدو أن جدي كان على حق ، يا ماما .
وفتحت الديناصورة اﻷم عينيها ، وقالت لابد أنك خرجت من الوكر ، أثناء نومي .
ومرة أخرى ، تابع
الديناصور الصغير قائلا : غابة الديناصورات العملاقة موجودة حقيقة .
واعتدلت الديناصورة اﻷم ، وقالت : جدك كان خرفا .
فنهض الديناصور
الصغير ، وقال : لقد رأيته ، الديناصور
العملاق .
وقالت الديناصورة اﻷم : ما تراه في المنام ، ليس حقيقة ، إنه حلم .
فقال الديناصور
الصغير : لم أره في المنام ، وإنما قرب اﻷرض الموحلة ، يأكل
العشب .
وتوقفت الديناصورة اﻷم ، قرب مدخل الوكر ، وقالت : لقد جننتَ ، ابق في الوكر ، حتى أعود ،
وسآتيك ببعض الطعام من الغابة .
2
ـــــــــــ
خلال مشيها نحو المرج
المعشب ، والعديد من الديناصورات تسير حولها ، كانت مستغرقة بالتفكير بصغيرها .
وفكرت أن هذا المجنون
، الذي أخذ الشيء الكثير من جده ، يزداد جنونا ، ووصل به الجنون هذه المرة ، أن
يخلط بين الحلم والحقيقة ، فيقول بأنه رأى ما تحدث عنه جده ، رأى ديناصورا عملاقا.
وانتبهت الديناصورة اﻷم إلى الديناصورة جارتها ، تقترب منها ، وتقول لها : طاب يومك ، يا جارتي .
والتفتت إليها ، دون
أن تتوقف ، وردت قائلة : أهلا ومرحبا .
ثم أشارت إلى من
حولها ، وقالت : أراهم مهمومين ، عمّ يتحدثون ؟
فردت الجارة قائلة :
إنهم يتحدثون عما سمعوه في الليلة الماضية .
وتراءى لها صغيرها ،
فتساءلت : ماذا سمعوا في الليلة الماضية ؟
فقالت الجارة : سمعوا
ما يشبه صوت ديناصور ، ولكنه ليس من نوعنا ، وبدا وكأنه ديناصور عملاق .
وتراءى لها صغيرها
ثانية ، فقالت : هذا وهم .
فقالت الجارة : أنا
أيضا سمعته ، وكان فعلا وكأنه صوت ديناصور عملاق .
وتوقفت الديناصورة اﻷم ، ثم استدارت ، وقفلت عائدة إلى الوكر .
وصاحت جارتها ، دون
أن تتوقف : المرج قريب ، إلى أين ؟
ودخلت الديناصورة
الأم إلى الوكر ، لتطمئن على صغيرها ، وتتحدث إليه عما قاله ، لكن الديناصور
الصغير لم يكن موجودا في الوكر ، وتوقفت
متسائلة : ترى أين ذهب ، هذا المجنون ؟
3
ــــــــــ
عمّ الخوف والقلق
الجميع ، حتى ملك الديناصورات نفسه ، كان قلقا ومنهمكا ذلك الصباح ، يذرع الوكر
ذهابا وإيابا وزوجته الديناصورة تراقبه .
وتوقف الملك ، وقال
لزوجته الديناصورة : أقول لك ، لقد سمعته بنفسي .
فقالت الديناصورة
: وأقول لك ، هذا وهم .
فقال الملك بشيء من
الضيق : لم أسمعه وحدي ، لقد سمعه الكثيرون .
وقالت الملكة : إنهم
مثلك واهمون .
وأقبل أحد مرافقي
الملك مسرعا ، وقال : مولاي ، في المدخل ديناصور صغير ، يقول أنه رأى ديناصورا
عملاً عملاقا .
وأسرع الملك إلى
المدخل ، وهو يقول : تعال معي ، يجب أن أرى هذا الديناصور .
وهزت الديناصورة
رأسها ، وقالت : إنه يصدق الصغار
هذه المرة .
وعند المدخل ، توقف
الملك متسائلا: أين هذا الديناصور الصغير ؟
فتقدم الديناصور
الصغير منه ، وقال : مولاي ..
فانحنى الملك عليه ،
وسأله : حدثني ماذا رأيت ؟
فقال الديناصور
الصغير : خرجت من الوكر ، قبل شروق الشمس ، فقد سمعت صوتا في الليل ، ورأيته ..
الديناصور العملاق .. يأكل العشب في مرج ، قرب اﻷرض
الموحلة .
فقال الملك : خذني إليه .
4
ــــــــــ
وصلوا المرج ، يتقدمهم
الديناصور الصغير ، والملك وزوجته ، ومن ورائهم عشرات الديناصورات ، وتوقف
الديناصور الصغير وسط المرج ، وإلى جانبه توقف الملك وزوجته ، وتلفت الديناصور
الصغير حائرا ، فمال الملك عليه ، وقال : أين الديناصور العملاق؟
ورد الديناصور الصغير
، وهو ما يزال يتلفت حائرا : مولاي ، رأيته هنا .
وهزت زوجة الملك
رأسها ، وقالت : بدأنا نصدق الصغار .
فقال الملك منزعجا :
لقد سمعته أنا نفسي ، كما سمعه الكثيرون .
فقالت زوجة الملك ،
وهي تتأهب للسير : لقد رأيت بنفسك ، هذا كله وهم ، لنعد إلى الوكر .
واستدار الملك محبطا
، وقبل أن يخطو في طريق العودة ، سمع أحد الديناصورات يصيح : مولاي .. مولاي ..
وتوقف الملك متسائلا
: ما اﻷمر ؟
ورد أحد مرافقيه :
ديناصور رأى شيئا غريبا في اﻷرض الموحلة .
وأسرع الملك ، ومن ورائه زوجته ، والديناصور الصغير ،
وعشرات الديناصورات ، إلى حيث يقف ذلك الديناصور ، ورأوا ما أذهلهم ، رأوا على اﻷرض الموحلة ، آثار أقدام عملاقة ، فقال الديناصور الصغير : مولاي .
فقال الملك : إنها
آثار أقدام عملاق فعلا ، لابد أنه قدم من .. غابة الديناصورات العملاقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق